لست بعثيا . لم احب البعث من قبل , لا احبه الان و لن احبه في المستقبل . هذا لتوضيح ما قد يخطر في بال بعض القرّاء.
من هو بلد الفكاهة ؟ انه العراق . من هو بلد المفارقات ؟ انه العراق . من هو بلد اللابلد؟ انه العراق .من هو بلد اللامستحيل؟ انه العراق . من هو بلد المستحيل ؟ انه العراق .
فرغ قانون اجتثاث البعث من محتواه بعد ان استغلّه سادة القوم لصالحهم . ابتعد هذا القانون عن جوهره عندما تلاعب في تطبيقه المسؤولون عنه .ضلّ هذا القانون و حاد عن مساره بسبب تكريسه كأداة او وسيلة لكسب الولاءات و معاقبة الرافضين لطريقة الحاكم .نجد تناقض صارخ يؤكّد ما يمرّ به العراق اليوم ,عندما نتمحص بعين ثاقبة لبعض الاجراءات و التطبيقات الخاصة بهذا القانون. من اهداف الهيئة الوطنية لأجتثاث البعث كما جاء في موقعها الالكتروني:( هو ازالة أثار البعث من الحياة والمجتمع ونذكر منها حب الدكتاتورية والتسلط وعدم احترام آراء الاخرين أو الاستماع اليهم والقرارت الفردية المتهورة في شن الحروب بدون الرجوع إلى الرأي العام هذا بالإضافة إلى القسوة المتناهية في اذلال وتعذيب الاخرين إلى حد القتل لانهم يحملون افكار غير أفكار البعث). ابروح موتاكم اذا غيرنا بس كلمة افكارالبعث و وضعنا بدلا عنها كلمة افكار المالكي , هل ستفقد العبارة مضمونها ؟ اعتقد بانها لن تفقد مضمونها ابدا بل على العكس ستكون مطابقة لواقع العراق الذي مرّ به في حقبة الثمان العجاف السابقة .فكما حملّنا البعث و قيادته مسؤولية خراب العراق و اهدار قدراته البشرية و الاقتصادية و الاجتماعية في عهد صدام و جلاوزته ,فينبغي علينا كذلك تحميل حزب الدعوة و قيادته تبعات ما آل اليه العراق في العشر سنوات المنصرمة من تمزق و تحارب و فساد و تهرء اصاب الدولة في صميمها .و اذهب اكثر و اقول بأنه علينا ادخال بقية احزاب الاسلام السياسي بكل طوائفه و قياداتها في هذه القائمة.
مشعان الجبوري شخصية ,على اقل تقدير , ان نقول عنها بأن لها اطوار مختلفة تناقض بعضها البعض و كأنها لوحة موزائيكية تختلط جميع الالوان فيها.تحالف مع الامريكان و كان سندا لهم في بداية الامر و استفاد كثيرا من خلال التعامل معهم .اختلف معهم و مع الحكومة و مع العملية السياسية برمّتها و غادر الى سوريا قبل حربها الاهلية و اسس قناة فضائية كانت معادية لحكومة المالكي في كل توجهاتها و كل مواقفها .قناته هذه ساعدت على تجنيد الكثير من الارهابيين و التكفيريين للذهاب الى العراق بحجة الجهاد و اخراج المحتل الامريكي و قتل ما يمكن قتله من ابرياء بلده .لقد ساعدت هذه القناة الارهابيين في كيفية عمل القنابل و المتفجرات و كيفية استخدامها بكفائة اكثر لالحاق اضرار اكبر بحق البلد و شعبه .صدرت بحقه مذكرات اعتقال بتهم متعددة منها التحريض على الارهاب . تعاملت معه هئية اجتثاث البعث على انه بعثي و ابعدته عن الدخول للساحة السياسية , و صادرت ممتلكاته كنتيجة لذلك .بقدرة قادر تحول ولائه فتحولت كافة القضايا القضائية ضده الى قضايا ثانوية و ماعت نهائيا في زمن التلاعب بالقانون ,زمن الادارة السابقة.الطريف من هذا كلّه هو بقاء شاهد واحد يبقى غصّة في حلق المتلاعبين و المجيّرين للقوانين و تطبيقاتها ,الا و هو بيته . حيث ان بيته لا يزال مصادر,بينما صاحب هذا البيت يمارس عمله كنائب في البرلمان العراقي و عضو مهم في احدى لجانه و هي لجنة النزاهة و هذه مفارقة اخرى بحدّ ذاتها بسبب اتهامه بالاختلاس او التزوير عندما تعاقد لتوفير الامن لانابيب نقل النفط المصدّر من كركوك الى تركيا حينها.حيث اصدرت المحكمة الجنائية المركزية عام 2007 حكما غيابيا بالسجن لمدة (15) سنة عليه وعلى ابنه (يزن). وقال مصدر في المحكمة ان المحكمة اصدرت حكمها بعد احالتهما من قبل هيئة النزاهة على خلفية قيامهما بجريمة الاستيلاء على المبالغ المخصصة لاطعام افواج حماية انابيب النفط التابعة لوزارة الدفاع.
السؤال هو : هل ان بيت مشعان هو البعثي و هو المزوّر او المختلس ؟ ام ان مشعان هو البعثي و هو المختلس و المزوّر؟
لا يهمّني مشعان الجبوري اطلاقا ,فله مواقف جيدة و ان كانت قليلة, بالمقارنة بمواقفه السيئة , انّه كبقية السياسيين العراقيين, ان حضر لا يعّد و ان غاب لا يفتقد ان اردنا بناء العراق بناءا صحيحا.
لكن كما ذكرت مسبقا هنا بأن العراق هو بلد المفارقات و بلد النكات.
يجب اعادة النظر و بجدّية بقانون اجتثاث البعث لأن المسئولين عن تطبيقه ربما اسوأ من البعثيين انفسهم .فقد اثبت حزب الدعوة مثلا و هو الحزب المناوئ للبعث,عقمه في تطبيق نظريته في الحكم و فشل فشلا ذريعا كالبعث و كان قاب قوسين او ادنى من اختزال الحزب كلّه في شخص المالكي كما اختزل البعث نفسه في صدام . و لولا التأثير الشعبي الذي تبنتّه المرجعية و كذلك الضغط الخارجي و خاصة الامريكي لحصل ما حصل . قانون اجتثاث البعث لا يخدم العراق و لا يخدم بنائه في هذه المرحلة لذلك يجب التخلص منه, و التفكير جديا بصفحة تنموية حقيقية لهذا البلد المظلوم .
** ( من العجيب أن يكون أول ما يهتم به الإنسان البالغ
أن يعلّم الطفل الكلام ، ثم بعد ذلك يعلّمه كيف يسكت)