كذابون لااخجل حتى من شتمهم , وعدونا بلباس يستر عوراتنا ومازلنا نركض عراة, ارتضينا خدوش قذف الحجارة فكان الرصاص بديلا عنها, افواهنا كانت مغلقة لكنها تهمس بالانين, واليوم صارت مفتوحة لاتعرف سوى الصراخ من الالم , حلمنا ببزوغ شمس تطهر اجسادنا فسدّت العتمة عيون الافق ,لاسنابل تتمايل في الحقول, ولانهر يقبل المرور بالقفار ,فقد انحسر الفرات حزنا على جفاف دجلة .
وتمر السنون مسرعة تنهب ماتبقى من اعمارنا, نحدق في الخرائط بحثا عن الطريق فزدنا ضياعا في المتاهات ,نفدت الصلوات من كثرة تأسينا بها , وجفت الترانيم من ملل الاعادة , وهنا دب اليأس في النفوس وشعرنا بالامل قد تسرب من بين اصابعنا , وشيعنا المستقبل محمولا عل اكتاف المنهكين الى مقبرة ليس لها اسم او مكان .
لم نطرد الصباح يوما , ولم نغلق نوافذ بيوتنا بوجه الشمس , قاتلنا الجوع بخيوط التشبث بالحياة ,واصطفت حنايانا مع نبض الزمان , صمدنا خلف مانراه جبلا , لكنه لايصد ريح ولا يرد عليل .
بلادي اليوم محاصرة بين الغباء والبغاء , غباء سياسيين اوقدوا نيران الفتنة والطائفية , وحولوا الصفاء الى صدام دموي يفتك بالجميع , يحاولون اخمادها بالتصريحات , والنار لاتموت بالماء فقط.
والباغيات اقتحمن حدود بلادي متسربلات برداء اسود , تفوح من اجسادهن روائح كريهة محشورة بعبوات كتب عليها زورا وبهتانا (صناعة اسلامية ),باغيات يبتلعن الارض والبشر , لايعرفن غير مشاهد الحريق والدم.
الغباء يلهث وراء ربح المال وخسارة الناس , والبغاء يمتطي صهوة العهر متأهبا لحصاد الارواح ,كلاهما يحملان مناجل ذبح وطني المسجى اصلا على سرير الانعاش.
لااحد يكترث بمعاناتك يابلدي ,فالغباء والبغاء عشعشا في ثناياك وفرخّا اقزاما متوحشة ,وكلاهما يجيدان اطفاء الشمس كي يحل الظلام وتمتلئ الجيوب وتطفوالرؤوس على انهار الموت.
انها صورة مأساوية قاتمة السواد , لكن الحريق لم يلتهم بعد الارادات, وظلت يقظة للعبة المصائر المحددة سلفا , ولم تعد تلك المستسلمة للاقدار , فقد اعتلى اهلها ظهر السفينة من جديد , واصلحوا مجاذيفها المتكسرة ,
ورتقوا اشرعتها الممزقة ايذانا بالابحارمرة اخرى لعبور محيطات الفشل وجزر الظلام ثانية , ويفجروا الانوار في سواحل الامان المنتظرة ,ويعلنوا نهاية الغباء والبغاء ,.