كلما حصلت هزه اعلاميه كبرى في العراق تكتشف اكثر مستوى ضحالة فكر الوسط الثقافي (الداخلي والخارجي) مع الأسف! و أبسط مثال هو أزمة التهديدات الأخيره و اللعب على كذبة حرية التعبير ألتي رددها المتفيهقون.
المثقف العراقي تورط في الخطاب الديني اليومي و لم يعد يعرف لا كيف يعبد الله و لا كيف يلحد و لا كيف يخرج من هذا الاطار الى مشاكل يوميه ربما تكون اكبر في شخصية الفرد العراقي ، ولم يعد يخفى امامنا مقدار الضبابيه في أفكاره و لا يستطيع احدهم أن ينتزع قبليته ومرجعيته العصبيه حتى في الحوار.
مثقف متكاسل لا يقرأ (خصوصا اذا تقدم به العمر لأنه بلغ الكمال كما يعتقد!) و اذا قرأ لا يمتلك القابليه لتغيير شيء في داخله وفي عقيدته وهو يفتح الكتاب ، بل هو يقرأ فقط لإبراز عضلاته في الحوار مع الاخرين ، وكل الفكر و الادب و الثقافة مختصرة عنده في قال فلان و كتب علان، فلم يعد يمتلك القدرة على ان يفهم أو يدرك كيف يستنبط أفكاره ولا اعادة اكتشاف ذاته و أخذ ضعفه يتضح في جدار اللغه والمصطلحات التي يحيط بها نفسه و بالخطاب الديني و السياسي الرنان ليغطي على الافتقار الفكري في رأسه .
يعيش نفاق اجتماعي و تضارب بين بواطنه و ظواهره ، لا يريد ان يسمع ولا يحب ان يفتش في نفسه و يعيد تقييم ذاته ، يقرأ لكافكا أو فولتير أو كلمتين لجان جاك روسو و يخرج علينا شامخا متكبرا و كأنه قد ملك الدنيا و كشف أسرارها!
لا يحب النقد ولا ان يذكر اسمه في اي مكان الا بالمديح و هذه نرجسية الستينات و السبعينات التي القت بظلالها على باقي اجيال الثقافه العراقيه بشكل سيء حتى بات المثقف خطاً أحمر و مقدساً اخر يضاف الى الممنوعات التي لا يجب المساس بها فوصلنا الى مرحله يكون فيها تحليل و مراجعة مشيئة السماء أسهل من انتقاد كلمة قد خطها قلمه .
ماذا فعل المثقف العراقي سوى التباهي والتظاهر و انتاج ثقافة التخاذل و العبوديه لاي طاغوت منذ ثورة ١٩٥٨ و حتى اليوم وربما قبلها ايضا حتى لو بشكل أقل ! ماذا أعطى للعراق هذا المثقف بشهاداته الجامعيه التي لا تغني ولا تسمن من جوع و بنمطيته القاتله حتى في الحوار اليومي ؟!
باردين كالموتى حتى بكتبهم في شارع المتنبي كل جمعه و لا يدركون حتى اليوم الى اين وصلت الدنيا ، يتباحثون في نظريات الالحاد ثم ينصرف كل منهم ليصلي في بيته ، وفي المساء يطارد النساء في الفيسبوك بعدما تنام زوجته التي لا تجيد الكتابه ولا القراءه . ناس غير صادقه حتى مع نفسها فكيف سيحترمهم الاخر؟!!
و يوما بعد يوم تزداد مقادير انحطاط الفكر ( هذا ان وجد ) فلم نعد نعرف شيئا لا من شيوعي يصلي و يلتقط صور في المقابر والاضرحه و لا من علماني ملحد يدافع عن الطوائف و الشعائر الدينيه و لا يفقه شيئا سوى الخطاب الديني المتعصب .
و هذا الوصف يشمل الثقافه بشكل عام في العراق كالإعلامي و الكاتب والشاعر و الرسام والنحات والى كل مراكز الخلق الفني. انهيار فني مسرحي و تشكيلي هائل ، لم نعد نرى سوى انحطاطا يوميا في الرسم و في النحت ، تشكيليين يعتاشون على العلاقات حتى في معارضهم الفنيه و يقتلون روح الابداع عبر الوساطات بالسياسيين و المتنفذين ، حقد في الوسط الابداعي و قلوب لا تحاول الا افتراس الاخر (حتى لو كان فنانا في أول طريقه أو فنانه بالأخص ) كالذئاب ، و مهازل لا تنتهي كرسام مشهور لا يجلس الا مع مليشياواتي مجرم ليضمن له معرضا في وزارة الثقافه !
رحماك ايتها السماء.
فقر و عجز كافر في النصوص القصصيه والروائيه و في النصوص التي يفترض ان يسمى كتابها و اكثرهم من النساء طبعا بالشعراء أو الشواعر و اغلبهم أو أغلبهن يكتب في الليل شبقا مع تصاعد الهرمونات. ليختلط الجنس بالحبر و بالشهوة و باللغة حتى بات النص مقرفا لا يمت لا الى الحب في شيء و لا الى الادب والثقافه بصلة الا ان تكون ثقافة انحطاط !
وآخرها ما يصيبنا بالعجب العجاب بمجرد متابعتنا لأي من حواراتهم المريضه و مستوى الخطاب على صفحات الفيسبوك و في المقاهي والذي لا يختلف كثيرا عن حوارات باعة الخرده في سوق هرج!
اعلموا ايها المتنفعين ان الاجيال ستقدحكم يوما ما ولن تمدح منكم احدا ، البهرج الذي تعيشون فيه لن يخدع اي احد و ستنتهون مع المصفقين حولكم و عندها ستستمرون بالكلام مع انفسكم فقط .
ينشأ اليوم في العراق جيل بأكمله وهو يعيش اكبر أزمه في الثقافه فلم يجد عندما تفتحت البصائر اي احد يمكن ان ينتقي منه اخلاقياته , جيل لا يريد أن ينتمي لأي شيء في المشهد الثقافي العراقي اليومي , فرجع (بلا حول ) الى زمن الزهاوي والرصافي و السياب والبياتي و جبرا ابراهيم جبرا و انستانس الكرملي والشبيبي و يوسف غنيمة فكانت حتى الخلافات فيها ارحم مما نعيشه اليوم لأنهم كانوا صادقين وحتى كبوات بعضهم كانت ارحم من البؤس الذي تعتاش اليوم عليه كالمومياء الثقافه العراقيه الميته.