يرى البعض من الاصدقاء المتفائلون بعد تولي الدكتور حيدر العبادي رئيسا للوزراء أن مشكلاتنا في العراق سيتم حلها خلال ولاية العبادي ، وهذا برأي وهم من أوهام الخيال، ولا يحدث فى أى مجتمع من مجتمعات الدنيا ، وعلينا فى هذا السياق أن نتذكر مجموعة من البديهيات التى يتناساها بعضنا أحيانا:
أولا: إن العراق دولة كبيرة ، سواء من حيث عدد السكان، أو المساحة، أو التنوع الطائفي والقومي والديني أو تراكم المراحل التاريخية بعضها فوق بعض، مما أدى إلى تنوع لا نهائى فى العادات والتقاليد والثقافة وطريقة النظر للأمور.. وهو ما يعنى استحالة إرضاء الجميع فى وقت واحد، وعلى سبيل المثال، فإن مشكلات الأكراد غير مشكلات أهل الجنوب ، ومشكلات أهل الغربية غير مشكلات أهل الأهوار.
وثانيا: بعد مرور أكثر من عشر سنوات على سقوط نظام صدام ، لايزال العنف والتوتّر بين السنة والشيعة والأكراد يهدّد استقرار العراق وديمقراطيته الهشَّة. فقد فشلت النخبة السياسية العراقية في تطوير نظام للحكم شامل للجميع، وتعزّزت الانقسامات الداخلية بسبب تداعيات الربيع العربي، وخاصة تأثيرات الصراع في السوري على العراق.
وثالثا: يجب أن لا ننسى أن العراق – وحبنا للوطن ـ لا نريد أن ننسى أنه دولة في ذيل دول العالم الثالث(من حيث التطور الاقتصادي والسياسي والمالي…إلخ).
ورابعا: إن طبيعة الأمور وحل المشكلات يستغرق وقتاً ، كما أن الحياة في العراق وخاصة السياسية مليئة بالمصاعب والتحديات التى تستدعى العمل باستمرار لوقف هذا التداعي منذ عام 2003، ودون توقف، لإيجاد الحلول السريعة والصحيحة ، لأنها هي تلك طبيعة الحياة.. وإنها لعبة صعبة وليست سهلة أبدا وتحتاج إلى صبر .
وخامسا: إن الأصل فى مواجهة الحياة هو الأمل، وليس اليأس، لأنك بالأمل ستفكر بشكل هادئ، فتجد المشكلات طريقها إلى الحل، أما اليائس والمتشائم فأنه يواجه تحدّيات الحياة بالهزيمة والهرب والاستسلام.
وهذه هي جزء من مصائبنا (ان صح التعبير) لكن ما مناسبة هذا الحديث الآن؟ المناسبة أن العراقيين لاحظوا فى الأيام الأخيرة، أن جهود تبذل لترويج وبث اليأس بين الناس، وتصوير المشكلات الكبيرة، التى تحدث فى مجتمعات آخرى، على أنها نهاية العراق كدولة وجدت قبل الآف السنين. لكن حقيقة الأمر، أن العراق بلد لايزال محافظ على وحدته وأن مؤسساته لاتزال قائمة وأن كانت دون المستوى، وأن المشروعات الكبرى ومنها المشاريع النفطية أخذت طريقها للتنفيذ، والاقتصاد سيتعافي لأن هناك إرادة لدى حيدر العبادي على تحسينه ، والشوارع عامرة بالناس الذاهبين إلى أعمالهم، والمدارس والجامعات تعمل على قدم وساق رغم التهديدات ، وشركات النفط تنتج ، ودجلة والفرات لايزالا ، والمستشفيات مفتوحة…. وهذا يعني أن البلد “حي يرزق ولم يموت” ، أذا لا داعي لنبرة التيئيس والقلق هذه، وانا اتفق أن العراق يمر باسوء أيامه ، لكنه لم يمت. والمطلوب من العراقيين الصبر.. وهم أثبتوا أنهم أصبر خلق الله لانهم في أزمة منذ عام 1979.