كل بلدان العالم تحتفل بقدوم العام الجديد , الا بلدي , فالاعوام تمر به مسرعة وهو مازال جالسا على رصيف الزمن بانتظار قدوم المواسم , عسى ان يجني ثمار شجرة زرعها , لكن صقيع الفشل يقتلها قبل موعد القطاف .
اناس العالم يحتفلون ليتركوا احزانهم ترحل مع القوارب المتجهة صوب النسيان , وليمحوا من اوراق حياتهم ذكريات مرة ربما مرت ببيوتهم وحدائقهم , ونحن في بلدي نحتفل اليوم للتذكير وليس لنسيان الماضي , لان الكوارث قد تحولت الى ارقام مخيفة تعيش معنا لحظة بلحظة ,والموت هاجس دائم طغى على كل الوان الحياة , ولانكاد ننسى مشهدا حياتيا قبيحا , حتى يطل علينا اخر اكثر قبحا وقسوة وايلاما .
كيف ننسى سنوات احدثت شروخا في صورة وطني ,ومصائب افدح حلت علينا ,ومازالت اصواتنا تصرخ ( وطني – وطني ) حتى تعبنا من الهتافات وبحت الاصوات,نريد الغاء زمن لاتتمايل اشجاره مع هبوب الريح , زمن اختلطت فيه الاقدار ,صار العملاق قزما , والقزم يعانق السحب ,والجاهل عالما , والعالم حجرا مركونا في زوايا النسيان , زمن اعتلى فيه الجهلاء قمم الحاضر.
كيف نحتفل بالعام الجديد وقد ازدادت الغربة بين الوطن والمواطن , واستشرت افكار الفرقة في الجسد الواحد , وبات وطني ارض معركة علنية بخنادق متداخلة للطائفيين والانتهازيين ومتأبطي الاجندات الخارجية الذين يريدون حلبنا عنوة ونحن عجاف .
كيف نحتفل والفوضى العارمة تسري في الدروب والازقة , ولانملك سوى عيون ذابلة مغرورقة بالجوع قبل الدموع , وعائلات عراقية لاتدري اين تأوي, وارض استبيحت لم نعرف من المسؤول عن ضياعها , ولم نسمع يوما عن مسؤول كبير قد صدر الحكم عليه .
حتى الحديث عن الوطنية صارت له مواسم, لكنه في كل الاحوال لايتعدى بكاء تماسيح على كرامة وطن مفترى عليه,ليبقى هم السياسيين يكرس دفن الخطايا التي نريد نبش قبورها من جديد , لانه من المستحيل ان نظل مغيبين , متحجرين في اماكننا وعيوننا ترقب فقط مايمر امامها من خيول جامحة يمتطيها محاربون فاسدون لايعرفون المهادنة او التنازل في ساحة المعركة السياسية .
دعونا نحتفل هذا العام على طريقتنا الخاصة التي ربما لاتتالف اطلاقا مع كرنفالات العالم , وعلينا ان نأمن من ضياع يتربص بنا اسمه ( داعش ) (والفساد ) عسى ان نمحوا خطوات سوداء صبغت مواسم السنين.