يُروى أن السوفيتي (يوري ألكسيافيتش جاجارين) هو اول انسان وصل للفضاء في 12_ ابريل _ 1961, وتبعه قليلون, لأن وصول الأنسان للفضاء ليس بالمهمة السهلة, لأنها تعنى بثقافة ذلك المجال الحيوي, وإنها عبارة عن دراسة, وتضحية, وجهود عقلية وقدرات ذهنية فائقة, لم يتسنى لأي عربي الوصول إلى الفضاء أو الحط على سطح القمر, ولو زيارة خاطفة, ذلك نتيجة لتأخر العرب في مواكبة الحداثة وركب موجة التكنولوجيا, حتى غاب الحضور العربي للفضاء, وأظهر ذلك عجزهم على كثرتهم من صناعة مكوك, أو مركب فضائي, إلى أن جاء العراق ليفاجئ الجميع بكسر هذا القيد الذي ظل مرافقاً للعرب طوال العقود التي تلت.
اليوم تنطلق أول رحلة عربية في الفضاء, وزيارة عربية الأولى من نوعها, يزور فيها العرب القمر, زيارة تاريخية لا بد من ان تجتذب الاهتمام وتسترعي الانتباه, فاليوم يُفاجئ العراق العالم أجمع برحلة فضائية للقمر, رحلة جماعية تمثلت بأكثر من ثلاثمائة ألف رجل فضائي, لكن الغريب فيها إن الفضائيون هؤلاء هم من طبقة العساكر والجنود والشرطة المحليون, ولا ننسى بعض المسؤولين الكبار في رحلة الفضاء هذه التي بلغت الرقم القياسي في أول رحلة عربية, وأول رحلة جماعية, زيارة تفقدية لواقع الخدمات في سطح القمر, ومحاولة الاستفادة من تجربة النظام السياسي للفضاء في مجال الأمن والخدمات!
لقد فضحت اليوم حكومة السيد الدكتور حيدر العبادي ما كان يدور في خبايا حكومة السيد المالكي من عمليات نصب واحتيال وفساد اداري رعته قيادات بارزة في المؤسسة العسكرية, ورُتب عسكرية كبيرة على مستوى عقداء في الجيش العراقي, وكشفت الأيام والتحقيقات بأن رجل الفضاء اليوم هو عربي عراقي بامتياز محلي, لما والعراق بلد نجابه للعمالقة والكبار, بلد صناعة الرجال, ولا ننسى كهرمانة والأربعين حرامي, والقمر والثلاثمائة ألف فضائي, وما خفي كان أعظم, ما نود قوله إننا نطالب حكومة السيد العبادي أن تعمل على تشييد نصب تمثال من الكرانيت أو الفولاذ على تقاطع العلوية لرجل الفضاء العراقي الأول والثلاثمائة الف فضائي معه, حتى يتحول إلى تراث الوطن ويُسجل في دائرة الأثار العراقية حصراً!
اكثر من ثلاثمائة ألف فضائي ينعمون بمرتبات خياليه, كالفضاء, رواتب وهمية, على مدى أكثر من عشر سنوات, أنهكت ميزانية الدولة, وأضعفت تنميتها, وأظهرت عجزها المالي, الأمر الذي دفع من دفع لتأجيل إقرار موازنة 2014, لسبب بسيط إن إقرار الموازنة سيُطالب الجهات المسؤولة بتخريجات مالية وتبويبات نهائية وهو ما يدفع الحكومة وقتئذ إذ على المكاشفة والمطالبة بموازنة بلغت الأعلى في الشرق الأوسط, وعلى مر التاريخ, إنها تبلغ أو تزيد موازنة أكثر من ثمانية دول عربية, لهذا أُلغيت موازنة 2014 لا ندري أين تبخرت الـ 140 مليار دولار ما عدا الموازنة التكميلية, إنه أمر يُثير الدهشة والاستغراب !
لكن ما يُثير دهشتنا وغرابتنا, هو السكوت المفرط على مسائلة اموال وخزانة 2014, والأكثر هو تذرع الحكومة وفتل ذراعها بمعالجة عجز الميزانية بالتحايل على حقوق الشعب, وعلى حساب الواقع الخدمي والإنساني الذي تعيشه الدولة اليوم, مع إغفال تخفيض رواتب البرلمانيين وحماياتهم, ونثيراتهم ومحروقاتهم التي بلغت أرقام خيالية وأرصدة حسابية تجاوزت المعقول, برآينا يجب أن يكون الأمن, والصحة, والتعليم خارج خطة سياسات التقشف التي تسعى إلى إعادة الوضع إلى ما هو عليه, أو الترشيق من حجم العجز, لأن البلاد تعاني من “فوبيا إرهاب” يُحيقها من كل حدب وصوب, ولأن الواقع الصحي ماس ويعاني من نقص في الدواء والمستلزمات الصحية, ولأن الجهل يطبق على الثقافة المحلية, والانقطاع الحضاري يعلن استمراريته على مدى أكثر من (23) عاماً, وهذا يبرر لنا أنْ نضع ندعو إلى وضع التعليم والصحة والأمن في الخطوط الحمراء, يمنع تجوزها, وعدم إدراجها ضمن سياسات التقشف, وهو ما يجب أن يكون مطلب جماهيري واسع, وإن الحل يجبأن يتم من خلال طريقتين, أن تُخفض نثريات ومرتبات البرلمانيين والمسؤولين الكبار, أولاً, وتغريم أولئك الفضائيين بإسترجاع مرتبات ما كانوا يتقاضونه ثانياً, الأمر الذي من شأنه قد يحل جزءاً كبيراً من الأزمة وليس إلغاء الإجازات الدراسية, وغلق الملحقيات الثقافية واستقطاع رواتب التدريسيين والمنتسبين في وزارة التعليم العالي والبحث والعلمي, متى أصبح التعليم في العراق في مراحل متقدمة وتنمية مستدامة حتى يتم تقليل أو خفض الإنفاق عليه, ثم لماذا لا تُلغى أو تُخفض الرواتب الهُلامية والنثريات والمشاريع الوهمية التي فاحت رائحتها للقاصي والداني, ولماذا لا يُحاسب مسؤول واحد عما يحصل في البلاد من فساد وسرقات بالمعيار الثقيل وحديث مسهب في التلاعب بالمال العام وصل للقمر مع الفضائيين طبعا (!), وهناك مسؤول بوزن “رأس هام في الدولة” يعمل بصفة رجل فضاء بعقد مع القوات الأمريكية مذ العام 2003 وهو رجل الفضاء الأول وصاحب الفكرة النيرة للوصول, كأول عربي يطأ سطح الفضاء وهو شخص ينتحل كل مرحلة زّي ولباس وهوية, ويتجول بين الطوائف والسراديق والطوابير, يوماً بعثياً صدامياً, ويوماً قاعدياً, ويوماً قذافياً, ويوماً قومياً, ويوماً جهادياً, ويوماً حسينياً يبكي على المأتم والمواكب!
وأخيراً يبقى السؤال: لماذا سياسات التقشف تستهدف المواطن وتعفي المسؤول ؟؟ .. ولماذا يُحارب التعليم والأبداع ونحن شعب يسير “نحو الأمية”؟! ونواجه تحديات التخلف والجهل المقدس الذي يوفر أرضية لتنامي ثقافة الإرهاب والتكفير في المجتمع وتبذر الطائفية التي أعتاشت على واردات البلد وعلى العقول والكفاءات التي ما زالت بين مطرقة الاغتيالات وسندان المهجر!