ولقد وصلنا لهم القول لعلهم يتذكرون ” – 51- القصص-
عندما كتبنا عن شبكة ألآعلام العراقي ومشية العرنجل , وكتبنا عن عدم مناسبة عنوان برنامج ” دولة ألآنسان ” الذي يخلط بين المعنى القانوني والمعنى ألآنساني للدولة ,وكلاهما غير متحقق , وسطحية برنامج ” أشلون الصحة ” الذي لايدري أين وصل الواقع الصحي في العراق ولماذا يذهب العراقيون للعلاج في الهند وأيران ولبنان وتركيا وألاردن ؟ وأن فضائح الكادر الطبي تدخل موسوعة ألآرقام القياسية للذين يحبون تجميع ألآرقام دون ألآهتمام بمضمونها .
واليوم عندما نكتب عن ” ألآنتفاخ وألانسلاخ ” في برنامج ” دولة ألآنسان ” أنما نريد أيصال المعنى والمفهوم في هذا البرنامج ومتى مطابقته لواقع ألآنسان والدولة في العراق , ولايهمنا سواء أخذت أدارة القناة أو معد البرنامج بتصحيح نهجهما أم لم يأخذوا شأنهم شأن المؤسسات التي أفرغت الواقع العراقي الثقافي والسياسي من أخلاقية المبادئ فجعلتنا كالبعير المعبد يبتعد عنه الجيران ويسخرون منه كما فعل السعوديون أيام من سمى نفسه بالقائد الضرورة , حيث كان ألآمن السعودي على حدود عرعر يقومون بالطلب من الحجاج والمعتمرين جمع أموالهم العراقية في كيس يسلم لكل واحد ويقولون لهم بسخرية وأستهزاء وشماتة : فلوسكم مزورة ماتمشي عندنا أتركوها في هذه ألآكياس وعند الرجوع تأخذونها , ولا تدخلوا معكم ألآ الدولار ؟
ومثلما كان ألآنتفاخ وألآنسلاخ عن الواقع شيمة من صنعوا حرب الثمان سنوات التي أهلكت الحرث والنسل وجعلت نزلاء السجون المصرية يعيثون فسادا في العراق من خلال نشرهم المخدرات , كذلك يفعل من جاءوا بعد 2003 حيث ألآنتفاخ وألآنسلاخ عن الواقع العراقي شيمتهم , وأصبح من المستحيل على هؤلاء ألآنسجام مع الواقع العراقي وخدمة ألآنسان العراقي المحروم من أبسط الحقوق والخدمات , فطوابير المواطنين أمام شبابيك دوائر الجنسية والجوازات , والمحاكم , والدوائر العقارية , والضريبة , ودوائر التربية والتقاعد , والمصارف لايعني أن هناك دولة قانون , ولا يعني أن هناك دولة لهذا ألآنسان المقهور والمحروم والمظلوم , فعن أي دولة يحلو لصاحب برنامج ” دولة ألآنسان ” وهو يتمنطق بكلمات ليس لها واقع في بيئة العراق التي جعلتها أسراب فدائي صدام , ثم أفواج الدمج والمحاصصة مابعد 2003 ومكاتب ألآحزاب المنتفخة بغسيل ألآموال وشركات الموبايل وشركات الصيرفة والمصارف التي حول لها البنك المركزي أربعة مليارات من الدولارات وهي جزء من ألآموال العراقية المسروقة مما لايمكن تبرئة كل وزير مالية سابق ولا كل محافظ بنك مركزي مما جرى للآموال العراق المنهوبة وأما السياحة التي أستولى على شركاتها من يدعون أنهم مع المواطن , وسوف تكون سفرة وزير النقل الى فرنسا مجرد رحلة أستجمام لآن الشركات الفرنسية المستثمرة تعرف ماذا يجري من فساد مالي وأداري في العراق .
أن ألآنتفاخ الذي يظهر على مقدم برنامج ” دولة ألآنسان ” جعله لايرى حقيقة واقع الدولة المنقوص قانونيا بعدم قدرتها على أيصال البريد الى المواطن , وعدم قدرتها على تحويل المال للمواطن العراقي أين يريد , وهي غير قادرة على نقله جوا الى حيث يريد مما يجعل أغنية ” وصلتينا لنص البير وأقطعت الحبل فينا ” هي حال المواطن العراقي مع دولته التي لاتقف معه عندما يسافر الى الخارج ولايبدو أن وزير الخارجية الجعفري مهتما بشأن المواطن العراقي قدر أهتمامه بمكتبه الخاص , مما يجعل مقابلة البغدادية مع صادق المحنا وهو من أتباع الجعفري الذي يقول من كان معه في قائمتهم ألآنتخابية أنه لم يكن حائزا على أعلى نسبة من ألآصوات ولكن منح له الفوز في المقعد الوحيد الذي حصلت عليه قائمتهم في محافظة بابل , ومن حصل على أعلى نسبة من ألآصوات تمت تنحيته ولم تنفع شكواه التي قدمها للمفوضية , وهذا مايجعل ترؤس صادق المحنا للجنة العمل البرلمانية محاطة بالشكوك , وهذا ألآهتمام من قبل الجعفري بألآشخاص غير الكفوئين هو أنتفاخ مرضي يعاني منه كل من دخل دواوين الدولة المسكونة بالمرض ألآخلاقي المزمن قبل 2003 وبعدها , حتى أن رئيس اللجنة المالية في البرلمان العراقي أحمد الجلبي في لقائه مع البغدادية حاول التهرب من مأزق مسؤولية الفساد المالي فأعتبر نفسه ليس من الطاقم الحكومي وهو تهرب غير مقنع , لآن البرلمان سلطة تشريعية ورقابية , والسلطة التشريعية والرقابية في المعنى الدستوري تشترك في قيادة الدولة , وقيادة الدولة لايمكن فصلها عن مفهوم الحكم بالمعنى العام .
ومقدم برنامج ” دولة ألآنسان ” نتيجة أصراره على مصطلحات مفقودة وغير متحققة في الواقع العراقي وأستحالة أنطباق عنوان البرنامج على مفردة ألآنسان المغيبة قسرا في العراق كحال المرضى العراقيين وطلاب الدراسات في الخارج , ومفردة الدولة المغيبة بفعل تجاذبات محلية وأقليمية ودولية , كسفر الوفد العراقي برئاسة رئيس الجمهورية للتعزية بوفاة الملك السعودي حيث تم أستقبالهم من قبل نائب أمير منطقة الرياض وهي مخالفة للعرف الدبلوماسي الدولي , ومثلما ينسلخ المسؤول العراقي عن مهمات خدمة العراق في الداخل والخارج , كذلك ينسلخ مقدم برنامج ” دولة ألآنسان ” عن محيطه العراقي ومافيه من طاقات فكرية وفنية , فيذهب الى لبنان مستجديا لقاءات مع عاصم الرحباني وبعض اللبنانيين غير المعروفين بألآنتاج الفكري والثقافي العام على طريقة قول الشاعر :-
وقصيدة قد قلتها .. ليقال من ذا قالها
تأتي الملوك غريبة .. ليقال من ذا قالها
أن ألآستحالة التي وقعت فيها ثنائية ” ألآنتفاخ وألآنسلاخ ” كظاهرة مرض أخلاقي تجعل العودة للسوية ألآخلاقية وللحاضنة الوطنية أمرا بعيد المنال كما قال الشاعر :-
أذا شاب الغراب أتيت أهلي .. وصار القار كاللبن الحليب ؟
فلنبحث عن النماذج غير المنتفخة على مجتمعها وغير منسلخة عن وطنها كما فعل من طلب من الشعب العراقي ألآعتذار من الشعب الكويتي , وكمن يرى قندرة المقبورأشرف له , ومن يرى حفرته شرفا ويقارنها بغار حراء , وكمن لايعرف الفرق بين مفهوم الحاضنة ألآجتماعية وبين وجود أفراد ينتمون لطائفة في حزب ما دون أن تصبح تلك الطائفة حاضنة لذلك الحزب , وهذه الطريقة من التفكير هي كطريقة مقدم برنامج ” دولة ألآنسان ” تعبر عن خرف فكري وخواء ذهني لايعيش عصره , مما يجعل ماينفق من مال عراقي على مثل هذه العناوين المنتفخة والمنسلخة عن وطنها هدرا للمال يضاف للهدر المالي الذي جعل نسبة الفقراء مرتفعة والبطالة متضخمة والمرض مستشري في بلد نفطي أحتياطه النفطي يجعله من أوائل الدول النفطية , والمسؤولون فيه يجعلونه من أوائل الدول الفقيرة والمتخلفة حيث يقول البعض منهم لاحاجة لنا بوسائل الدفاع الجوي ؟ وهذه هي فاجعة العراق فيمن يقوده سياسيا وفيمن يقوده ثقافيا.