18 ديسمبر، 2024 8:49 م

السيد النائب في ضيافة ذي قار !

السيد النائب في ضيافة ذي قار !

حين كان نوري المالكي يقف على دست الحكم كانت كلماته وخطاباته وتصرفاته محكومة بنوع من البراغماتية الواقعية، على الرغم من بعض الانحيازات التي تطل هنا وهناك، وكأننا نسمع كلاماً فيه الكثير من التعقل ومراعاة الموقع الذي يتولاه، ولكن حينما أُزيح عن دسته، بدأنا نسمع خطاباً مغايراً، خطاباً انفعالياً أكثر منه خطاب رجل دولة قاد البلاد ثمانية أعوام، وظهر المالكي بنسخته المخفية التي كانت مستترة، فهو أدرك على ما يبدو استحالة التحول إلى زعيم وطني عابر للطوائف، كما حلم أبان أوج انتصاراته بين عامي 2008-2009، بفضل التعاون المثمر مع قوى سنية تمردت وأعادتها الدولارات الأمريكية إلى بيت الطاعة، لكن حلم المالكي الذي بدا انه يقترب خصوصاً مع إقدامه على ركل التحالف الشيعي – الطائفي- عام 2010، معلناً قائمة عابرة للطائفة، تبدد خصوصاً وان نتائج الاختبار أفرزت قوى لم تكن متوقعة، تمثلت بفوز حلفاء السعودية – قطر – تركيا، وما سُمي حينها بالعراقية التي اكتسحت القوائم، وكانت قاب قوسين أو أدنى أن تحقق حلم الإزاحة الصعب، فما كان الرجل سوى أن يصحو على واقع بلد لا يعرف أي صيغة سوى الصيغة الأمريكية التي رسمت مسارات الطائفة وأطلقت قطار قوى مؤتمر لندن عليها.

المالكي الذي ظهر اليوم من الناصرية كان أكثر حماسةً واندفاعا أكثر من كل مرة لتحقيق أشياء عجز في دورتيه التي كان هو المسؤول الأول في السلطة، ولا أدري هل جاء السيد النائب الأول لرئيس الجمهورية للناصرية معتذراً عما سبق، أم جاء مذكراً بأشياء باتت تُلقى على عاتق حكومته التي توسم بالفشل وتضييع الفرص وهدر المال؟

لكن الذي نعرفه عن الزيارة أنها تأتي في إطار ما سماه المالكي دعوة للمراجعة داخل صفوف حزبه – الدعوة الإسلامية- في إشارة منه إلى ضرورة حركة تنظيمية تستطيع تجاوز ما حدث في أيلول الماضي أبان تكليف حيدر العبادي برئاسة الوزارة الجديدة، وهو ما اعتبر حينها بتشقق في صفوف الحزب

ولكن ألا يثير هذا أيضا تساؤلا حول هذا الانكفاء إلى الداخل أكثر فأكثر والتحول إلى زعيم حزبي بعد أن انطلق من كونه عضواً مروراً بالزعامة الحزبية اثر فوزه بمنصب الرجل الأول في البلاد .

زيارة المالكي لذي قار  لم تكن الأولى، ولكنها  كانت الأكثر اختلافاً عما سبقها في حسابات رجل يحاول أن يرتق ما تفتق، وان يتدارك الأمور قبل أن تمضي بعيداً في مسارات التيه