اصبحت قضية الموازنة المالية 2015 حديث الشارع فهنالك من يقول انها ستكون تقشفية وهنالك من يقول ان الحكومة العراقية ستواجه انخفاض اسعار النفط بخطط خونفشارية تحبط ما يسمى بالعجز المالي وهنالك من يردد ان الحرب ضد داعش استفذت كل اموال العراق وهنالك من يطرب اذان المواطن ان هنالك الالاف الدرجات الوظيفية ستضاف الى مؤسسات ودوائر الدولة وكل هذا يدور في فلك مجلس النواب العراقي فكل نائب لديه مسودة مشروع لحل المشكلة وكل نائبة لها مشروع قرار تقوم بدراستها بمعنى اخر صارت الشغلة ( فالتون ) فكل النواب الكرام والاعزاء والموقرين والمبجلين المنتخبين من قبل الشعب العراقي يصرحون لوكالات الانباء بما لذ وطاب من الكلام الجميل والناعم وما اكثره لكن لم يتكلم يوما ما احدهم عن رواتبهم وحوافزهم وساعاتهم الاضافية ونثرياتهم وحماياتهم وسياراتهم ومكاتبهم وامتيازاتهم واسطول العاملين تحت امرتهم بدءا ( بالجايجي ) وصولا الى السكرتارية مرورا بقائمة طويلة عريضة من الموظفين …..
اذن في هذه الحالة كيف ستلبي موازنة 2015 احتياجات الدولة فكل نائب لديه راتب خيالي يستلمه شهريا اضافة الى موكب حماسي وثوري من السيارات الفخمة والمحصنة ضد قنابل النابالم وطاقم حراسة مكون من فوج مزود بأحدث الاسلحة والمعدات العسكرية اضافة الى كومة امتيازات بس رب العالمين يعرف شنو شكلها لونها طعمها …..
2
بما ان ازمة الرواتب قد استفحلت جذورها واصبحت قضية عادية وعابرة مثلها مثل الكثير من القضايا بالنسبة للمواطن والموظف والعامل والكبابجي والمدلكجي لكن هذا لا يمنع من طرح هذا السؤال …..
هل تتأخر رواتب السادة النواب والنائبات في البرلمان العراقي مثلما تتأخر رواتب الموظفين فما يحصل الان ان الموظف بات يستلم كل 90 يوم راتب شهر واحد فهل اعضاء مجلس النواب العراقي يستلمون رواتب شهر واحد كل 90 يوم هذا السؤال حيرني كثيرا ووقفت امامه احك ابراسي يمنة ويسرة …..
لكنني وصلت الى اجابة منطقية الا وهي ان رواتب اعضاء مجلس النواب لا تتأخر عن الدفع حتى لدقيقة بل لثانية …..
هنا سيسأل القارىء ليش متتأخر رواتبهم …..
الجواب هو اذا تأخرت رواتب السادة النواب الكرام والنائبات الموقرات حينها ستحل الكارثة وستتصارع الكتل السياسية فيما بينها وراح تشتغل العركات والبوكسات والجلاليق على جسد ما يسمى بالعراق العظيم وبهذا ستنتهز داعش الفرصة وراح اتطب بغداد ابخمس دقائق ويأخذ الجمل بما حمل …..
لذا توفر الحكومة العراقية رواتب نوابها ونائباتها في المجلس الموقر حفاظا على سلامة مصالحهم واهدافهم وتطلعاتهم المستقبلية في بناء عراق ما بعد المالكي …..
3
بما ان المواطن العراقي يشتري البنزين لسيارته او بالاحرى العربانة التي يقودها مثلما يشتري الحمص والفاصوليا والعدس والرز والسكر والزيت ومعجون الطماطة لتوفير متطلبات اسرته المعيشية لكن السؤال الذي يطرح نفسه …..
هل يشتري السادة اعضاء مجلس النواب العراقي البنزين لسياراتهم من جيوبهم الخاصة العمرانة برواتبهم الشهرية اللي يستلموها بالكواني ام ان البنزين يصرف لتانكيات سياراتهم من قبل الحكومة العراقية بالمجان بدون وصولات وفواتير …..
هم زين خلف الله عليهم السادة النواب والنائبات يعرفون ان السيولة النقدية قليلة وان البلد يمر بحالة انكماش تنازلية وتضخم تصاعدية والعكس صحيح لذا يحملون بعض العبء على ميزانية 2015 عبر عدم ازعاج الحكومة العراقية بدفع نثرية لبنزين سياراتهم وبدلا عن ذلك تبلع سياراتهم بنزين ببلاش …..
4
اصبحت قاعة مجلس النواب العراقي مثل سوك العطارين تصدح فيها اصوات تلو اصوات وصرخات تلو صرخات وانتقادات تلو انتقادات حتى وصل الامر ان الجلسة احيانا تستمر لعدة ساعات يخرج منها المشاهد الذي يتابعها عبر شاشة التلفاز بكومة من الاصوات الغريبة الاطوار لا يعرف ما هي مصدرها يبدأ حينها بتحليل هذه الاصوات عبر شبكة من المربعات تسمى بالكلمات المتقاطعة فأحيانا يفترض ان هذه الكتلة بادرت بالقاء التهم على تلك واحيانا يضع جملة من الاحتمالات ويختار بعض السادة والنواب والنائبات كي يدخل اسمائهم في المربعات لكنه يفشل في الوصول الى الحل لكن في النهاية تظهر الحروف في مكانها الصحيح …..
هنا يطرح السؤال نفسه …..
لماذا لم يخترع مفكروا وعباقرة وفلاسفة السياسة عبر التأريخ منهجا فكريا وفلسفيا حول الاسس والمقومات التي يجب ان يمتلكها البرلماني قبل دخول قاعة البرلمان …..
فعندما يدخل المرء الى اي مكتبة يشاهد دواوين شعر وكتب فكرية وفلسفية حول كل شيء بل اصدرت بعض دور النشر كتب عن تنظيم داعش لكن لا يوجد اي اثر لكتاب يتحدث عن مجلس النواب العراقي في عصر المالكي وما بعده …..
5
الشيء المميز في مجلس النواب العراقي انه يتألف من جميع اطياف ومكونات الشعب العراقي فهنالك السنة والشيعة والاكراد وما بين هؤلاء كومة من القوميات والعرقيات والمذاهب والطوائف فهم يجتمعون ويعقدون المؤتمرات ويدلون التصريحات ويدرسون مشاريع قرارات تصب في صالح ما يسمى بالعراق العظيم …..
والجميل في الامر ان مجلس النواب العراقي متوافق في كل شيء واي شيء بداية بالمصالح والاهداف والاسس والمقومات التي تخص كتلهم وقوائمهم لكن ينطبق عليهم المثل القائل اتفق العرب على ان لا يتفقوا …..
لكن مع بعض التغيير ووضع بعض اللمسات السحرية وبعد تعديل اصبحت العبارة …..
اتفق مجلس النواب العراقي على ان لا يتفق اعضاءه على موازنة 2015