شعب مخلص بروح مدنية حتى لو صدرت الفتوى من رجل دين.. فالحق مطلق.. لا يتمفصل نسبيا بين مذهب ومعتقد
الهزيمة المخزية، التي مني بها الجيش العراقي، أمام عصابات (داعش) الإرهابية، لمجرد سماعه بمقدمهم، من دون أن يراهم إزاءه؛ أسفرت عن نتائج طيبة، رصنت البنية الوطنية للشعب؛ فـ “رب ضارة نافعة”.
أثبت العراقيون، أنهم ذوو كلمة سواء، بتوحدهم إمتثالاً لفتوى الامام علي السيستاني.. دام ظله، في (الجهاد الكفائي) لتحرير الموصل وتكريت والرمادي، من دنس المغتصبين، منذ عام مَرَ مُراً بطعم العلقم يحنظل الريق!
أكد العلماني والليبرالي والشيوعي والوجودي وغير المسلم والسني والشيعي، من ألوان طيف العراق كافة، أن السيستاني قائد مدني، مثلما هو إمام ديني، أجاءهم الى موقف وطني إنصهرت فيه الإنتماءات الفئوية، تصب داخل الآية الكريمة “إن الله يحب ان تقاتلوا صفا”.
10 ليرات
تقترن فتوى (الجهاد الكفائي) برسالة شعلان أبو الجون، وهو موقوف في مركز شرطة (السماوة) يوم 30 حزيران 1920: “إبعثوا لي عشر ليرات ذهب” لأن (حسجة) الرجال، تستقي بناءها العميق من معاني القرآن الذي يشكل مصدرا موحى من الله.. جل وعلا، الى البشر، يحمله الملاك جبرائيل، الى الرسول محمد.. صلى الله عليه وآله..
الارجح يهرب
الحرب سقطة الوعي من فضاء التأملات الرفيعة، الى غيابة بئر هوجاء، ينتفي فيها المنطق، ويستحيل الباطل حقا، بقوة السلاح، وليس دعامة الحجة.
الحرب التي شنتها عصابات (داعش) وفر على أثرها جيش تفترض به الارجحية في التنظيم والتخطيط والتنفيذ والتسليح والتدريب، حققت قيمة لوطنية المدني.. البسيط، على العسكري والسياسي، اللذين يستنفدان حصة الاسد من ميزانية الدولة.
علف شيطاني
شعب (يعلف) جيشا يهينه في السيطرات.. داخل المدن وينفق على رفاه ساسة مبطرين، لا يعنون بشؤونه؛ إنتخى بنفسه، مستجيبا لفتوى الامام السيستاني، من خلال تشكيلات الحشد الشعبي وفصائل المقاومة؛ محررا المدن التي هرب منها الجيش، عائدا الى مراكز المحافظات الآمنة، يواصل الإعتداء على المواطنين المسالمين، من دون سبب، وتلقي ثلاث وجبات طعام وشراب من الدرجة الاولى، بينما الحشد والفصائل من دون غذاء ولا رواتب.
كفى بالله شهيدا، على تفاني الجائعين، من أبناء العراق المخلصين، وهم يذودون عن رخاء ساسة طغاة، يتمتعون بخير العراق وحدهم والشعب المقاتل محروم.
هل نتعظ؟
“كثيرات النوائب علمني.. صديقي من عدوي علمني” فهل سنستفيد من دروس (سبايكر) و(الموصل) وسواها؛ في إحترام شعب قاتل نيابة عن جيش مخزٍ وساسة متآمرين؟
– أشك!
لكنني إستفدت فضيلة الخروج بنتيجة أصبحت جزءا من سياقات حياتي العملية والاجتماعية، هي ان ألوان الطيف الرافديني متجاذبة، لم تتنافر يوما، ولن تتشتت بؤرة الضوء المارة عبر موشور العراق، بدليل المقاتلين المدنيين يلحقون هزائم بداعش التي هزمت الجيش النظامي.
والسر يكمن في العقيدة؛ إذ أن من تطوع إستجابة لنداء الوطن، المتمثل بفتوى (الجهاد الكفائي) الصادرة عن السيد آية الله علي السيستاني، أنتظم في تشكيل عقائدي، يقاتل مخلصا، بينما الجيش.. فر قبل النفخ في الابواق؛ لأنه يتواجد، في تشكيلات تنتظر وصول سيارة الطعام ومحاسب الرواتب، وهنا تتساوى الشجاعة والجبن؛ لأنهما ليسا قضية الجيش.
رهط مصطف
لكننا لن نتعظ، ولسوف يعيد الساسة التآمر على الوطن، كلما إستدعت مصالحهم إرعاب جيش مهزوز من جذوره أصلا! فتبا لجبناء خونة، وتحية لشعب مخلص بروح مدنية، حتى لو صدرت الفتوى من رجل دين؛ فالحق مطلق، لا يتمفصل نسبيا بين مذهب ومعتقد.
وستظل دماء الشهداء.. في سبايكر وما سبقها وتلاها من معارك تحرير المدن المحتلة، تنشد الثأر بكامل ثغرها؛ فلنا في تلك الهزيمة، نعمة توحد ألوان الطيف العراقي، وراء كلمة سواء، إنتظم بموجبها الجميع.. رهطا يصطف في حضرة السيد العراق.