في يوم من أيام الربيع في الثمانينات ونحن في اوج صراعنا مع الإيرانيين( ان كان حقا ام باطلا ) حينها كنت موظفا بسيطا في مدينة الموصل .. كنت انا واثنين من أصدقائي في نية سفر الى بلدتي في العراق العظيم وبعد ان جمعتهم من بيوتهم كان علي وانا اقود سيارتي ان اعبر من تقاطع جامعة الموصل في المجموعة الثقافية وقبيل وصولي التقاطع ظهرت إشارة المرور الحمراء وبوجود احد رجال شرطة المرور والتي كانت سيارتهم واقفة تحت الجسر لمن يعرف هذا التقاطع حينها توقفت لسببين إشارة ضوء التقاطع الحمراء مع وجود رجال المرور.. وانا متوقفا انتظر الإشارة الخضراء كي اواصل السير اخذت نظرة سريعة في مراة السيارة التي امامي ويا للموقف؟ سيارة مارسيدس تقف وراء سيارتي المتواضعة المسكينة مما اثار فضولي في التركيز على من بداخلها تلك السيارة التي بدت لي خاصة..قلت لصاحبتي أيها الاخوة اذا لم تخونني عيناي فالرجل الذي بصف السائق العسكري هو الرئيس صدام حسين ( رحمه الله )فما العمل هل اضرب إشارة المرور وافتح الطريق للرئيس وام انتظر حتى تظهر الإشارة الخضراء افتوني بفائق السرعة يرحمكم الله؟ قالوا وما رايك فقلت نحن امام عقوبتين الاولى ان ضربت إشارة المرور فقد يامر الرئيس بمعاقبتي والثانية وقوفي امامه وهو ينظر الينا في طريقه قد تكون ثالثة الاثافي لنا ولي انا تحديدا لسوء حظي كوني سائق السيارة؟ وعليه سوف انتظر الإشارة واطبق القانون وهو خياري الأول والأخير لعل في الصدق منجاة؟كنت اسرق النظر اليه من خلال المراة وجسمي يرتعش خوفا واحتراما كونه رئيس الجمهورية وانا اوقفته عن السير وكان ينظر الينا بابتسامة المتورط الذي يعرف من هو الذي يقف بسيارته وراء سياررتنا ويسد عليه الطريق؟
لحظات احر من جهنم وانا اقرأ سورة الفاتحة ان تفتح الاشارة الخضراء لارى الى اين انا راحل؟ فتحت شارة المرور الخضراء وضغطت على داعس البنزين بكل ما اوتيت من قوة مع انحراف سيارتي قدر الإمكان لاسمح بسيارة الرئيس ان تعبر.. وخلال اجتيازه سيارتي رفع يديه مبتسما ان هدئ من روعك وسوق على مهلك …!!
عبرت التقاطع واوقفت سيارتي لاشحذ نفسي وقلت لصاحبي انحن بحلم ام بعلم .. وهنا عرفت انه لا يوجد انسان بلا خطيئة ولكن حتى تتعرف على الوجه الاخر فيه عليك ان تقترب منه في محنة وسوء تقدير ومن ثم احكم وليكن عنقك عنق بعير ولتقارن واختبر فالحياة تجارب ومواقف خالية من الماضي والحاظر والمستقبل كعرضك لفلم حياتك في كامرتك الشخصية فلا تعدو دقائق والقيمة التي فيه ما هي الا ثوان تستخلصها بوجعها الجميل..انها دورة إشارة مرور لمن يصبر عليها فينجو من العقاب…