شكل مؤتمر اسطنبول الاخير ضربة مؤلمة لقيادات تحالف القوى العراقية ، التي حاول بعضها ان يقفز الى الواجهة تحت دوافع أنانية ومصلحية ضيقة، دون ان يضع في الاعتبار، إن محاولات إزاحة الشخصيات المتصدية للمشهد السياسي مثل نائب رئيس الجمهورية ورئيس ائتلاف متحدون للاصلاح أسامة النجيفي أو القفز فوقها ، يعرض مستقبل المكون العربي جماهيرا وقيادات الى محاولات تمزق وإنشقاق ، تعمل أطراف كثيرة منذ فترة ليست بالقصيرة لكي يكون أمرا واقعا يضعف قيادات هذا المكون ، ويسعى للنيل منها بأية طريقة، عله يكون بمقدور تلك الاطراف إزاحة هؤلاء المتصدين للواجهة السياسية وتقديم شخصيات أخرى ،عليها علامات استفهام كثيرة، وبعضها، سقط أمام جمهورها، وهو يشعر الان أنه مفلس سياسيا!
ولم تخرج عن مؤتمر أسطنبول الأخير والذي حضرته قيادات عراقية من تحالف القوى العراقية ومن قوى خارج العملية السياسية ، لم تخرج عنه مقررات أو تحالفات ترتقي بقيادات تحالف القوى العراقية الى مستوى التحديات التي تواجهها ، إن لم تتحول الانقسامات بين صفوفها الى عامل فرقة أكثر مما كان عامل توحد ، وربما بقي أسامة النجيفي نائب رئيس الجمهورية رئيس ائتلاف متحدون للاصلاح الورقة الرابحة ، التي تتمحور حولها كل القيادات ، حتى وان سعت للافتراق عنه ، الا انها وجدت نفسها انها امام تحد آخر هو الاصطراع الرهيب على ترتيب الزعامات وتصدر وجوه سياسية ، بدفع من أجندة إقليمية للعمل على طرح قيادات الى الواجهة، لكن كل تلك المحاولات باءت بالفشل ، وانقضى مؤتمر اسطنبول دون قرارات يمكن ان تخدم آمال المكون العربي.
لقد شعرت جميع قيادات تحالف القوى العراقية وحتى تلك التي تريد ان تخوض غمار العمل السياسي بدفع من جهات واجندة إقليمية مختلفة ان تحركاتها هذه ربما تكلفها الكثير وانها تشكل بالنسبة لها (خسارة) أكثر مما تمنحها (ربحا) ، وهي قد ايقنت ان حصاد الحقل لم ينطبق على حساب البيدر، بعد ان وجدت ان كل منها يغني على ليلاه ، ولا يملك الكثير منهم رؤيا واضحة المعالم ولا خارطة طريق ولا تصميم جدي على اخراج جمهور المكون العربي من محنته، إن لم تكن دوافع الاجندة الاقليمية المختلفة هي الحاضرة التي تحاول ان تدفع بقيادات تدعمها لكي تتصدر الواجهة، الا ان كل تلك المحاولات اصطدمت بجدية تلك القيادات وتعدد ولاءاتها ان لم تكن (متناقضة ) تماما في الولاءات، ففي حين يدعي البعض ولاءه لمكونه ورغبته بدعم المحور العربي الداعم للعراق ،الا انه لايخفي دعم ايران له في السر، إن لم يكن بعضها في العلن، وهو يرى ان (الورقة الايرانية ) بالنسبة له أكثر قوة، وهي من تمنحه الصدارة حسبما يعتقد ، دون ان يدري ان للزعامة ( ثمنا باهضا) من المواصفات والسمات القيادية التي ليس بمقدور قيدات ليست متمرسة ان تتصدى لصراع مرير بين القوى العراقية تحتاج الى رجل قادر على ان يفرض شخصيته، وليس عليه اية شائبة ولم يدخل دهاليز السياسة من ابوابها الخلفية، بل طرح نفسه كمتصد فاعل ينظر اليه جمهوره على انه القادر على فرض إراداته على الاخرين لكي لاتذهب مصالح المكون العربي واهدافه وهي تضيع بين خور القيادات وضعفها وتعدد ولاءاتها ، حتى ان هناك من يكون في الليل مع جهة اقليمية وفي النهار يظهر انه مناصر لاخرى في الضد، وقد ضيع هذا (البعض) عليه المشيستين كما يقال!!
وفي نهاية المطاف ، وبعد كل تلك المحاولات التي تختفي خلف اصطفافات طائفية ومذهبية، وهي (متناقضة) حتى مع مصالح طائفتها ومذهبها واطروحاتها السياسية ، فرض أسامة النجيفي نفسه كقائد جماهيري تجمع عليه كل القيادات الممثلة للمكون السني العربي كواقع ليس بمقدور تلك القيادات الا ان تضعه في الواجهة وهي ترى في شخصيته انه المحور الاقوى الذي ليس بمقدور الاخرين ازاحته عن الواجهة ولا تمرير مشاريع سياسية تصيب مستقبل جمهور المكون العربي بمخاطر كبيرة، وقد بقي النجيفي يلقى التأييد من جهات كثيرة، بعدما اكتشف الجميع في نهاية المطاف ان تجاوز تلك الشخصية المحورية ذات الثقل المؤثر او محاولات البعض للعبور فوقها لن تكون في صالحهم وهي تجهض ارادات واهداف وتوجهات تحالف القوى العراقية وتصيبها بخسائر باهضة ربما لاتدرك كنهها الا بعد ان تقع الفاس في الراس كما يقال!!