18 ديسمبر، 2024 8:59 م

أئمة الدواعش ومصالحة الصليبيين … شواهد تاريخية

أئمة الدواعش ومصالحة الصليبيين … شواهد تاريخية

يدعي التيمية الدواعش التكفيريين إن الشيعة بوجه خاص كان لهم دور في كل انتكاسة حصلت في الإسلام لأنهم – بحسب ما يدعيه التيمية الدواعش – يهادنون المحتلين من الروم والفرنج والصليبيين وغيرهم وعلى هذا الأساس صار قتل الشيعة عند الدواعش التيمية مبرراً شرعاً !! بينما في حقيقة الأمر ومن يطلع على تاريخ أئمة الدواعش وشيوخهم يجده مليء حد التخمة بالوقائع والأحداث التي تقول بأنهم صالحوا وتعاهدوا مع كل المحتلين وبالخصوص مع الفرنج الصليبيين ومن هم بالأساس أعداء الإسلام كالجراجمة والروم وهذا كتاب ( فتوح البلدان ) للبلاذري يميط اللثام عن تلك الوقائع والأحداث, وقد أخذت عينة بسيطة من هذا الكتاب ( فتوح البلدان ) وبالتحديد – الصفحات 218 و 220 لمن يريد أن يراجع – للبلاذري الذي يذكر فيه كيف إن معاوية تصالح مع الروم من أجل مقاتلة أهل العراق !! والكل يعرف من هم الروم ومن هم أهل العراق!! وكذلك عبد الملك بن مروان والوليد بن عبد الملك قاموا بمعاهدة الروم والجراجمة وإعطائهم الأموال وتمليكهم البلاد وكانوا قد استنوا بسنة معاوية في معاهدة ومصالحة من هم أعداء للإسلام !!! فإذا كان الشيعة أو منتحلي التشيع قد هادنوا فهذا أمر قد سنه الأمويون قبلهم فلماذا تحرم هذه الأمور على الشيعة حتى تصل لدرجة التكفير والقتل وسفك الدماء وتصبح حلالاً للتيمية الدواعش ويغض الطرف عنها ؟
ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل صار الأمر سنة عند أئمة التيمية الدواعش وهذا كتاب ” الكامل في التاريخ ” لإبن الأثير الذي أخرج ما به من حقائق سماحة المرجع الديني السيد الصرخي الحسني ووضعها أمام الجميع من خلال محاضرات وبحوث ( وقفات مع توحيد التيمية الجسمي الأسطوري ) والتي تؤكد فيها علاقة أئمة الدواعش مع الفرنج والصليبيين وكيف كانوا يتعاهدون معهم !!…
حيث يذكر في هذا الكتاب وخصوصاً في الجزئين التاسع والعاشر كيف إن صلاح الدين الأيوبي قام بمصالحة الفرنج وأقام الإتفاقيات والمعاهدات معهم, حيث أكد المرجع الصرخي الحسني في المحاضرة السادسة والعشرون من بحث ( وقفات مع توحيد التيمية الأسطوري) إن صلاح الدين لم يواجه الفرنج إلا بسبب الضغط الديني والإجتماعي حيث كان يتحاشى مواجهتهم وعقد الصلح معهم أكثر من مرة, إذ يقول المرجع الصرخي مستنداً في كلامه لما جاء في كتاب إبن الأثير …
{{… بعد أن تبيّن لنا واضحًا وحسب ابن الأثير أنّ صلاح الدين كان يتحاشى جدًا الاحتكاك بالفِرِنج وكان يسارع بعقد صلح وتحالف معهم أينما حصل بل أنّه قد أخّر تحرير القدس والمقدّسات والأراضي الإسلامية لستّة عشر عامًا من سنة(567هـ) عندما خذل الزنكي وترك معركة التحرير وكان التحرير مؤكدًا قاب قوسين أو أدنى، وبقي الحال إلى سنة(583هـ)، حتّى اضطر صلاح الدين لمواجهة الفرنج بعد أن بادر الفرنج بالتعرّض له ولمملكاته وقطع الطريق بين مصر والشام والتهديد المباشر لسلطانه، وبعد أن صار الضغط المجتمعي والديني لا يمكن مواجهته أو السكوت عليه حيث صار الناس يلعنون صلاح الدين ويتهمونه بأنَّه تَرَكِ قِتَالِ الْكُفَّارِ، وَأَقْبَلَ على قِتَالَ الْمُسْلِمِينَ، وقد ساعده في معاركه والانتصار فيها وفتح البلدان انشقاق الفرنج وتعاون وتحالف الْقُمُّصُ وقادته مع صلاح الدين ضد الفرنج …}}.
وهذه بعض الموارد الموجودة في كتاب إبن الأثير التي تبين كيف إن صلاح الدين قد صالح الفرنج الصلبيين:
أولا: الكامل9: ابن الأثير: [ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَسِتِّينَ وَخَمْسِمِائَةٍ[ فِي هَذِهِ السَّنَةِ(567هـ) جَرَتْ أُمُورٌ أَوْجَبَتْ أَنْ تَأَثَّرَ نُورُ الدِّينِ مِنْ صَلَاحِ الدِّينِ، وَلَمْ يُظْهِرْ ذَلِكَ، وَكَانَ سَبَبُهُ أَنَّ صَلَاحَ الدِّينِ يُوسُفَ بْنَ أَيُّوبَ سَارَ عَنْ مِصْرَ فِي صَفَرَ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ إِلَى بِلَادِ الْفِرِنْجِ غَازِيًا . . . فَلَمَّا سَمِعَ نُورُ الدِّينِ بِمَا فَعَلَهُ صَلَاحُ الدِّينِ سَارَ عَنْ دِمَشْقَ قَاصِدًا بِلَادَ الْفِرِنْجِ أَيْضًا لِيَدْخُلَ إِلَيْهَا مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى، فَقِيلَ لِصَلَاحِ الدِّينِ: إِنْ دَخَلَ نُورُ الدِّينِ بِلَادَ الْفِرِنْجِ، وَهُمْ عَلَى هَذِهِ الْحَالِ: أَنْتَ مِنْ جَانِبٍ وَنُورُ الدِّينِ مِنْ جَانِبٍ، مَلَكَهَا… فَرَحَلَ(صلاح الدين) عَنِ الشَّوْبَكِ عَائِدًا إِلَى مِصْرَ، وَلَمْ يَأْخُذْهُ مِنَ الْفِرِنْجِ، وَكَتَبَ إِلَى نُورِ الدِّينِ يَعْتَذِرُ بِاخْتِلَالِ الْبِلَادِ الْمِصْرِيَّةِ لِأُمُورٍ بَلَغَتْهُ عَنْ بَعْضِ شِيعَتِهِ الْعَلَوِيِّينَ). أنضروا إلى ترك صلاح الدين قتال الفرنج خوفاً من عزله من منصبه!!.
ثانيا: قال ابن الأثير: الكامل9/385: {{[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ وَخَمْسِمِائَةٍ(568هـ)[: رَحَلَ صَلَاحُ الدِّينِ يُوسُفُ بْنُ أَيُّوبَ مِنْ مِصْرَ بِعَسَاكِرِهَا جَمِيعِهَا إِلَى بِلَادِ الْفِرِنْجِ يُرِيدُ حَصْرَ الْكَرَكِ، وَالِاجْتِمَاعَ مَعَ نُورِ الدِّينِ عَلَيْهِ، وَالِاتِّفَاقَ عَلَى قَصْدِ بِلَادِ الْفِرِنْجِ مِنْ جِهَتَيْنِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي جِهَةٍ بِعَسْكَرِهِ. . . وَأَمَّا نُورُ الدِّينِ فَإِنَّهُ لَمَّا وَصَلَ إِلَيْهِ كِتَابُ صَلَاحِ الدِّينِ بِرَحِيلِهِ مِنْ مِصْرَ فَرَّقَ الْأَمْوَالَ، وَحَصَّلَ الْأَزْوَادَ وَمَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ، وَسَارَ إِلَى الْكَرَكِ فَوَصَلَ إِلَى الرَّقِيمِ، وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَرَكِ مَرْحَلَتَانِ. فَلَمَّا سَمِعَ صَلَاحُ الدِّينِ بِقُرْبِهِ خَافَهُ هُوَ وَجَمِيعُ أَهْلِهِ، وَاتَّفَقَ رَأْيُهُمْ عَلَى الْعَوْدِ إِلَى مِصْرَ، وَتَرْكِ الْاجْتِمَاعِ بِنُورِ الدِّينِ، لِأَنَّهُمْ عَلِمُوا أَنَّهُ إِنِ اجْتَمَعَا كَانَ عَزْلُهُ عَلَى نُورِ الدِّينِ سَهْلًا). أنضروا أيضا غدر بنور الدين زنكي وترك قتال الفرنج من أجل المنصب حتى لا يعزل عن الحكم !.
ثالثا: قال ابن الأثير: {{[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إِحْدَى وَسَبْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ(571)] كَانَ الْمَصَافُّ بَيْنَ سَيْفِ الدِّينِ غَازِي بْنُ مَوْدُودٍ وَبَيْنَ صَلَاحِ الدِّينِ يُوسُفَ بْنِ أَيُّوبَ بِتَلِّ السُّلْطَانِ عَلَى مَرْحَلَةٍ مِنْ حَلَبَ، وَعَلَى طَرِيقِ حَمَاةَ، وَانْهَزَمَ سَيْفُ الدِّينِ… وَكَانَ صَلَاحُ الدِّينِ فِي قِلَّةٍ مِنَ الْعَسَاكِرِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ صَالَحَ الْفِرِنْجَ فِي الْمُحَرَّمِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، عَلَى مَا نَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَقَدْ سَيَّرَ عَسَاكِرَهُ إِلَى مِصْرَ، فَأَرْسَلَ يَسْتَدْعِيهَا), أنضروا إلى صلاح الدين يصالح الفرنج الصلبيين ويحارب سيف الدين والي الموصل المسلم, كله من أجل الحكم والمنصب لا غير فقط وفقط !.
وهذا بشكل موجز وبسيط تبيان وإيضاح لكل ذي لب وعقل كي لا تختلط عليه الأمور ولا يغرر به ويُخدع ويصبح أداة أو بوقاً للدواعش التيمية فيكفر الناس سواء كانوا شيعة أو غيرهم بتهمة مصالحة الصليبيين أو اليهود أو غيرهم, فهاهم أئمة الدواعش التيمية من بني أمية والأيوبيين وبحسب ما يذكرهم تاريخهم وبكتابة من عاصرهم ومن كان على مذهبهم يذكرون كيف إن أئمة التيمية الدواعش هم من صالح وعاهد الفرنج الصليبيين ووضع يده بيدهم وشهروا سيوفهم بوجه الإسلام والمسلمين.

المحاضرة السادسة والعشرون “وَقَفات مع تَوْحيد التَيْمِيّة الجِسْمي الأسطوري”