لم يقدم الدين الإسلامي في يوم من الأيام نفسهه دينا متعصبا مكفرا لاغيا للآخرين , ولو كان كذلك لما بقيت الديانات الإلهية والديانات الوثنية باقية لليوم في محيطه الأول وفي البقاع التي إستاع الوصول إليها فاتحا وإن كان بالسيف , فتلك هي حالة مد النفوذ قديما وحديثا . وفي كل الأقطار العربية كان المسلمون بحكم أكثريتهم راعين محترمين للآخر , وقد وصل الحد للتزاوج والتصاهر والعيش المشترك , وإلى الآن ما زالت الكنيسة تقف بجانب المسجد لا هو يجد فيها تجاوزا على وجوده ولا هي تجد ضيقا من الجيرة من كثرة الإنسجام والإختلاط , وصار التزاور في الأعياد
حالة طبيعية , إن لم تحصل لسبب أو آخر يكون العتاب . وإذا كان هذا على مستوى العلاقة مع الدين المسيحي فإن الحال كان كذلك مع الدين الموسوي لولا ولادة المنظمة الصهيونية وإغتصاب فلسطين , ومع هذا ما زال المنصفين من اليهود يجدون في جيرة العرب كل المحبة والإحترام .
إن ولادة الحركة الصهيونية كحركة دينية متعصبة كان بمثابة الشرارة الإولى لإنطلاق رد فعل المسلمكين والسعي لتسيس الدين بإتجاه التعصب والتشدد خاصة مع اليهود , لكن الحال ظل مع المسيحين طبيعيا لغاية اليوم ولعل تعاطف المسلمين مع حالة المسيحين على يد داعش هو خير دليل على صدق التعاطف , مع إن داعش لا تفرق بين مسلم ومسيحي لإنها لا تؤمن بإسلام إلا من خلال نهجها العدواني والذي سبب وسيسبب الكثير من عسر الفهم عن صورة الإسلام خاصة في الغرب . اللهم إلا إذا كانوا منصفين في نظرتهم ومعرفتهم بكينونة هذا التنظيم الإجرامي المتوحش .
إن التشدد أو قل التعصب الديني في الإسلام لم يكن مع داعش وحدها لأنها لم تكن الحجرة الأولى في مسيرة الإسلام المتشدد بل هي النتاج الأخير لسلسلة من الحركات والتجمعات الدينية التي إبتدأت في مصر مع إنطلاقة حركة الإخوان المسلمين وحركة الجهاد , وكان الشعار هو فلسطين وإخراج الأجنبي من الأرض العربية والإسلامية , وكانت لهذا التنظيم أهداف خفية يرسمها الممول الأول وواضع لبنة البناء , لقد كان الهدف إخراج الإسلام عن نهجه التسامحي وبالتالي خلق طوائف تحل بمرتبة الدين من خلال تكفيرها للديانات أولا وللطوائف ثانيا , وتلك أسهل طريقة لإيذاء
المجتمع الإسلامي وتجريده من وحدة التلاحم الديني . وسرعان ما إنشق أفراد من تنظيم الإخوان ليكونوا حركات دينية ذات إطر أكثر طائفية وحدة من سابقاتها , ووفق هذا إختلف أيمن الظواهري مع الإخوان والتحق في إفغانستان ليتوحد مع إبن لادن ويكونا تنظيم القاعد ة , ومن هذا التنظيم ولدت داعش كما ولدت النصرة وخرسان وغيرها من المسميات المتعددة , إن مشكلة الغرب المدفوع إسرائليا لا يتورع في النتائج البعيدة لهذه التنظيمات وإنما يمدها بكل مقومات وجودها لأنه بالأخير سيكسب إضطرابات تلك المناطق وغير شاعر أن تاثير هذا التعصب والتشدد سيكون عليه وبالا في
داخل مدنه وأمنه يما ما .
إن التسلسل الهرمي للحركات الإرهابية نشأ وفق التطور التالي :
حركات طائفية : سرعان ما تطورت وتعددت بعد سلسلة من الصراع مع نفسها ومع الآخر لتلد :
حركات تكفيرية : وبذك شهد الدين الإسلامي صراعا بين طوائفه بعد صراعه بين أديانه . ويبدو أن الغرب وجد في هذا التطور السريع أهدافا لم يكن يحلم بها لانها كانت أكبر من تصوره . وبفضل هذا الإنجاز إمتدت أكثر من جهة ويد , بعضها لوجه الله ظنا منها أنه الدين الذي يجب أن يكون والبعض الآخر هوتكفريا في داخله فإنهالت المساعدات بكم خيالي جعل من هذا المنظات بخزائن دول , وطالما أن هذا التطور قد أكسبها جاهلا ومالا وتعددت عليها دعوات التواجد وقدمت لها وسائل إعلام وفضائيات وأرصده تحت اليد مما جعلها تبتكر لنفسها صيغة أكثر عنفا لتنال أكثر دفعا فولدت
الحركات الجهادية , مع العلم أن هذا التسلسل قد تداخل مع بعض بحكم الضرورة والحاجة مع اكثر من تنظيم .