18 ديسمبر، 2024 8:38 م

أولوية قانون الأحزاب!!

أولوية قانون الأحزاب!!

يشكل العمل الحزبي في العراق ظاهرة غريبة فبعد سنزات طويلة من مؤسسة حزبية واحدة يشهد العراق” ثورة غير مدروسة” في العمل الحزبي، فهناك أكثر من 40 مؤسسة حزبية تكلف ميزانية الدولة مليارات غير معروفة المصدر، وربما يكون هذا هو السبب المباشر لبقاء ملف قانون الأحزاب على رف النسيان منذ الدورة الماضية للنواب.

ويقول مختصون ان الكتل السياسية ” الكبيرة” تعرقل إقرار قانون الأحزاب خشية فقدانها القدرة على التدخل مستقبلاً بعمل الحكومة ودوائر الدولة التابعة لها”،فيما يرى آخرون أن ” التزامات المعارضة” تستدعي بقاء الأمور طي الكتمان لمنع الكشف عن الولاءات الخارجية، بينما يؤكد فريق ثالث أن تأجيل القانون يعود بالمنفعة على ” مدخولات الأحزاب لا برامجها”، في إشارة الى وجود صفقات سياسية قديمة تنسجم و مرحلة ” تغييب الحقائق” التي أوصلت العراق الى حافة الإنهيار.

وفي هذا السياق فان منظمات المجتمع المدني و المؤسسات التي تعني بالشفافية وإنضاج التجربة الديمقراطية مطالبة بإسماع صوتها في هذه القضية الملحة جدا لكي لا يبقى العراق” بلد الاستثناءات ” في العمل الرسمي و الحزبي، سيما و أن الانتخابات البرلمانية تفتقد بعض جوانبها الدستورية لأن الأحزاب شاركت فيها بلا قانون يحدد و ينظم مسؤولياتها و نسب الدعم الحكومي، في وقت تلعب ” المضاربات التجارية” دورا محوريا في ديمومة العمل الحزبي، إضافة الى موارد ” غير رسمية” يقدمها الأعضاء المسؤولين في مؤسسات الدولة من أجل الكسب لا تقديم الخدمات.

ولو أفترضنا أن كل حزب يكلف ميزانية الدولة مليار دينار كل 6 اشهر، فيمكننا معرفة سبب وصول العراق الى حافة الافلاس، هذا مع القناعة بأن العائدات أكثر من ذلك بكثير، إضافة الى ما يشاع عن ” ميزانيات خارجية حسب العرض و الطلب” ما يستدعي خطوة جريئة لمنع تحويل مؤسسات الدولة الى مظلات حزبية، ومن هنا يأتي الدور الرقابي المهم للنواب و القضاء، فلا يجوز الابقاء على الفوضى الحزبية و السياسية طالما هناك قانون مطروح للمناقشة.

لا نجد سببا يمنع مناقشة هذا القانون غير الخوف على المكاسب، خاصة وأن بعض الأحزاب حولت ممتلكات حكومية و أخرى ترفيهية الى مقرات تحتاج الى موارد كبيرة لادامة عملها، فمن أين تأتي الأموال و كيف والى متى يتم السكوت على هذه الأفواج من الحمايات و العقارات التي لا تدرج في الموازنة العامة لأنها أضحت ملكية ” شخصية”!!

ونحن هنا لا نشكك بولاءات الأحزاب لكننا نجتهد باتجاه توضيح الحقائق لمنع الإتهامات فمثلما أن المسؤولين مطالبون بالكشف عن ذممهم المالية، فان الأحزاب هي الأخرى مطالبة بذلك لرفع الشبهة عن علاقاتها سيما مع أراء كثيرة تقول ان الأحزاب الكبيرة المشاركة في الحكومة لا ترغب بتشريع القانون لأنه سيكشف مصادرها المالية، خاصة وأنه يحدد ضوابط صارمة بشأن العائدات المالية و نشر قائمة بأسماء المتبرعين، لذلك حان وقت تشريع القانون بحيث يسجل النواب الحالي خطوة متقدمة نحو الانفراج لانهاء سنوات الطلاسم و الأمل المفقود.

*[email protected]