-1-
لا نستغرب أبداً اذا ما رأينا بعض رجال السياسة يتحولون الى فرسان مواعظ، فيتهمون غيرهم بخرق الدستور ، ويُطنبون في سرد جرائم الآخرين وكأنهم المبرؤون من الأخطاء الخطايا …
-2-
إنّ تزكية النفس منهيٌّ عنها بصريح القرآن :
قال تعالى :
{ فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى } النجم /32
ومن هنا فان كلّ مَنْ يعزف على أوتار ” الذاتية ” فلن يُطرب أحداً على الاطلاق …
-3-
إنّ ألسنة الناس تلهج بذكر أصحاب المبادرات الرائدة والخطط الواعدة ..
وشتان بَيْن أنْ تتولى بنفسك عملية تلميع صورتك، وبين ان يتولى الناس ذكر انجازاتك واكبارها والثناء عليها .
-4-
أما اذا اختفت الايجابيات ، وطفحت على السطح السلبيات والثغرات والمفارقات … فانّ نبرة التبرم والسخط ستكون شديدة رهبية .
-5-
واذا كان الفشل في جانب واحد لايُغْتَفَرُ فكيف بالفشل الذريع الممتد الى كل الجوانب الأمنية والسياسية والاقتصادية … وصولاً الى العلاقة بين الفاشلين وبين اخوانهم وزملائهم ..!!
-6-
انّ الاعتراف بالخطأ فضيلة – كما هو معلوم – ، أما انكار الأخطاء جملة وتفصيلاً ، فهو ما يزيد بلةً في الطين ، ويثير المزيد من كلمات الناقدين الساخطين .
-7-
وهناك وصية ذهبية لحبر الأمة (عبد الله بن عباس) أطلقها حين جاءه أحدٌ الراغبين في الظهور على المسرح الاجتماعي ، متقمصاً شخصيَّةَ (الواعظِ) الناصح ، المسكون بأوجاع الأمة ، والحريص على انقاذها ..!!
وهذه الوصية نابضة بالقوة، وجديرة ان تكتب بماء الذهب، ليستوعبها كل اؤلئك السابحين في بحر الذاتية ، والمنتفخين الذين وجهوا عنايتهم لاسقاط خصومهم ، وغضوا النظر عما هم فيه من تراكم العيوب ، وتكاثف الذنوب …
لقد أجاز (ابن عباس) للرجل ان يتصدّى لِمَا أراد بشروط ، انتزعها من القرآن الكريم ، فأضفى عليها لوناً من القداسة
والسؤال الآن :
ما هي الشروط
والجواب :
قال :
” ان لم تخش أنْ تُفْتضح بثلاثِ آياتٍ من كتاب الله “
والملاحظ هنا :
استخدام ( ابن عباس) لفظ (الفضيحة) الدال على غاية الفشل المقرون بالخيبة والازدراء ..!!
” قوله :
أتأمرون الناس بالبِرّ وتنسون أنفسكم البقرة / 44
وقوله :
” يا ايها الذين آمنوا لِمَ تقولون ما لاتفعلون الصف /2
وقول العبد الصالح شعيب :
” وما أريد أنْ أخالفكم الى ما أنهاكم عنه هود / 88
أأحكمتَ هذه الآيات ؟
قال :
لا
قال :
فابدأ بنفسك اذاً } نثر الدر /ج1 /286
ان هناك ثلاث ركائز أساسية لابُدَّ من إحرازها في النفس قبل التصدي العام :
1 – ان يلتزم المتصدي بما يطرح على الناس التزاما كاملاً ، فيأتِمر قبل أنْ يأمر …
2 – أن تكون أقوالُه مطابقة لأعماله فيكسب الثقة … والاّ فهو الكذاّب..!!
3 – ان يكون بعيداً عن التناقض، حيث لا يُعتنى أبداً بكلام من ينهى ولا ينتهي ….
-8-
والضجيج المثار اليوم على بعض كبار الفاشلين من السلطويين كان بالامكان ألاّ يثار لو أنّه راعى ما يجب ان يراعيه المتصدون للشأن العام.