النفط سبب سعادة اُمم وشقاء اُمم اخرى فهو مصدر الطاقة الرئيسي والأكثر استخداماً وشيوعاً ..
ومنذ اكتشاف آليات إستخراجه في بدايات القرن العشرين والى يومنا هذا ساهم في تغيير شكل حياتنا فكل مظاهر الحداثة التي حولنا الان هي ناتجة عن عمليات احتراق كان وقودها النفط ،،
بما ان العراق هو الدولة الوحيدة في العالم التي لم تجيد استثمار عائدات بيع النفط وبقى عائد الريع يذهب الى جيوش من الموظفين ( المؤلفة قلوبهم ) تحت عنوان الميزانية التشغيلية في وظائف غير انتاجية من اجل ترطيب السخط الشعبي وإرضاء التدفق غير المحسوب لحشود الخريجين الباحثين عن عمل ولكون مفهوم العمل وفق فلسفتنا الجمعية لا يعني العمل المنتج بل يعني العمل الذي يَدرُ مالاً حتى لو كان دون اي إنتاجية والدليل على ذلك ان كل ثوراتنا كانت تطالب بالخبز و لم تطالب يوماً بالعمل والفرق كبير بين ان تعمل لتحصل على الخبز وبين ان تحصل على الخبز كي تعمل ..
وفي سبيل توفير فرص عمل لشرائح واسعة من المجتمع أتخمت الدولة نفسها عندما ابتلعت اعداد هائلة من العاطلين في وظائف غير انتاجية شكلوا ورماً سرطانياً في جسم الدولة التي ظلت تنفق عائدات الريع على شكل رواتب وامتيازات و…. ولهذا السبب ولغيره اخفقنا في استثمار هذه الثروة الكبيرة ،
يا سادتي اختلف الحال الأن تبدلت خريطة النفط في العالم ولم نعد في مقدمة الدول المنتجة له ولن نصبح كذلك (فالنفط الصخري) الذي تحدثت عنه الولايات المتحدة ذات يوم أصبح واقع حال وهي الأن تتربع على عرش اكبر منتج للنفط والغاز في العالم حيث هي الأن الأرخص في مجال الكهرباء والغاز وفي قطاعات استهلاك الافراد والاستهلاك التجاري والصناعي
وهذا ما تؤكده الدراسات على إن حجم المخزونات من الغاز الصخري في الولايات المتحدة يقدر بنحو 862 تريليون قدم مكعب،والنتيجة العملية لهذا ان اسعار النفط ستهبط بشكل مستمر بسبب انخفاض الطلب عليها من قبل المستهلك الأمريكي ،
وبما انه اقتصادنا مربوط على التوالي مع النفط كونه اقتصاد ريعي فاننا من المؤكد سنهبط بهبوطه والسؤال المطروح اليوم ماذا لو استثمرت الصين والهند وباقي الدول المستهلكة الكبرى في النفط الصخري وهو أمر ليس ببعيد كيف سيكون شكل مستقبلنا مع الانخفاض في اسعار المنتج الوحيد الذي نبيعه للعالم ؟!
نأمل من القائمين على ملفات الطاقة والاقتصاد والتخطيط ان يتعاملوا بجدية تامة مع هذا التحول الكبير في خارطة مصادر الطاقة والعمل على التكيف مع هذه الظاهرة وعدم الإكتفاء بإنتاج انواع النفط التقليدية بل العمل على المشاركة والإستثمار مع شركات نفطية عالمية وطرق كل الأبواب التي تمكننا من إكتشاف البترول الصخري وإنتاجه وتسويقه عالمياً و إلا سيكون مصيرنا كمصير الدول التي كانت تنتج الفحم وتراهن عليه على انه سيبقى مصدر الطاقة الأبدي وبالتالي صار الفحم مصدر الطاقة الوحيد للأرگيلة .