ما من احد سيختار المليشيات ، اذا ما خير بين اثنتين ، الدولة او المليشيا ، لان الدولة ستضمن كرامته في العيش عزيزا ، ترد عنه العدوان الخارجي ، وتنصفه من الغبن الداخلي ، وهذا هو المعنى المفترض توارده حين تخطر كلمة الدولة على بال ولكن بعد عملية شهداء القنيطرة الابرار التي نفذتها مليشيا المقاومة الاسلامية ، تمنيت لو ان كل دولنا مليشيات يقودها رجال مثل السيد حسن نصر الله ، لا ينامون على ضيم ، ويردون العدوان بمثله نزولا عند امر الله تعالى { ومن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم } في هذه المرحلة على اقل تقدير ، وذلك لان عدوان اسرائيل اكثر بكثير من عدوان القنيطرة ، فهو اغتصاب لفلسطين بكل ما تعنيه من وطن وقداسة ، فدولنا العربية عاجزة عن القيام بدورها في ضمان كرامة المواطن ، الذي يشعر بالاهانة كل ما تذكر انه عربي لا يمتلك قدرة الرد على غطرسة اسرائيل بسبب دوله التي ذهب بها الحكام في اتجاهات لا جدوى منها سوى تكريس بقاء الحاكم في السلطة ، ويشعر بالاهانة كلما تذكر انه مسلم يسب نبيه على رؤوس الاشهاد في الصحف اليومية وهو عاجز عن رد عدوان المستهزئين الذين كفى الله رسوله استهزائهم بقوله تعالى { إنا كفيناك المستهزئين } وفوق كل هذا يخرج حكامه رافعين شعار كلنا شارلي ايبدو، اي كلنا مستهزئين بمحمد (ص) اللهم اشهد على ما يقولون ، وانزل حكمك بهم على ما يفعلون ، نعوذ بك اللهم وبك نستجير من ان نكون من المستهزئين بحبيبك المصطفى (ص) ، نعم اننا لسنا مع قتل الناس ، ولكننا في الوقت نفسه لسنا شارلي ايبدو ، بل نحن ندين ونرفض رفضا قاطعا المساس بكرامة رسول الله (ص)
ان ما قامت مليشيا حزب الله ، ساسميها مليشيا كما يسميها الخصوم ، رغم اني اكبرها مقاومة ظافرة فانا وكل مسلم وعربي لا خيار لنا الا الوقوف في صف المقاومة بكل اطيافها الوطنية والاسلامية ضد الصهيونية ، ان ما قامت به المقاومة الاسلامية هو الصواب ، لانها لو لم تقم بالرد على العدوان بمثله ، لكان عليها الذهاب الى الامم المتحدة التي سيكون قصارى جهدها الاستنكار ، وقرار الاستنكار غير الملزم يعني بالنسبة الى اسرائيل ، صحتان على قلبك ولكن كلي على مهل لكي لا تغصي ، او الذهاب الى مجلس الامن الذي سيكون اي قرار من قراراته اذا ما مس شعرة من اسرائيل مردودا بالفيتو الامريكي قطعا ، وهذا يعني ان اسرائيل ستتمادى في العدوان الذي جبلت عليه هذه الدولة المنتهكة لحقوق الانسان وقيمه ، والتي لا تخجل عن التذكير بفضائعها لتخويف ضحاياها ، كما فعل نتنياهو حين هدد حزب الله بما فعله في غزة ، على الرغم من انه في حساب المعارك وميزان القوى كان قد خسر جيشه المدجج بالسلاح معركته امام ثلة قليلة من ابطال المقاومة الفلسطينية من رجال حماس والجهاد الاسلامي وفصائل المقاومة الفلسطينية الاخرى تساندها ارادة الشعب الفلسطيني في غزة والقطاع ولبنان ، خسر عندما عجز عن اقتحام القطاع بريا والالتحام برجال الله الذين اعاروا فلسطين جماجمهم ، فصب نار حقده المتاصل في نفسه العدوانية على السكان العزل ليقتل النساء والاطفال والشيوخ على مراى ومسمع العالم المتحضر الذي تقوده امريكا ، وتضمن له فرنسا العلمانية حرية التعبير ، اما العرب فلا يملكون سوى مبادرة السلام السعودية التي اتمنى ان تكون قد دفنت مع صاحبها المغفور له عبد الله بن عبد العزيز .
لو اردنا ان نحصي اعتداءات اسرائيل ، والشكاوى التي تقدم بها العرب الى مجلس الامن ، والتي رد منها ما مس طرف اسرائيل بالفيتو الامريكي ، لوصلنا الى حقيقة ان ما فعلته مليشيا حزب الله كان يفترض ان يرد به اول عدوان ، اي ان جل ما نحتاجه هو مليشيا يقودها رجل شجاع ، ولم نكن بحاجة الى دولة لم تقم بواجبها والى حاكم جبان يخاف على كرسيه ، بل ان الدولة التي ابتلينا بها صادرت حقوقنا في الداخل وانتهكت كرامتنا في الخارج عندما جعلتنا لقمة سائغة لمن يتلذذ في مضغنا وهضم كرامتنا وسحق كل قيمنا ومقدساتنا وحرماتنا ، وهذا الامر متحقق بمعادلة حسابية بسيطة ، فاسرائيل التي تتفوق علينا اليوم بمئات المرات بسبب استبداد حكامنا وما جره هذا الاستبداد من حروب وصراعات داخلية انهكتنا ، تسكتها المقاومة الاسلامية برد عدوانها بمثله ، اسرائيل التي لم تكن بالامس بمثل قوتها اليوم ، كما لم نكن نحن بالامس بمثل ضعفنا اليوم ، وكان بمقدورنا اسكاتها برد اي عدوان لها بمثله ، ولكن هذا كان يحدث لو كنا مليشيات كمليشيا المقاومة الاسلامية يقودها رجال كالسيد حسن نصر الله ، وليس دولا ممسوخة يحكمها اشباه رجال
ان هذا الدرس تلقننا اياه دولة لبنان ، من اصغر الدول العربية ، ولكنها كبيرة جدا بل اكبر مما يتصور كل المتورمين باحجامهم الوهمية ، كبيرة بمقاومتها المباركة وجيشها الباسل .