لم يتفق المراقبون على توصيف محدد لداعش و خارطة أهدافه التي تداخل فيها الطائفي مع التخريبي و السياسي مع الديني لتتحول الى لغز طلاسمه في خزائن ما بعد البحر الأبيض المتوسط و المحيط الهندي و ليس في جبال تورا بورا أو قندهار، أنه مشروع تهويل للعدو من أجل القبول بأبسط حلول المخابرات .
ان القراءة العقلانية لخارطة تحركات داعش قبل انتماءات قياداته يوضح دورا استخباريا مدروسا بعناية لابعاد المتشددين عن عواصم الغرب وعدم مقاتلتهم في شوارعها الآمنة، وبالتالي تحويل الأراضي المنبسطة في العراق و سوريا الى ميدان سهل للقضاء عليهم لكن بعد تنفيذ المخطط الملقى على عاتقهم بتواطؤ أو مراهقة نفوذ، ان مجرد النظر الى خارطة نفوذ داعش القديمة يتضح منها ان الغرض هو قتل المتشددين على أراضي احلام عصافيرهم ، ورغم اللاانسانية في هذا التخطيط فان مصالح الدول أكبر من عقول بعض سياسيي المنطقة واللاهثين الى الوجاهة الاجتماعية على رمال مخابراتية متحركة.
قبل 3 سنوات لم يفكر أحد في العراق بالتهليل لعودة القوات الأمريكية ولم يكن في خلد العراقيين التكاتف ضد الفكر الديني بكل عناوينه السياسية، و الذي أستغل الغضب من ظلم القرارات الحكومية لبناء أسوار بين الوطنية و الشعب .. اليوم وضمن نفس المدى الزمني الذي حددته الاستخبارات الأمريكية للقضاء على داعش خلال 3 سنوات، فان الهدف قد تحقق بالتمام و الكمال،والمتمثل باستعادة الموصل وانهاء وهم ما يسمى دولة الخلافة و استعداد عراقي لعودة الجندي الأمريكي ” المنقذ لا المحتل” و رفض حد السخط للمشروع الديني لصالح الدولة المدنية في العراق بتهدئة عواصف المعارضة للعملية السياسية.
لن نقول ان داعش مشروع أمريكي أو أوروبي لكن في ذات الوقت لانبرأ المخابرات من الوقوف وراء الستار، فالهويات المختلفة لمسلحي داعش لم يكن تجميعها ضربة حظ و لا تدريبهم و تخصصاتهم المختلفة مصادفة أوجدتها ظروف المواجهة على الأرض، فهناك خبراء في الجوانب العسكرية و الثقافية و الاقتصادية و عمليات التخريب، لذلك ازدهرت تجارة داعش في الصناعة العسكرية و تخريب المعالم الاثرية و الحضارية و سرقة و تهريب النفط و اشاعة أجواء الفتنة الطائفية و التخريب النفسي من خلال برامج القتل المنظم و قنوات تهريب المخدرات وزرع العداوة داخل البيت الواحد.
لم يعد داعش خطرا عسكريا على العراق فقد بات من الماضي لانتهاء صلاحيته الاستخبارية، ولن يتقبل العراقي بعد اليوم فكرا متشددا أو مشروعا طائفيا، فقد جرب الجميع و دفع الثمن باهظا من أرضه و ماله و مستقبل أطفاله، لذلك سيتكاتف العراقيون من أجل غد مشرق اذا اجتهدت الحكومة بتخليصهم من آفة الفكر الذي زرعه داعش بعقول الأطفال و المغرر بهم من خلال مراكز لاعادة تآهيلهم على حب العراق و رفض المخططات الاقليمية من حيث أتت فالجميع يستفيد من تناحر العراقيين الا الوطن و مستقبل آخوتنا.. فهل من مدكر!!