بعد فرض لحظر التجوال وإغلاق للطرق , جعل من بغداد سجن كبير , تعاد اليوم ( السبت 7/ 2/ 2015 ) الحرية للتنقل بعد الساعة 12 ليلا وطيلة ساعات اليوم , بموجب أمرا أصدره رئيس مجلس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة , بعد ان وعد به عند توليه المسؤولية ولم ينفذه في حينها لأن البعض نصحوه بإرجاء الموضوع , فقد بدأ حظر التجوال ليلا سنة 2007 وكان يبدأ في الساعة التاسعة مساءا , مما عرض سكان بغداد الى العديد من المواقف المحرجة , كما تسبب الحظر الجائر لموت مئات او آلالاف العراقيين لصعوبة نقل الحالات الطارئة للمستشفيات , وبعد ان عطفوا على شعبنا المسكين تم تمديد بداية الحظر للساعة العاشرة مساءا ثم تحول للساعة الثانية عشر مساءا , ويتذكر الكثير بان العائد من السفر لا يسمحون له بدخول بغداد إلا بعد السادسة صباحا , وكانت بغداد الحبيبة هي المحافظة الوحيدة المشمولة بهذا الاجراء .
إنها اجراءات جائرة اتبعها المحتل , وقلدها الآخرون بكل اتقان فقد بقيت هذه الاجراءات رغم الإنسحاب الامريكي في العراق , وهي التي تسببت بسوء العلاقة بين المواطن والقوى الامنية من الجيش و الشرطة الذين كانوا يمنعون أي مرور حتى لأسباب اضطرارية , إلا بعد توسلات وإجراء العديد من الاتصالات وبعضها لم تكن تجدي قط , فقد اضطر الكثيرون للمبيت بمفردهم أو مع عوائلهم في سياراتهم او في العراء بسبب سريان حظر التجوال , إنها أيام طويلة مؤلمة في ذاكرة الكثير من العراقيين وقد يكون اليوم هو الموعد لنهايتها , بشرط ان لا يتحول الامر الى وجود سيطرات او مرابطات تمنع المرور بحجة انها غير مبلغة بالتعليمات او لوجود موانع أمنية تضطر المواطن لكي يقضي ساعات الليل في الطرق خارج النطاق الإنساني , وهي سنوات عجاف عاشها العراقيون بألم وحزن ولم يكن في الامكان انقضائها , رغم انها طرحت في الإعلام لعدة مرات فقد صمت الآذان عن معاناتها وتداعياتها التي أوجدت مسافات بعيدة بين الحاكم والمحكوم .
ومما يزيد أهالي بغداد فرحا , هو إنشاء خمسة مناطق منزوعة السلاح وإزالة 130 حاجزا داخل العاصمة تمهيدا لإزالة الحواجز كافة فيما بعد , وهو إجراء سوف لا يصدق البغادلة حدوثه إلا بعد إدخاله الى حيز التطبيق بالفعل , من خلال المرور السريع في الشوارع والطرقات من دون حاجة للالتفاف الى اليمين واليسار للعثور على المخارج او المداخل بعد انتظار لساعات وليس لدقائق , وستكتمل فرحة البغداديين عند إلغاء السيطرات بشكل كلي وإحلال الدوريات وسيارات النجدة أو اية وسيلة اخرى بدلا عنها , فالسيطرات ما هي إلا كذبة كبرى في حفظ الامن لأنها لم تكشف عن المفخخات التي عبرت للمناطق وفتكت بالعديد من الابرياء , وبدون أية مبالغة او تضخيم فان أكثر ما يكرهه سكان بغداد اليوم هي السيطرات حيث يسودهم الإعتقاد بأنها تضر ولا تنفع , وهي لا تحتاج الى إسهاب للوصف لأنها معروفة للجميع من حيث عدم كفاءتها في كشف الارهاب وتسلطها على المارين .
ولكي تكتمل فرحة إلغاء حظر التجوال وإزالة الحواجز وعودة الحرية لسكان بغداد , فان أهل بغداد مطالبين بان يؤدوا دورهم المطلوب في رصد الظواهر الغريبة والتبليغ عنها , وهو ما يتطلب من الاجهزة الامنية توفير وسائل لتلقي الاتصال الآمن للتبليغ عن الحالات المشتبه بها , بشكل لا يعرض المبلغ الى ( العلس ) فالمرحلة الحالية التي يمر بها بلدنا العزيز , تتطلب إعادة الثقة بين المواطن والأجهزة الامنية وهي من أصعب المهمات , فوجود حظر التجوال والحواجز ونقاط السيطرة المملة في عددها وانتشارها وأسلوب التعامل الفوقي مع الناس قد اوجد شعورا لدى البعض بان بغداد ترزح تحت الاحتلال , وهذا الشعور يمكن أن يزول بعد رفع القيود عن بغداد , وبشكل يشعرهم بان مدينتهم قد تحررت من دون قتال , فبغداد هي مدينة العراقيين ومن الجميل ان تكون مفخرة لهم جميعا .
وإذا كان رفع حظر التجوال وإزالة الحواجز يمثل تحريرا لبغداد من الاسوار والقيود التي تكبلها , فان هذا التحرير لا يكتمل الابعد إتخاذ مجموعة من الإجراءات أبرزها إزالة الحواجز والكتل الكونكريتية الكيفية التي توضع بغياب الاجهزة المختصة من قبل السكان أنفسهم اومن قبل بعض المسؤولين , وإلغاء جميع الاستثناءات الخاصة بمرور المواكب في الشوارع التي تخالف قواعد السير او بإجبار المركبات على التوقف بقوة السلاح , والإيعاز الى أجهزة المرور للتقيد بالإشارات الضوئية في جميع الاوقات لإنهاء الفوضى والمناظر المحزنة وتقليل الحوادث , فمن المعيب ان تفرض الغرامات على عدم استخدام حزام الأمان في حين ان الإشارات مضاءة ويتم إهمالها بعمد , ففي بعض المحافظات العزيزة يتم الالتزام بها أفضل من بغداد , كما انه من الضروري إزالة جميع المظاهر المسلحة في كل بغداد وليس لمناطق محددة بإنتقاء .