سيهدد الدواعش بغداد وكركوك .. ان استمر الرفض العراقي .
(( من سخريات القدر الامريكي ان طائراتها تستطيع التقاط الدواعش وهم يمارسون النكاح مع البغال والحمير لكنها تفشل في مراقبة التحشدات الداعشية في محيط مدينتي بغداد وكركوك مع ما تمثلانه من اهمية على الصعيدين العراقي والعالمي ))
لا يمكن فصل تصريحات امريكيا الاخيرة المتعلقة بتحشدات داعش على اطراف بغداد وكركوك , وبيان منظمة العفو الدولية الاخير حول ممارسات المليشيات الشيعية , عن المواقف التي خرجت من الحكومة العراقية والمليشيات التابعة لها في رفضها لتواجد بري امريكي على اراضيها .
ولان وجود قوات برية امريكية في هذا الوقت يتعدى موضوع داعش وما يشكله من خطورة على الوضع العراقي ليدخل في اطار المصالح الستراتيجية لأمريكا في المنطقة برمتها , خاصة في ظل تطورات المشهد السوري وتشعبات التأثير الايراني فيها …. فإنها ستعمل ما في وسعها لشرعنة هذا الوجود مهما كان الثمن وأيا ما تكون الوسيلة . وبالطبع فان ورقة الضغط الرئيسية التي تستطيع امريكا استخدامها لهذا الهدف هي ورقة داعش , وذلك بمنعها من التحرك في المناطق الاخرى وحصر حركتها فقط في اتجاه اهم مدينتين في العراق وهما بغداد وكركوك , ما سيجبر الحكومة العراقية على الرضوخ للمطلب الامريكي وبطلب من الحكومة العراقية نفسها . وهنا نريد التنويه بأننا عندما نقول تهديد بغداد وكركوك لا نقصد بالضرورة سقوطهما بيد داعش , فاحتلال اي من هاتين المدينتين سيمثل خروج السيناريو الداعشي من السيطرة الامريكية , وهذا لا يصب في مصلحة واشنطن , ولكن يمكن ابقاء داعش كعامل تهديد مستمر على تخوم المدينتين .
ان الاوضاع السياسية والأمنية في العراق والمنطقة , وحسب الرؤية الامريكية , وصلت الى حدود تستوجب احداث هزة سياسية في هذا البلد .. تحرك المياه الراكدة فيه وتعطي واشنطن المزيد من المكتسبات السياسية في طريق استقرارها , وهذا ما اكدنا عليه مرارا وحذرنا منه في مناسبات كثيرة , إلا ان الساسة العراقيين واقعون بين نار التهديد الامني المتربص بهم وبين الارادة الايرانية التي تدفعهم لرفض اي تنسيق حقيقي مع الطرف الامريكي يكون بداية فعلية للقضاء على داعش واستعادة المبادرة الامنية .
فالرفض العراقي لم يأت على لسان المليشيات الشيعية المسلحة فقط بل انبرت الحكومة العراقية لرفض هذا التواجد واعتباره احتلالا ان حصل , وحتى الخارجية العراقية ( والتي يفترض ان تمارس الحكمة في توجهاتها ) اكدت وعلى لسان وزير الخارجية العراقي الجديد بان التواجد الامريكي البري في العراق هو امر مفروض لا يمكن القبول به .
ولان الطرف الامريكي يحتاج الى تواجد بري يعطيه حرية الحركة للانطلاق من الساحة العراقية وتنظيم الاوضاع في المنطقة حسب اجنداتها , فستعمل ما في وسعها لتنفيذ هذا
الهدف , وقد بدأت منذ الان بالضغط على حكومة المركز من خلال توجيه عصابات داعش لتخوم بغداد وأطراف كركوك كما قلنا سابقا , وعملت على اصدار منظمة العفو الدولية لبيان تتهم فيه المليشيات الشيعية التابعة للحكومة بأنها ارتكبت جرائم حرب , ما يشكل عامل ضغط اخر على الحكومة العراقية , تقيد حركة هذه المليشيات مستقبلا في حربها ضد داعش , وتسقط عنها اي مشروعية حقيقية للتعامل معها دوليا كحليفة للمجتمع الدولي في حربه ضد داعش , وتؤثر على النتائج الفعلية لهذه الحرب كون ان هذه المليشيات هي من يقع عليها الجهد الاكبر في محاربة داعش في العراق , وبتحييدها عن المعركة تصبح قوات الجيش العراقي من دون فعالية تذكر امام خطر تنظيم داعش .
ويبدو ان كل ما ستفعله حكومة العبادي لإجهاض المحاولات الامريكية في السيناريو السالف الذكر هو الانسحاب من بعض المناطق التي تعتبر ساخنة , والتي لا تشكل بعدا ستراتيجيا لها , كما حصل مؤخرا في انسحاب الجيش من الهيت ومناطق اخرى تابعة لمحافظة الانبار لتخفيف الضغط على محيط بغداد وتخومها .
ان ادعاء الطرف الحكومي الشيعي بان وجود قوات برية امريكية سيكون بمثابة احتلال جديد هو ادعاء غير صحيح , ومحاولة لإخفاء الضغوط الايرانية فقط , حيث ان الاتفاقية الامنية التي وقعتها حكومة بغداد في عهد المالكي مع الجانب الامريكي مع الملاحق الكثيرة التي لم يعلن عنها لغاية اليوم تعطي مجالا واسعا للعراق في تحديد طبيعة الوجود البري للقوات الامريكية ومدته , وأماكن تواجده وأهدافه , لا بل وتضمين شروط جديدة على هذه القوات بما يتلاءم مع الوضع العراقي الجديد , ليخرجه من اي مضمون احتلالي ويحصر هدفه الاساسي في اخراج داعش من الاراضي التي سيطرت عليها داخل العراق ., خاصة وان موقف الحكومة العراقية هذا لا يمثل موقف المكونين الاخرين ( الكوردي والسني ) من هذا التواجد , وهذا ما جاء على لسان اكثر من مسئول في حكومة اقليم كوردستان من جهة وشخوص سنية من جهة اخرى طلبوا استقدام قوات امريكية برية لحمايتهم من جرائم تنظيم داعشي , لذلك فان الاعتراض الحكومي يمكن وصفه بأنه اعتراض شيعي وليس عراقي … ولكن اذا استمر الطرف الشيعي في رفضه هذا فان النتائج ستكون وخيمة ليس على المكون الشيعي فحسب بل على جميع المكونات بل وعلى العراق كدولة .