23 ديسمبر، 2024 6:24 م

الشيخ عبد العزيز البدري/8

الشيخ عبد العزيز البدري/8

{إستذكارا لدماء الشهداء التي ستظل تنزف الى يوم القيامة، من أجساد طرية في اللحود، تفخر بها أرواح خالدة في جنات النعيم، أنشر موسوعة “دماء لن تجف” في حلقات متتابعة، تؤرخ لسيرة مجموعة الابطال الذين واجهوا الطاغية المقبور صدام حسين، ونالوا في معتقلاته، خير الحسنيين.. الشهادة بين يدي الله، على أمل ضمها بين دفتي كتاب، في قابل الايام.. إن شاء الله}
 
الشهيد الشيخ عبد العزيز بن عبد اللطيف البدري، ولد في بغداد سنة 1929، سامرائي الأصل، نشأ في بيئة فكرية وتلقى دروسه الدينية على يد طائفة من علماء، نال الإجازة وعين إماما في مسجد “السور” العام 1949، وخطيبا في جامع الخفافين 1950، متنقلا بين مساجد العاصمة.
واعظ جريء بقول كلمة الحق، متحمس في الدعوة للإسلام.. مجاهد، أعتقل بسبب تصديه لعبد الكريم قاسم، مصدرا فتوى بتكفير الشيوعيين.. أنصار قاسم، الذي فرض الأقامة الجبرية عليه، في منزله، عاما كاملا “1959 – 1960” ولم يتوقف عن تأليب الناس ضد الحكومة؛ فصدرت الأوامر بحبسه في داره، لغاية 4/12/1961.
انتسب إلى حزب “التحرير” الإسلامي، ليصبح عضوا فعالا فيه, بالغا مرتبة “أمير ولاية العراق” داعيا الى تطبيق الشريعة و إقامة الخلافة.. يكتب بيانات و نشرات الحزب و يوزعها في العراق .
سجن في عهد الرئيس الأسبق أحمد حسن البكر؛ إذ أختطف ليلاً، مع صديقه عبد الغني شندالة، وأقتيدا الى الأمن العامة حيث رئيسها ناظم كزار وصدام حسين.. نائب رئيس الجمهورية.. حينها، ينتظرونه، فيما قامت مجموعة بمداهمة منزله، وصادرت مخطوطتي كتابين من تأليفه، هما: ”الله الخالد” و”الاسلام حرب على الاشتراكية والرأسمالية“.
أعتقل في ”قصر النهاية“ تحت كابوس بشع من تعذيب فظيع.. قطعوا أجزاء من جسده؛ حتى لفظ أنفاسه، في حزيران 1969، وبعد سبعة عشر يوما، ألقوا جثمانه الطاهر، أمام بيته، وأخبروا أهله، أنه مات بالسكتة القلبية، وأمروهم بدفنه من دون الكشف عليه، ولكن أنتشر الخبر، وحمل نعشه إلى جامع الإمام أبو حنيفة النعمان “رض” للصلاة عليه، وهناك كشف شقيقه الجثة، أمام جموع المشيعين؛ فشاهدوا آثار التعذيب على سائر بدنه، فضلا عن نتف لحيته.
إستشهد الشيخ البدري، ولم يتجاوز الأربعين من العمر، قدوة تحتذى ومثلا يضرب في الصبر على البلاء.. ودفن في مقبرة “الخيزران” في الأعظمية.
ينقل شاهد عيان تفاصيل لقاء جرى بينه والطاغية المقبور صدام حسين، ليلة استشهاده، قائلا: “كنا جالسين في مطعم “فاروق” قرب معرض بغداد الدولي، نستريح من تعب جهد بذلناه في القصر الجمهوري.. صدام وكزار وطه الجزراوي ومرتضى الحديثي وعزت مصطفى، بعد العشاء.. في الثانية صباحا، ارسل صدام يطلبه، وعند دخوله ذهلنا لما عليه من اثار التعذيب فأبدى الطاغية أسفه: “أعتذر ايها الشيخ؛ لأن الشباب لم يعرفوك جيدا فعذبوك” رد بصعوبة بالغة: “لاتكلف نفسك مشقة الاعتذار؛ الشباب يعرفونني جيدا لانهم يحضرون ايام الجمع لمراقبتي ويحفظون كل ما قلته”.
تلعثم وهو يرى في عينيه تحدي وشجاعة وجلدا؛ فهاجمه ليهبط عزيمته: “لا تشغل بالك باشياء بعيدة عن وظيفتك؛ للسياسة رجالها” رده بقوة: “تريد ان تقول: للسياسة شياطينها” فثار صدام، طالبا منه الا يترك عمله، في ارشاد الناس للدين، وان يتحدد بقول ما ينفع في العقيدة الاسلامية، بدل إطالة لسانه بحسب تعبير المقبور” مشيرا بنهايته!