اذا ما تم مغادرة التفاصيل من الداخل والرجوع الى الوراء قليلا لقراءة الخارطة من الأعلى في الرقعة الجغرافية المحصورة مابين المتوسط والاحمر والخليج, سوف نصل الى معلومة خرائطية ان المنطقة تقع في مواضع ثلاث , مناطق مصابة بالوباء واخرى تتظاهر بحمل الدواء , فيما تقع البقية منها في الاشتغال على تجنب الوصول الى المشفى بتطبيق الوصفة الاحترازية الوقاية خير من العلاج. في واقع الامر, ان مرتكزات القوى العالمية’ تعتمد نظام “التهكير السياسي” عبر استخدام وتوجيه مجموعة من الفايروسات الى قلب الانظمة الواقعة في نقاط تقاطع المصالح الدولية, مع الاختلاف ومراعاة التحديث لشكل تلك الفيروسات بما ينسجم مع طبيعة الصراع ,
فتارة تكون بصناعة البساط الاحمر للزعماء , وتارة تكون الموسيقار الذي يحمل عصا الايعاز للثورة, واخرى بتفخيخ الفتوى واستنزاف الاديان. تحريك المياه الاقليمية ومحاولة سحب خيراتها نحو المحيط الاطلنطي والهندي , من خلال تفعيل خدمة الصراعات الداخلية وتدويلها عبر الحدود وتصديرها بعنوان الدولة الاسلامية وزرع المضادات لها عبر المليشيات المسلحة او عبر التحالف الدولي , أي بمعنى دفع الشعوب الى الحلول الانية وان أمست محاليل كيمائية لتذويب وتفسخ المجتمعات في احواض اعدام الهوية الوطنية مستقبلا. المحيط العربي والاسلامي الحاضنة الانجع لاجراء التجارب الاستراتيجية في حرب المحاور , والعراق وسوريا تأشيرة مرور , للوصول الى الهضبة العالية, التي تشرف على الشرق الاوسط , لذا فأن التحالف الدولي ولصعوبة شق قنوات تؤمن له حمل اكثر من تفاحتين في يد واحدة ,
يحاول انتزاع سوريا من عرين الاسد , عبر تجميع الذئاب في ارض العراق واستخدام مخالبها ورقة ضغط باتجاه الكرملين الروسي والاخطبوط الصيني , فيما تصر ايران الأبقاء على عمقها الاستراتيجي في العراق حتى وان تقرر ان تكون بغداد بعيدة عنها في ورقة التقارب والاتفاق مابين دول التحالف ومحور الممانعة. حرب الدويلات المسلحة في الدول الواقعة تحت مرمى الاستهداف والازاحة, سجال سياسي وتدافع في المصالح وتنازع عالمي على رسم خارطة تبدأ من ممرات الشرق العربي والاسلامي , وسقوط المدن ام صمودها خاضعة في تفاصيلها الى المتغير والكفة الاقوى, فالحوثيون وصنعاء, و قلق عرسال في لبنان , والاسطول الامريكي الخامس في البحرين, وحماس وهدنتها , وامن اسرائيل وقبضتها على العقل الغربي ,
وخروج زعيم عربي من مصر, وبقاء حفتر قريبا من طرابلس او مجموعة فجر الاسلام, او انسكاب الارض على الحدود في دير الزور والحسكة والرقة باتجاه شرق سوريا من قبل عصابات داعش او صمود نصف سوريا في دمشق, او تهديد “جند الخلافة” لنظام بوتفليقة ,او حركة النهضة في تونس وفرص بقاء هم في السلطة , اوغيرها من الاحداث سواء الظاهرة منها على السطح او التي تنتظر الاشارة للظهور من اعماق البحر, جميعهن يقعن على خط استواء سياسي واحد, تحت عنوان “بيادق ولاعبين”. المعركة الحالية , هي توجيه بنادق الشعوب الى صدورها, وتقطيع الخارطة الى خرائط ,تحت مسمى اسلام زائف وعروبة مهانة, بغطاء الانقسام والتمذهب, في حين تبقى حرب الاستنزاف الطويلة في بلدن التشظي العربي , صاحبة الدخل الاكبر في جيوب القائمين والمستفيدن من بقائها ,بذريعة قتال الارهاب والتطرف , مع ان الحروب الطويلة لاتقل في فداحتها وتأثيرها عن خطر الارهاب , فكلاهما تجويع للفكر واستهلاك للحياة.