ان الوضع في بلدنا معقد لسببين رئيسيين اولهما داخلي :(التهميش والفساد والانقسامات بين القوى المتنفذة وكذلك الفشل في تقديم الخدمات والتنمية وانعدام الرؤية الواضحة لمفهوم الدولة), وثانيهما خارجي :(ما يجري من اقتتال في بعض الدول العربية وما لدى الدول الاقليمية من اطماع اثرا تأثيرا سلبيا في الوضع العراقي) .
القومية الكوردية وجدت ضالتها بوحدتها , حيث توفرت لها فرصة تأريخية على ضوء الحظر الجوي في زمن النظام السابق , اذ منذ عام 1991 توفر لها ظرف خاص من اجل تأسيس اقليم مستقل بعيداً عن فوضى صدام وبالتالي بعيداً عن الفوضى التي احدثتها الولايات المتحدة الامريكية . القومية الكردية ثاني اكبر قومية بعد القومية العربية ، رغم الخصومات القوية والتي كانت ذات طابع تناحري في الماضي القريب ما بين الحزب الديمقراطي الكردستاني برئاسة السيد مسعود البرزاني وبين الاتحاد الوطني الكردستاني برئاسة السيد جلال الطلباني وبعض الاحزاب والتيارات الاخرى , الا انهم استطاعوا توحيد موقفهم واسسوا بنى تحتية واعمار متميز واستقرار امني ملحوظ. واثبت الواقع عدم قدرتها على حماية باقي الاقليات , وهذا ما شاهدناه اثناء الغزو التتري من قبل داعش , وكادت ان تفشل حتى بالحفاظ على محافظاتها الثلاث والمناطق المتنازع عليها لولا المساعدات العسكرية الاجنبية . الكورد يحاولون تحقيق مكاسب على حساب باقي القوميات مما يزيد التوتر القومي بين القوميات المتآخية منذ قديم الزمن .
اما القومية العربية فأن الصراع الطائفي بين السنة والشيعة اضعفها , وضعفها هذا ادى الى :
1- الوضع المأساوي للاقليات (التركمان والمسيحيين والشبك والايزيديين) التي تعرضت للقتل والسبي والتهجير , اذ انها كانت تنعم بالاستقرار عندما لم يكن هذا الصراع الطائفي موجوداً .
2- الفساد في مؤسسات الدولة العسكرية والاقتصادية والامنية والتربوية وكذلك المؤسسات القضائية على مبدأ(انصر اخاك ظالماً او مظلوماً) ولاحظنا كيف ان الطائفة تحمي الفاسدين والقتلة .
3- الانقسام في العشيرة الواحدة اذ ان غالبية العشائر لديها افخاذ سنية واخرى شيعية مما ادى الى التفكك الاسري اذ ان الصراع الطائفي فرّق بين الزوج والزوجة وضياع الابناء .
4- الصراع الطائفي خلق امراء حروب منتفعه و اصبحت مهمتهم ديمومة هذا الصراع لانهم بدون هذا الصراع ينكشف امرهم لانهم ينفذون اجندة خارجية مما ساعد على غياب الهوية الوطنية.
التقسيم الطائفي اسست له بعض الاحزاب الاسلامية قبل الاحتلال وساندتها الولايات المتحدة الامريكية منذ ان جعلت التمثيل الشيعي في مؤتمر لندن اكثر من التمثيل السني . وجاء المندوب السامي بول بريمر ورسخ الطائفية .
الحلول المطلوبة :
1- تحقيق العدالة والمساواة والاهتمام بالتنمية وتوفير فرص العمل للشباب الذين يعيشون في فراغ قاتل , والاهتمام بالمتقاعدين وتوفير الحياة الكريمة لهم و الشفافية في التعامل .
2 – توحيد السنة والشيعة مطلباً وطنياً وهما اللبنة الاساسية والعمود الفقري للشعب العراقي بشرط ان يكون بعيداً عن النظرة الشوفينية, والعمل البناء المشترك بين العرب والكورد على اساس وطني يخدم الشعب العراقي برمته .
3 – رأب الصدع الحاصل لن يكون على يد احزاب اسلامية تخص طائفة دون اخرى اطلاقا , لانها هي من شرعنت الفتنة .
الغريب ان الاحزاب الاسلامية تندد بالفتنة وتدعو الى الوحدة الوطنية وهي احزاب طائفية !!!
4 – اليوم الفرصة سانحة للتخلص من الطائفية وصراعاتها لان داعش اصبح يقتل الجميع وانكشف المخطط التآمري على وحدة العراق , ولا يمكن القضاء عليه الا بتشكيل قوات عسكرية مهنية ذات عقيدة وطنية , لذلك يجب ان يكون التجنيد اجبارياً لغرض ابعاد الصفة الطائفية .
5 – بناء الدولة المدنية لا يعتمد على المليشيات المسلحة بل العكس تماما اذ انها تعتمد على التنوير والانفتاح ودعم منظمات المجتمع المدني ورفض عسكرة المجتمع وتحقيق السلم الاهلي .
كنا نأمل من الاحزاب الوطنية الديمقراطية التقدمية صاحبة التأريخ العظيم ان تأخذ دورها في بناء الدولة المدنية لكنها لم تستطع ربما لديها مشاكل (داخلية وخارجية) حالت دون ذلك . لذلك يتوجب علينا ايجاد قاسم مشترك يوّحد غالبية العراقيين بعيدا عن التخندق الطائفي .