18 ديسمبر، 2024 11:54 م

وطني العراق العريق!!

وطني العراق العريق!!

وطني فيض أنوارٍ وبهجة أنظارٍ ومنبع أفكارٍ , على ترابه مرت أجيال تنطلق من أجيال , وأحلام مولودة من أحلام , وآمال تنشر في الأرجاء براعم الآمال , فيه نخيل وأعناب ورمان وبرتقال ونارنج ومن الأزهار ألوان.

جباله عالية شامخة غنية بأسباب الحياة , وتتوشح بالثلج شتاءً وباللون الأخضر البراق ربيعا وصيفا , وتتغنى الأطيار على سفوحها وتتباهى الغزلان بوجودها ويسعى الإنسان في رياض الروعة والإمعان.

وطني وديانه خلابة , تعزف المياه في بطونها سمفونيات الحب والسماحة والجمال والبهاء البديع , فنصيخ السمع لأنغامها الشجية وأغنيات أحيائها المترنمة بلذة البقاء.

وطني به صحارى نجالس فيها عروش السماء , ونتحبب إلى القمر والنجوم ونسبح في زيت أنوارها ونتعطر بأحلام رؤاها وجميل أفكارها ونجواها , حيث ينساب الهدوء وتترقرق الروعة ويطفح الإيمان المطلق بباعث الأكوان.

وطني يضم شواهد حضارات غيّرت خارطة المسيرة الإنسانية , ووضعت لها معالم الخطوات الصاعدة نحو سماء الإبداع , والتخلق المتميز الدافع نحو الأمجاد , ففي وطني بدأ الإنسان مسيرة التحدي ورفع رايات البقاء والتواصل , وأورق في أعماقه الإيمان وتجسد الإصرار والإبتكار والقدرة على الإنطلاق إلى أبعد من دائرة المكان , فصار الإنسان يرى ببصيرته العراقية وعقله المتطلع إلى أنوار ما بعد الذي يرى.

وطني الذي تعرّف البشر في مرابعه على معايير الإنسانية ومبادئها وقيمها وأخلاقها وتطلعاتها وأسس التعبير عنها , والإنطلاق في دروبها لكي تتحقق لوحة الحياة التي تحلم بروعتها أقطار السماء , فكان الحرف والكلمة والقانون والدستور والنظام والفن والموسيقى والعلم والعمارة والمعبد , والبحث عن الله في مملكة الإبتداء الوجودي المجهولة.

وفي وطني تفاعلت السماء بقوة وقدرات خارقة لتأكيد إرادتها في الأرض , حيث تم إختياره ليكون المنطلق المنير والباعث المشعشع الأمين , الذي يعكس أنوار الأكوان

العلوية في سوح الأرض الكروية , لتتجسد عمارة الأفكار والرؤى الجوهرية لقدرات الخلق المطلق العظيم التي أكدتها إرادة “كن”.

وطني . مستودع المحبة والألفة والرحمة , والتمازج الحي التام ما بين موجودات التراب وآفاق النفوس والأرواح والأفكار , والتطلعات المتنوعة ذات الألوان الزاهية اللامحدودة , ففي بودقته كانت الذوات الفائقة تتحول إلى سائل يمتزج مع كل ذات أخرى , لصناعة سبيكة الوجود الإنساني الحضاري المتين القادر على وضع أسس الصيرورات للآتيات الكبار.

وطني لا تعرف الموجودات المتحركة فيه إلا أن تتعشق في بعضها , لتبني جميعها المتماسك وكلها المتناسق , الذي يتحرك على إيقاع القوة والنماء والإرتقاء , والإبداع المتوافق مع إرادة قوة الخلق والإبتكار والإيجاد الأصيل.

وطني تترعرع فيه براعم الأحلام وبذور الأماني , وتنمو فيه أشجار المنطلقات الإنسانية النبيلة السامية المسافرة مع أمواج تيارات الوجود الكوني , الطافحة بقدرات التحدي والتغيير وتحقيق تأثير القوة في المواضع التي تكون فيها , لتعلن عن صوت الحياة وعقيدتها الإبداعية الأبدية المطلقة.

وطني , وطن ثقافة وفن وعمارة وحضارة وتاريخ وأديان ولغات وأجناس وعقائد وأفكار وألوان , وطن القلم والشعر والقصة والرواية والمسرحية والإضافات الثقافية الثرية , التي توجتها ملحمة جلجامش قبل أن تعرف البشرية معنى الإبداع , والإنطلاقات الأدبية والفكرية والعلمية والإنشائية , فكان العراقي أول مَن واجه المصير وحاول أن يسأل ويبحث عن الجواب , ويستحضر النظام الكوني اللازم لتوفير الفهم المعقول للوجود.

وطني , وطن القوة والتأريخ والرموز التي رفعت رايات الأمجاد وأثرت مسيرات الأجيال.

هذا الوطن يبقى ويبقى ويكون تاج الأرض وفخرها وعنوان حقيقتها ولسان حالها في أرجاء السماء.

وطني العراق , وطن العزة والتحدي والمطاولة والكبرياء , قاهر القِوى ومُذل الإمبراطوريات , وعلى ترابه تتحدد النهايات والبدايات!!

وطني وطن الكبرياء والمطاولة والتحدي والخلود , وستذهب عواصف العدوان وستنهزم أعاصير الشرور ويبقى العراق هو العراق , هكذا هتف التأريخ بألسن وحناجر أنهار الأجيال بأمواجها المتصاخبة , في تيار المواجهات ما بين الفناء والبقاء!!