ينبغي أن نعترف،أن لدى دولة الخلافة في العراق والشام(داعش)فريقا فنياً على درجة عالية من الاحتراف،تفتقر له ـ جميع ـ المؤسسات الاعلامية الرسمية وغير الرسمية في كل الدول العربية.والتي فشلت تماما في مواجهة الفكر الارهابي،باساليب ذكية وغير مباشرة رغم الامكانات المادية الكبيرة التي بحوزتها،ومازالت مُصرَّة على أن تعتمد المهرجين في هذه المهمة الخطيرة وسيلة لها .
ولم يعد أمراً خافياً،أنّ دولة الخلافة باتت تراهن على الاعلام المرئي في ايصال خطابها بالشكل الذي تعجز عنه الكلمة المنطوقة لوحدها.
وماشاهدناه من مادة فلمية عن حرق الطيار الكساسبة،والتي لاأشك في حقيقتها كما إعتقدَ البعض،يكشف عن امتلاك دولة (الخلافةالاسلامية)لطاقم عمل فني واعلامي خبير،يعرف بشكل ممتاز،الكيفية التي تدار فيها كافة العناصر الفنية مجتمعة(تصوير،اخراج،مونتاج،ايقاع، موقع تصوير،مؤثرات صوتية).
ومعلوم لذوي الاختصاص السينمائي،أن لقطة واحدة في السينما، يستغرق زمنها على الشاشة ثوان معدودة، تحتاج الى ساعات مرهقة وطويلة من التحضير لها في موقع التصوير،فكيف الحال بهذا الفلم الذي ضم العديد من اللقطات ! ..وهنا سأسمحُ لنفسي أنْ اطرح سؤالا خبيثا : لماذا عجزت الاقمار الاصطناعية الاميركية الاستخبارتية التي تحتشد بها سماء الشرق الاوسط أنْ تلتقط مايجري من تحضيرات فنية على الارض،قبل وبعد البدء بالتصوير ،ومن المؤكد أنها قد استغرقت ساعات طوال ! ؟
إنَّ جوهر رسالة الفلم المصدرة لنا من مجموع الجهات المنتجة له،أرادوا من خلالها أنْ يطفئوا الوعي في عقولنا،والرحمة في ضمائرنا،وأن نكون على الصورة التي يريدونها لنا،وأن نتحول وحوشا لاأكثر !..
والسؤال الأهم بعد هذا الفلم : هل نجحوا في تدمير ماتبقى من انسانية فينا،أم أرتكبوا خطأ جسيما ماكان في حسبانهم عندما انحرفت رسالة الفلم عن مسارها المرسوم،فأزاحت غشاوة ثقيلة عن بصيرتنا،لنرى بوضوح تام اكداسا من الركام،قوامها تاؤيلات وتفسيرات وتخريجات فقهية،كنّا رفعناها في معتقداتنا وممارساتنا إلى حدِّ القداسة منذ قرون،ولم تكن في حقيقتها سوى أوهام وخرافات كانت قد انتجتها عقول مختلة ؟