يختلف علماء الإجتماع السياسي في تعريفهم لمعنى المؤسسات, فمنهم من ينطلق في تعريفها من منطلق اجتماعي سوسيولوجي, ومنهم من ينطلق في تعريفها من منطلق سياسي, ومنهم من ينطلق في تعريفها من منطلق ديني أو قيمي؛ ومنهم من يجمع كل هذه التوصيفات, ساعيا في صهرها في اطار واحد, تنظيمي منتظم يسمى : المؤسسة.
التحالف الوطني بإعتباره مؤسسة سياسية كبيرة, تحوي في داخلها اطراف وتيارات, ذات أدوار مختلفة شكلا, متفقة مضموناً, إنبثق في أساسه من تشكيلة متنوعة من الأسس , برزت من خلال تعدد في الأهداف والغايات, فهو يمثل في قاعه القيمي, منظومة ذات بعد اجتماعي ديني, حيث تمثلت فيه الطائفة الأكبر في العراق, ومن ناحية ثانية, يمثل هوية يراد لها أن تكون جامعا للشكل الوطني العراقي, ببعده القومي والإثني والديني- الطائفي, وفي جانب منه يمثل المنظومة الإدارية السياسية, التي تحاول مأسسة العملية السياسية, بشكل وظيفي منسجم مع التحديات التي تعصف بالبلد, من خلال توحيد وتقريب الرؤى والأفكار والأشخاص؛ وتوحيد المختلف هذا, يحتاج إلى امكانيات احتوائية واستيعابية, وقدرة على التعامل مع تعدد الخطاب الديني المذهبي القومي خارج نطاق التحالف, وتصديره بشكله الوطني الموحد, الذي تنتهي فيه نهاياته وحوافه الغير منتظمة, بشكل يمثل انسجاما وإيقاعا ثابتا للكل المختلف.
لقد ثبت خلال السنين العشر الأخيرة, أن بلدا كالعراق, لا يمكن أن يستقر فيه حكم سياسي, إلا بوجود مؤسسات سياسية قوية, يتفق داخلها المختلفين السياسيين, وتتوحد رؤاهم وأهدافهم , وتتفق اراداتهم على أدوات متماثلة للعمل السياسي, وهذا ما أدركته أغلب القوى السياسية, لذا نجد أن هناك تحركات حثيثة من أجل تكوين مؤسسة سنية قوية, تكبح جماح المراهقة السياسية لبعض السياسيين السنة, كما كان هناك عملية توحيد للمواقف الكردية, في مؤسسة البيت الكردي, التي نجحت خلال سنين طويلة, من اجتياز الكثير من الأزمات والمشاكل, بفضل قوة البيت المؤسسي الذي تنضوي تحته.
عندما يكون الحديث عن مؤسسة سياسية كبيرة, تمثل في داخلها أطراف مكون كبير, فإن هذا سيكون مدعاة لنا, أن نحسب حساب الأطراف الداخلية والإقليمية والدولية؛ فالأطراف الداخلية الفاعلة في البلد , والتي تمثل المكونات السياسية الأخرى خارج إطار التحالف الوطني, والمرجعيات الدينية والروحية, ومؤسسات المجتمع المدني, تتفق كل هذه الأطراف, على ضرورة أن يكون التحالف الوطني, مؤسسة تنتج خطابا سياسي علائقيا معتدلا, يقرب الرؤى ويوحد المواقف, وينهض بهذا البلد؛ وأن شخصية السيد عمار الحكيم, وبإتفاق كل الأطراف , تمثل خير ممثل للخطاب المعتدل اللامتشنج, والمبتعد في اغلبه عن التطرفية السياسية والدينية- المذهبية.
لا نستطيع ان نوقف عجلة سير العملية السياسية, من أجل التقاتل على المناصب, ولكن ما يراه عدد من المراقبين, أن السيد الحكيم لم يكن يوما راغبا في منصب, فنحن نعلم جيدا, أن رجلا كعمار الحكيم, بمشروعه الإصلاحي اللادموي البعيد عن لغة الأزمات , إذا أراد أن يكون في منصبٍ ما, فهذا يعني وضعه تحت مرمى نيران ومدافع قصف المأزومين والفاشلين من المنتفعين من المتاجرين بدماء أبناء هذا البلد, من جماعة : سقوط الموصل, وشهداء سبا يكر_ أنموذجين !