لما كانت الصحراء أول الأزمنة احترف أهلها البدو
الحِداء
1
ها أنا في طريقي إليك
وحيدة في حضرة البوح
لا تسألني
عمّا يجيش بخيالي
ولا أسالك عّما يراد
فقط
يراودني تحت اللسان
السؤال
أما زلت كما عرفتك
بذاك العناد …
أما زلت مولعاً بالحياة ؟
2
لم أخطط أن ألتقي
في طريقي مالكاً
أنت
منذ عهد جدك
الذي ناهز الثمانين
والذي
كتب لذاكرة الأرض
قصائداً
موشّاة بالعنفوان
وأهلك
الذين كانوا يتلامسون بالأكتاف
والذين احترفوا على أجسادهم
الوشم
حين تطلع الشمس
وينضج صلصال أجسادهم
يخّطون على الرمل
سبائك من ذهب
وما تجود به الروح
لتسير به الركبان
3
ولتظل عابقة
على مرمى القوافل
رائحة قهوتهم السمراء
4
أتذكر
حين أسموك مطراً
تبّركاً بكرم السماء
كنا أنا وأنت
نكتشف العوالم المخبّأة
بين (الجريد)
نلّم ما تشظى من الغيم
لنجدله رؤى من ضباب
5
نتسّلق بها للحافات الضليلة
نخبأها تحت الوسائد
وحين تصعد الشمس للسفح
ويأذن النهار
نجهش بسرنا
أما من عرّافة تفّسر الأحلام
6
وأنت كما عرفتك
كخيمة في العراء
تتناهبها الريح
وعواء ذئب
ينام بنصف عين
وقطيع على السفح
تترصده الكلاب
هل ستظل هكذا إلى أن يدق بوق النفير
بين فكي رحى
هل سنظل هكذا
يهاجر الموت إليك كل أوان
7
سآتيك .. مثّقلة بقصائد طازجة
وممتلئة بعشقك
سآتيك .. في موسم قطاف البلح
أرسم على خرائطك
اعتذاري
واعترافي
بأنك أول وآخر الشهداء
8
يا وطناً
مصبوباً من شظايا
بنخيلك المتهدّل بالرطب
)كهرمان(
ليس من العبث أن نتظاهر
أنا وأنت
أن هولاء العابرين
الحفاة الجياع
الصامتين
كم حامت على رؤوسهم العقبان
بولاة أمرهم
الذين
تلبّست
أرواحهم قمصان إبليس
يتنادمون بلياليهم الحمراء
بأقداح دمٍ
9
هؤلاء الفقراء
تركهم الزمن
على قارعة المدن
دون متاع
تطلع من رؤوسهم سنابل قمح
يأكل الطير منها
وهم لا يأكلون إلا الفتات
10
هل من سيّارة تأتي
لتنتشلك من البئر
لنبني من خوص نخلك
عرائش للحب
هل ستصدق الاحلام
أم هل سيظل القطاف
يعاني البوار ؟