ساهمت السلطة الأولى في البلاد، متمثلة بشخص رئيس الوزراء حيدر العبادي، مع السلطة الرابعة، المتمثلة بقناة البغدادية، في كشف جانب من الفساد المالي الهائل في وزارة الدفاع، التي كان يرئسها سعدون الدليمي، ومن قبله نوري المالكي وكالة.
ذلك الفساد كان فضائياً بكل ما للكلمة من معنى، حيث كشفت قناة البغدادية، قيام وزارة الدفاع بعمليات تهريب للأموال النقدية الى الخارج، من خلال مطار بغداد الدولي، والى جهة مجهولة!
الغريب في الأمر، أن عملية تهريب واحدة تم كشفها، تتحدث عن نقل (300 مليون دولار) دفعة واحدة! وإن تلك الأموال، لم تنقل وفق ما هو معمول به رسمياً، عن طريق المصارف، مما يثير الشكوك، بل أن رحيم العكيلي، الرئيس السابق لهيئة النزاهة، أكّد أن طريقة النقل تدعو الى الجزم، بأن تلك الأموال كانت مهربة!
ثمة أمر آخر في غاية الأهمية؛ وهو أن وجهة تلك الأموال، كما في حديث العكيلي، كانت الى لبنان!
لو أننا فكرنا على طريقة كشف الأدلة الجنائية، وقارنا ما حصل في تلك العملية، مع ما تم إكتشافه قبل أشهر قليلة، من العثور على مليار وسبعمائة مليون دولار، من الأموال العراقية المهربة، في مخبأ في إحدى ضواحي لبنان؛ فإن ثمة تطابق بين حالتي التهريب، ففي الحالتين كانت الأموال تعد بمئات ملايين الدولارات، وكذلك فإن وجهة التهريب هي ذاتها (لبنان)!
لسنا هنا في معرض توجيه الإتهام، الى وزير الدفاع السابق سعدون الدليمي، ولا إلى رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، فنحن لسنا قضاة، ولا هيئة نزاهة، وإنما نحن نمثل صوت الشعب المنهوب!
ذلك لم يكن آخر المطاف، في سلسلة الفساد المالي في وزارة الدفاع، فقد كشفت التسريبات، عن وجود (250 ألف فضائي) في وزارة الدفاع والداخلية فقط، وإن كان ما أعلنه رئيس الوزراء كدفعة أولى، لا يبلغ ربع ذلك العدد، وحتى لو أخذنا بما خمَّنه بعض المختصين، أن يصل العدد الكلي الى ضعف ما أعلنه العبادي، فلعل الرقم (250 ألف) مبالغ به، وقد يكون حقيقياً! لكنَّ “فن الممكن” قد يخفضه الى ما دون النصف أو الربع!
أمّا لو سلمنا جدلاً بما خمنه المختصون، أي (100 ألف فضائي)، فإن ما تنفقه الحكومة على هؤلاء الفضائيين يقارب في المعدّل (1700 دولار) لكل فضائي شهرياً، فيكون المجموع: (170 مليون دولار شهرياً) أي ما يقارب (ملياري دولار) سنوياً!
مليارا دولار تهرّب الى خارج العراق، وتكتشف بالصدفة، وضبّاط كبار في القوات الأمنية، يختلسون ما يقارب ملياري دولار سنوياً، عن طريق الفضائيين!
تلك البيانات تجعل من الفساد المالي في وزارة الدفاع، فساداً فضائياً بإستحقاق وجدارة، وتكشف عن مدى الإنحلال في مؤسسات الدولة، في عهد حكومة نوري المالكي، وتجيب عن تساؤلات الشعب العراقي؛ أين كانت تذهب أموال الميزانيات الإنفجارية، التي طالما كان يتساءل عنها الشعب، ولا يجد من يجيبه؟! وكذلك عن أسباب انهيار المؤسسات الأمنية، في الموصل وغيرها أمام داعش!