22 نوفمبر، 2024 11:18 م
Search
Close this search box.

اجعلوا العراق في حالة جوع وصراع

اجعلوا العراق في حالة جوع وصراع

هذا هو الشعار الذي عمل على تطبيقه المتخوفين من العراق ومنهم بعض الجيران و ( الأشقاء ) و (الأصدقاء ) , فبعد أن اسهموا في فرض حصار ظالم امتد لسنوات فقد شهدت السنوات 2003- 2014 حمامات من الدم اليومية خوفا من ترسخ الديمقراطية في بلدنا وانتقال نسماتها إلى الدول التي تعاني من عقدة التفرد والدكتاتورية وكتم الأصوات الحرة , تم استخدام أسلحة لا تقل فتكا عن المفخخات والعبوات الناسفة والانتحاريين , وهي استخدام النفط كأداة لإضعاف العراق وتقليل قدراته في المجالات كافة , وقد جاء توقيت استخدام هذا السلاح في أشد الحالات حراجة التي يمر بها بلدنا وهو يتصدى لهجمات الدواعش الإرهابية الذين ولدوا بليلة وضحاها على طريقة استنساخ النعجة ( دولي ) من تنظيم القاعدة الاجرامي .

لقد بدأت أسعار النفط تنخفض بشكل دراماتيكي لم تشهده السنوات السابقة حتى في ظل الأزمة العالمية التي بدأت سنة 2008, فسعر برميل النفط الذي كان يتجاوز ال100 دولار وصل لأقل من 92 دولار وهذا يؤثر كثيرا على إيرادات العراق من النفط والتي تشكل أكثر من 90% من إجمالي الإيرادات , في وقت قل فيه الإنتاج النفطي المعد للتصدير من 3,6 مليون برميل يوميا إلى ما لا يزيد عن 2,5 مليون برميل يوميا مما يعني زيادة العجز في موازنة 2014 الذي من المتوقع أن يكون أكثر من 40 مليار دولار وكذلك زيادة العجز في موازنة 2015 والاضطرار إلى تخفيض الإنفاقات لأدنى حدودها الممكنة .

ويعود الانخفاض في أسعار النفط عالميا إلى أسباب غير مقنعة . حيث تم الدخول في فصل الشتاء ويفترض بالعقود الآجلة للأشهر القادمة أن تشهد ارتفاعات لسد حاجة متطلبات التدفئة وغيرها من أوجه الاستهلاك النفطي عالميا , ولكن الأسواق تعاني من الزيادة في المعروض النفطي رغم انخفاض الإنتاج النفطي من ليبيا والعراق , وقد تعود أسباب ذلك إلى عدم التزام دول أوبك بحصصها الإنتاجية , والدول الأكثر قدرة على إحداث حالة من الاختلال في توازن الأسواق هي المملكة السعودية حيث تنتج بحدود تسعة ملايين برميل يوميا ولها قدرة على زيادة الإنتاج بحدود مليوني برميل يوميا ليكون إجمالي الإنتاج ( 11 ) مليون برميل .

ولوجود نفقات حاكمة كثيرة للعراق مثل تعويضات الكويت وأجور جولات التراخيص ودفع الرواتب للموظفين والمتقاعدين ودعم البطاقة التموينية وتغطية نفقات التسليح , فان التخفيض في الموازنة سوف لا يمكن إجرائه على النفقات التشغيلية وإنما في التخصيصات الاستثمارية والاضطرار لاستخدام الاحتياطي النقدي وإصدار سندات الدين الداخلي ( حوالات الخزينة ) واللجوء إلى الاقتراض الخارجي , وفي ظل هذه الإجراءات ستتعالى طلبات صندوق النقد الدولي لغرض إيقاف دعم الدولة لبعض السلع وفي مقدمتها المشتقات النفطية من خلال رفع أسعار البنزين والكاز اويل والغاز السائل والنفط الأبيض وتقليل تخصيصات البطاقة التموينية والعمل على زيادة الضرائب والرسوم .

وهذه الإجراءات الاقتصادية من شأنها أن تعطل التنمية المستدامة وتنفيذ المشاريع ورفع مستويات البطالة وانخفاض القدرة الشرائية للمواطنين بسبب ارتفاع الأسعار وحدوث ركود في الأسواق المحلية , مما سيخلق حالة من الاستياء الشعبي وعدم الرضا عن الأداء الحكومي مهما بلغت درجة كفاءته , وهي أمور بمجملها لها تأثيرات على المواجهة والتصدي بوجه داعش , لان المعارك تتطلب مزيدا من المعنويات والأسلحة والذخائر ودفع نفقات القوات المسلحة وما سيضاف لها من موارد بشرية عند تشكيل الحرس الوطني الذي سيكلف المليارات ضمن أبواب الرواتب والتسليح والتجهيز والمقرات وغيرها من المتطلبات .

ولغرض تلافي التداعيات المحتملة وتقليل آثارها فان هناك مجموعة من الحلول التي يمكن ولوجها , وأبرزها زيادة الإنتاج النفطي من الحقول في الجنوب والتنسيق مع إقليم كردستان لزيادة إنتاجه النفطي بعد حل المشكلات معه بخصوص الإيرادات بهدف تعويض النقص عن إنتاج النفط من كركوك والشمال , فضلا عن تقليص الإنفاقات التشغيلية بموجب إجراءات لا تؤثر على العرض والطلب في الأسواق كالايفادات والضيافة وأجور الاتصالات واستخدام السيارات الحكومية ومعالجة الترهل الوظيفي وإيقاف الهدر في المصروفات بشكل عام وزيادة الرقابة على التحويلات الخارجية لضبط عمليات غسيل الأموال وتهريب العملات لعدم إحداث خلل في ميزان المدفوعات .

وقد يرى البعض إن الموضوع اقتصادي برمته , ولكنه ينطوي على جوانب سياسية من حيث التوقيت والأهداف , إذ جاء انخفاض أسعار النفط مع قيام التحالف الدولي والمباشرة بتنفيذ الضربات الجوية وهو عامل من المفترض أن يكون مؤثرا لارتفاع أسعار النفط عالميا وليس العكس , ولو كانت بعض الدول (العربية) حريصة على تجاوز العراق لأزمته وعدم قطع أرزاقه للجأت إلى عدم إغراق الأسواق بالنفط وتقديم مساعدات للعراق وقيام الكويت بتأجيل استقطاع التعويضات سيما وان العام 2014 شهد ارتفاعا بموجوداتها واحتياطياتها النقدية لأعلى مستوى في تاريخها , ونقول لمن يستهدف العراق اقتصاديا ألا يكفيكم قطع الأعناق لكي تقطعوا الأرزاق تطبيقا لشعار اجعلوا العراق في حالة جوع وصراع لكي لا يكون له دورا في التغيير والتأثير .

أحدث المقالات