15 نوفمبر، 2024 2:24 م
Search
Close this search box.

80 دقيقة فقط لتمرير موازنة العراق لعام 2015

80 دقيقة فقط لتمرير موازنة العراق لعام 2015

في واحدة من الاحداث التي يجب ان تسجل في موسوعة غينيس للأرقام القياسية , إستطاع مجلس النواب العراقي من تمرير الموازنة الاتحادية لعام 2015 خلال 80 دقيقة فقط , فقد بدأت الجلسة في الساعة السادسة من مساء أمس ( الخميس 29 / 1 ) وانتهت في الساعة 8,50 دقيقة , بعد ان تم تأجيلها في نفس اليوم لعدة مرات حيث كان من المفترض ان تعقد جلسة مجلس النواب صباحا , ولكنها تأجلت نظرا لانعقاد اجتماع رؤوساء الكتل للاتفاق على الموازنة , وقد تأجلت لوقت اخر وتم تحديد الخامسة مساءا لانعقادها وبعدها تم الاتفاق على عقد الجلسة في السادسة مساءا , وهذه التأجيلات ادت الى تأجيل استضافة وزير الداخلية محمد الغبان الذي حضر الى بناية المجلس ووجد الرئاسة منشغلة بمشاوراتها لتمرير الموازنة , وقد كانت استضافته لموضوع حيوي يتعلق بالأوضاع الانسانية في المناطق المحررة وما يحصل فيها من تداعياتها .

ولان جلسة المجلس لمناقشة الموازنة قد تم نقلها مباشرة عبر شاشات الفضائيات فقد شهد الجمهور الطريقة التي مررت بها الموازنة , فعدد الغائبون عن الجلسة قرابة المائة عضوا وقد دخل الاعضاء الحاضرون الجلسة وهم لم يطلعوا على تفاصيل الموازنة , وقد استدرك رئيس المجلس السيد سليم الجبوري لذلك فطلب توزيع نسخ من الموازنة على الاعضاء , وبعدها تمت قراءة النصوص وهي تشير الى جداول والجداول لم توزع ولم يعرف الاعضاء تفاصيلها وتم الطلب بتوزيع الجداول , وحسب ما ذكره النائب فائق الشيخ فان عدد اجهزة الاستنساخ في المجلس هي ( 2 ) فقط مما يعني تأخر توزيع الجداول على الاعضاء وعدم معرفتهم بما يطرح من ارقام , وقد اعترض العديد من الاعضاء على السرعة والعجلة في التصويت واستخدام رفع الايدي بدلا من التصويت الآلي والأخير هو الاسلوب المعتمد في التصويت , كما التبس الامر على اغلب الاعضاء لان تسلسل المواد قد اختلف اثناء التصويت بحيث ان الموجود في اوراقهم بشكل وما تتم قراءته بشكل آخر .

وقد جاءت الموازنة بعكس التصريحات التي ادلى بها العديد من اعضاء المجلس اثناء ورود الموازنة من مجلس الوزراء , بحيث تم تثبيت اعباء على المواطنين اكثر مما اقترحته الحكومة فقد تمت زيادة الضرائب والرسوم , كما تمت اضافة الرسوم العالية على السكائر والكحول وجميع السلع بموجب قانون التعريفة الكمركية الذي كان معطل رغم صدوره , مما سيجعل شعار ( شد الاحزمة على البطون ) في اعلى درجاته خلال عام 2015 , كما ان الموازنة أبقت على العيوب السابقة من حيث الاعتماد على الايرادات النفطية وعدم اعطاء اية اليات لتشغيل القطاعات الاخرى , والمصادر التي تمت اضافتها لتمويل العجز تتضمن القروض الداخلية والخارجية والتضييق على المواطنين من خلال الضرائب والرسوم والادخار الاجباري , وفي المجمل فان ما خرجت به الموازنة لم تأخذ بنظر الاعتبار اي من المقترحات والكتابات , التي نشرت للمساعدة في ايجاد افكار جديدة لتنويع الايرادات والتخفيف على المواطنين , كما ان جل غضب الموازنة قد تم صبه على الموظفين لا غير .

ان الاجواء التي سادت مناقشة وإقرار الموازنة الاتحادية , تشير الى انها خضعت لصفقات سياسية فمن الواضح ان لكل طرف مصلحة في هذه الموازنة , بحيث ان رئيس المجلس فرض هيمنته على جميع نقاط النظام والاعتراضات ولم تشهد الجلسة اية انسحابات كما كان يجري سابقا , وفي الطروحات الموضوعية التي تعرض لها للإحراج لجأ للتشاور مع اللجنة المالية والتعويل على آراء رئيسها احمد الجلبي حتى وان تقاطع مع توجهات بعض الاعضاء , ومن الملاحظ بان اللجنة المالية قد قامت بإضافة مواد الى قانون الموازنة لم تكن واردة في النصوص التي ارسلها مجلس الوزراء , وفي العموم فان هذه الموازنة اكثر ترقيعية من التوقعات التي ذهب اليها من اهتم بموضوع الموازنة في الاعلام , فقد تم تسعير برميل النفط ب56 دولار والسعر الحالي بموجب الاسعار التي تتبعها سومو هي بحدود 38- 39 دولار للبرميل , كما ان الصادرات قدرت 3,3 مليون برميل يوميا وهو رقم لم يصله العراق منذ 2003 ولحد اليوم .

لقد اعتبر البعض ( الذي احتفل بإصدار الموازنة ) بان خروج الموازنة بهذا التاريخ انجاز تاريخي , باعتبارها قد صدرت في شهر كانون الثاني في حين انها كانت تشرع في نيسان او مايس خلال السنوات السابقة , ولكن العبرة ليس في تاريخ اصدار الموازنة وإنما في انعكاسها على حياة المواطنين , وهي ستكون شديدة الوطأة على الفقراء ومحدودي الدخل وستتعرض هذه الموازنة الى العديد من الانتقادات , وكان من الممكن ان تعالج العديد من المثالب في الموازنة لو ترك الوقت والإجراءات الصحيحة لمعالجتها , فالمواطن سوف يستشعر آثارها السلبية وبشكل يزيد من الضائقة المالية التي يعانيها , فحتى تخفيض النفقات الحكومية سيسبب توقف للعديد من الاعمال كما ان فرض ضرائب ورسوم سيزيد من التضخم وزيادة الاسعار ويقلل الطلب , ورغم ذلك سترتفع اسعار السلع المعمرة مثل العقارات والسيارات والإيجارات والاجهزة , وربما ستزيد تداعيات الموازنة من حالات الفساد الاداري بحيث تمتد الى مفاصل عديدة في اجهزة الدولة , وفي المجمل فان الكثير من الناس استشعروا الخطر القادم من اقرار الموازنة بعدد محدود من الدقائق , رغم انها تتعلق بحياتهم القادمة فالدارج في العراق ان ما يرتفع سعره اليوم لا يعود للانخفاض قط .

أحدث المقالات

أحدث المقالات