ليس هنالك أدنى شك؛ من أن خيانة الأمانة جريمة كبيرة، وكلما كانت الأمانة أكبر؛ كلما كان الشخص أكثر حرصاً ودقة في ممارسة إدارتها، ومن لا يستطيع تحملها عليه الهروب منها كهروبه من الأسد.
ظاهرة الفضائيون لم تأت في ليلة وضحاها؟! بل توغلت في جسد الدولة؛ كوباء عند فاقدي مناعة العفة الوطنية، ولا يملكون حدود قانونية وأخلاقية؟!
هنالك فرق كبير بين السلطة والدولة، وكلما إتجه الحكام الى شخصنة البلاد، كان الحكام، أكثر تشبث بمقاعدهم خوفاً على إتضاح حقائق تنافي شعاراتهم؟! بعد تحول أفعالهم الى أمجاد شخصية، على حساب الدولة وسكانها.
تشير المفاهيم الدولية، الى كون كيان الدولة بشخصيتها المستقلة لا بشخوص رؤوساءها، وتتحمل خسائر الحروب الرعناء الى يشنها قادتها، وكما حدث بعد إنهيار الشيوعية، ودفع العراق تكاليف حروب الدكتاتورية، وهنا السؤال لماذا تدفع الشعوب ضريبة أفعال همجية، يأتي الجواب؛ أنه ثمن سكوتها او إختيارها الخاطيء للحكام.
تُقدم للدولة هدايا وهبات، وتبنى منشأة وقصور، وتشترى طائرات ومركبات، يعتقد بعضهم أنها من ملكه وهو المتفضل على الدولة، وفي أحدى سنوات الحكم الفرنسي، قدمت قلادة ذهبية الى زوجة الرئيس، عند زيارته الى أحدى الدول، فما كان للشعب الفرنسي، إلاّ التظاهر لإسترجاعها بعد إنتهاء ولايته؛ لإنها ملك الدولة الفرنسية ورئيسه الفعلي الحالي.
يعاني العراق كثيراً من جيلين مختلفين في النظام، مشتابهان بالأفعال، وما بين الأسبق والسابق، فكلاهما إعتقد أن الدولة ملك عائلي وشخصي، وله الحق في توزيع الحدائق الى قادة (حدائق)، والى اليوم توجد مليارات من النظام الأسبق بأسماء وهمية لم تسترجع لحد الآن، تلاها مليارات آخرى من النظام السابق بمسميات ومشاريع وهمية، ورواد فضاء الفساد.
عقارات وأرصدة في البنوك الخارجية، قام بتهريبها حاشية ومحسوبون على السلطة دون وازع ولا رادع، إجتمعت لتحقيق الحفاظ على رأس السلطة، فما بالك في بلد 80% من مناصبه بالوكالة، والوكالة يعين الوكالة وهكذا، وصارت الهيئات المستقلة تابعة للسلطة التنفيذية؛ فكيف يراقب سلطة وهي من قام بتعينه وتستطيع فصله؟!
الفضائيون ليس حدثا عرضياً، ولا بسبب حداثة تجربة التعددية، بل جريمة منظمة؛ لنهب أموال العراق الى الخارج، وأن كان ثمنها سقوط المدن وآلاف الشهداء.
تجارب حكومات القهر والتعسف، تشير الى هدر أموال لا يوازي ما حصل في المرحلة السابقة، ومن الغرائب المستهجنة، أن تجد طائرة مدنية تسجل بأسم رئيس مجلس الوزراء السابق، حتى علق أحد المواطنيين، هل هي سيارة سايبا؟! أو أنه بالفعل يقود جنود في الفضاء، ويزورهم بهذه الطائرة؟! إذ لم نعهد منه التجول في أرض المعارك؟! ومقربوه يقولون: أنه ينوي تحرير القدس؟!