يبدو إن لغة الأسواق، وأماكن البيع، والشراء؛ صار لها رواجا في أسواق السياسة بعد سقوط حزب البعث، واحتلال العراق، وأصبحت تلك المفردات تجوب الأروقة السياسية، وتتصدر أخبار الفضائيات، والصحف الأخرى..
مع جل إحترامنا إلى مهنة التجارة، والعاملين في الأسواق، إلا إن معظم هؤلاء يلفظون كلام سوقي، لا ينسجم مع الدين، والأخلاق، والأعراف؛ التي تربى عليها مجتمعاتنا العربية، والإسلامية، منذ القدم..
تحولت معظم تلك المفاهيم الخاطئة الى ساسة الحواجز الكونكريتيه، وأضحت متداوله، ومستساغة بينهم؛ حتى صار يتناقلها كثير من اولئك النعاقين خلف كل ناعق، وجمهور السلاطين، والملوك الذي أوصلنا الى الإنهيار..
مفهوم الإنبطاح، الذي صار يتداول بشكل لافت منذ أن اعلن السيد العبادي عن التشكيلة الوزارية، وصار يتداول بين الفضائيات، والصحف، وصفحات التواصل الإجتماعي، وهذا المفهوم لم يكن ضمن المفاهيم السياسية..
إن ساسة الصدفة الذي لم يكن لديهم برنامج سياسي، وحكومي وأضح، بدأ يسلكون مسارات مشبوهة، ويتحدثون بلغة الأسواق؛ كونها اكثر تداولاً، وشيوعاً بين الأوساط الشعبية، وأن يكون إنتشارها بسرعة كبيرة..
فقد أصبح خلط الأوراق، وزج الشعب بمتاهات لا يجنى من ورائها إلا القتل، وإستباحة الدماء، والتشظي الإجتماعي، والتخندق الطائفي، والقومي؛ الذي قبعنا تحت هذه الأمور ما يقارب عقد من الزمن..
المرجعية الدينية أرادة أن تشل الثقوب، الحاصلة في إدارة الدولة، وأن تجعل الجميع يترفع عن هذه المفاهيم، وأن يكون رجل الدولة ذو لغة رفيعة، ويرتقي فيها إلى مستوى القائد الحقيقي..
لكن أصر كثير من الساسة على الإستمرار في هذا النهج، والمسارات التي لم نجني منها إلا الدمار، والإنهيار الأمني الكبير، والحقد بين مكونات الشعب العراقي، ولذلك لا يروق لهم مغادرتها..
لا يمكن لنا أن نبني عراق ما بعد سقوط الصنم على أخطاء سابقة، أو مفاهيم خاطئة، أو ثارات سابقة؛ وإنما يبنى على أسس قوية، ومفاهيم صحيحة، وثقه متبادلة، وقسمة عادلة..
إعطاء الحقوق، ومد جسور الثقة، والمحبة بين المكونات لا يعني التنازل، أو الإنبطاح كما يصفه بعض الساسة، أو من اجل الحصول على مكسب شخصي، وإنما من اجل ترميم البيت الداخلي..
مفهوم الإنبطاح الذي ظهر مؤخراً على السن مدللات الفخامة، يعني الإنكفاء على الوجه، وهذا يعد بين الأوساط العراقية معيب، ويدل على سذاجة صاحبة”؛ وله مداليل لا تتناسب مع منطق المرأة”..
لكن يبدو أن وضع الإنبطاح، هو احد إنتاجات النظام البعثي، الذي كان يعد هذه الأمور من أولويات عمله، ولا سيما وأن المتكلم اليوم بالانبطاح”، احد المدربين على تلك الأوضاع الإنبطاحية”…