لا يخفى لأحد من العراقيين أنه بعد تحرير الكويت من الاحتلال البعثي عام 1991م ، وإنتكاسة الانتفاضة الشعبانية حسب تعبير المعارضة العراقية حينها، والغوغاء حسب الاعلام البعثي، تحرَّر الكرد من الحكم المركزي ببغداد، فأصبحت مدن السليمانية واربيل تحت سيطرة الاتحاد الوطني الكردستاني بقيادة جلال الطالباني، ودهوك تحت سيطرة الحزب الديمقراطي الكردستاني بقيادة مسعود البرزاني، وبقي الأمر كما هي حتى عام 1996م حيث استعان البرزاني بحليفه وحليف أبيه القديم صدام التكريتي طالباً منه تقديم العون العسكري لطرد مليشيات جلال الطالباني وإخراجه من اربيل وتسليم المدينة لمسعود، فهجم الجيش العراقي بأسلحته الثقيلة على اربيل، وقَتلوا المئات من مليشيات الطالباني، وبالأثناء تم قتل العشرات من الشباب التركمان المتواجدين في اربيل حينها بتحريض من مسعود البرزاني، وتمت له السيطرة على اربيل الى يومنا هذا.
وبعد 19 عام حيث داعش احتل مناطق واسعة من العراق، وتؤكد التقارير العديدة، وحتى ظهر في الاعلام بعض الارهابيين من داعش انهم اعترفوا بأن حكومة اربيل تزودهم بالسيارات والأسلحة قبل احتلال داعش للموصل.
والمشكلة بين مسعود وجلال حول كركوك نشأت من الانتخابات الماضية، حيث إن جماعة الاتحاد الوطني الكردستاني مع خسارتهم الفضيعة في مركزهم الأصلي وهو السليمانية في الانتخابات الماضية قبال جماعة التغيير بقيادة أنوشيروان مصطفى، إلا أنهم تمكنوا من السيطرة على كركوك على نتائج الانتخابات الماضية حقاً أو باطلاً. فحصلوا على 6 أعضاء في مجلس النواب ممثلين عن كركوك من مجموع 13 عضوا من المحافظة، وهم كالتالي:
· فمن الاتحاد الوطني الكردستاني كلا من: نجم الدين عمر كريم، ريبوار طه مصطفى، محمد عثمان عزيز، آلاء تحسين حبيب، بيستون عادل ويس، و ليلى علي خضر احمد.
· ومن الحزب الديمقراطى الكردستاني عضوان هما: شاخوان عبدلله احمد عبدالقادر، و أميرة كريم حمه، علماً أن هذين المقعدين منحا للبرزاني بعد مفاوضات عديدة طالت ايام عدة بين جماعته ونجم الديم كمحافظ كركوك، لأنهما لم يحصلا على اصوات كافية ليتمكنا من الحصول على مقعد في المجلس، وفي النهاية تكرم محافظ كركوك نجم الدين كريم المقعدين للبرزاني في مجلس النواب مقابل شروط لسنا بصددها.
· ومن الجبهة التركمانية نائبان كلا من: ارشد الصالحي، وحسن توران.
· ومن إئتلاف عرب كركوك نائب واحد وهو: خالد حمد علاوي
· ومن ائتلاف العربية نائب واحد وهو: محمد تميم
· ومن قائمة الرافدين المسيحية نائب واحد بالكوتا وهو: سركون لازار صليو بنزيزو.
علما ان السيد نجم الدين مع فوزه الساحق (بالتزوير طبعا لا خلاف فيه بين اهالي كركوك) بالانتخابات إلا أنه ترك مجلس النواب واحتفظ بكرسيه كمحافظ كركوك، وأرسل شخصا آخر عوضاً عنه الى مجلس النواب.
تكمن المشكلة هنا عدم ارتياح مسعود االبرزاني من الفوز الساحق لجماعة الطالباني في انتخابات كركوك 2014م وسيطرتهم على مقدرات الأمور في المحافظة، ومنذ انتهاء الانتخابات يفكر ويخطط ليل نهار ومعه دوائر الاستخبارات الأقليمية والدولية المساعدة له بكيفية السيطرة على كركوك، وبحسب أحد التقارير المسربة من موقع ويكيليكس أن مسعود دعم تشكيل داعش بالمال والسلاح بالتعاون من دول صديقة له ليتسنى له السيطرة على كركوك لاحقا، فيظهر أن الخطة الموضوعة لهذا الأمر قد حان في هذه الايام.
فهناك تسريبات معلوماتية دقيقة أن موقع استراحة واجتماعات قيادات داعش في كركوك واطرافها هي في مقرات حزب الديمقراطي الكردستاني في كركوك، وحتى جرحى داعش يتم مداواتهم ومعالجتهم في مستشفيات كركوك واربيل وبغرف خاصة بعيداً عن الأنظار.
وبالاضافة الى المعلومات السابقة يؤكد لنا مصادرنا الخاصة أن مليشيات البرزاني تتعاون بشكل مستمر مع داعش ليتمكنوا سوياً من طرد مليشيات جلال الطالباني من كركوك، وتتم سيطرتهم على كركوك.
وبهذا يعيد التاريخ نفسه على يدي مسعود البرزاني ففي عام 1996م استعان بصدام التكريتي لاستعادة اربيل من سيطرة الطالباني، وفي سنة 2015م يستعين بداعش لاستعادة كركوك من سيطرة الطالباني أيضاً ولو باراقة دماء الابرياء والتعرض لأعراضهم ونهب أموالهم وتهجير الآمنين من منازلهم. والمؤسف فإن حكومة بغداد نائمة على قفاها لا تعلم ما تجري من تحتها من المياه على أحسن الاحتمالات.