تسعى الأحزاب والحركات السياسية بقوة, لتسلم مناصب تنفيذية أو وزارية, في الحكومة ومؤسسات الدولة لأهداف مختلفة.
بعض تلك الأحزاب, تسعى خلف تلك المناصب, لان تنفيذ برامجها السياسية, وما سوقته من أهداف, ومصالح جماهيرها, لا يمكنها الوفاء بها وتطبيقها, الا من خلال سلطة تنفيذية, أو مناصب وزارية, لتحقيق تلك الأهداف.
بعضها الأخر, يسعى للحصول على مناصب, لتتولاها شخصيات فيه, تحتاج إلى” الكراسي”, لان تلك الشخصيات, لا تقبل أن تكون خارج دائرة الضوء, حيث الجاه والسلطة, فهي ولدت لتقود, وهي ترى أنها هبة ربانية جاد بها الزمان ولن تتكرر!.
أحزاب أخرى, لديها أغراض مادية بحته, بهدف الكسب والربح وتمويل الحزب, وأشخاصه, بغض النظر عن شرعية الطريقة وقانونيتها.
هناك أسباب أخرى, للسعي خلف الوزارات والمناصب, كالتحكم بوزارة تهم طائفة ما, أو مجموعة قومية أو جغرافية, لهذا الحزب, أو التحكم بقطاع حيوي, كالمال أو الاقتصاد أو غيرها من قطاعات الحياة العامة للدولة والشعب.
هناك من يجمع بين كل أو جزء من تلك الأهداف..بعضهم يعلن أهدافه النبيلة و يعمل لتطبيقها, فيما بعضهم الأخر يعلن أهدافه بغض النظر عن أحقيتها, ولا يهمه الآخرون, ويستخدم شتى الوسائل لتحقيقها, وغايته تبرر وسيلته, وهناك من يعلن غير ما يبطن, وهناك من لا يعلن شيئا, وهناك من يخلط بين هذا وذاك!.
الاستحقاقات الانتخابية كمناصب, أمر منطقي, فكما نعرف أن لكل حزب جمهور وناخبون, يطالبوه بتحقيق ما وعدهم به, ولديه برنامج يريد تطبيقه, فالمشكلة ليست بالمطالبة بالمناصب, وإنما بكيفية المطالبة بها, وبما هو مستعد لفعله أو تقديمه للحصول عليها؟!.
الأخطر في الموضوع هو مناصب تقع في الدرجة التالية من المناصب الوزارية, كوكلاء الوزراء ورؤساء الهيئات المستقلة, والمناصب الاتحادية, والمدراء العامون, ومناصب أمانة مجلس الوزراء, ولا نتفاجا أن عرفنا أنها بالعشرات ومهمة ومفصلية في إدارة عمل الدولة..هذه المناصب تملك سلطة فعلية تكاد تنافس سلطة رئيسها, من حيث المرونة والصلاحية العملية, وهي ليست في الواجهة, ولا توجد عليها ضغوط سياسية أو إعلامية.
هذه المناصب توزع في الخفاء, ولا يسمع عنها احد شيئا, ومعاييرها تكاد تكون نكته..إذ لا معايير؟!.
يتناهى للسمع أحيانا أن هذه المناصب, وصلتها المحاصصة الحزبية والطائفية, وأحيانا أخرى يتم “تحزيب” الوزارة أو الهيئة, حسب توجه الوزير أو المسؤول الأعلى, أو قيل أنها نزلت إلى بورصة المناصب, فصار لها سعر..وهذه كارثة كبرى.
الكفاءة والخبرة, والمؤهل العلمي والاختصاص, والنزاهة والقدرة الشخصية..صارت مواصفات غير أساسية في من يتم اختياره لهذه المناصب, وقبولنا أن المناصب الوزارية أو الكبرى, هي مناصب سياسية من الناحية العملية.. يجب أن لاينسحب إلى ما بعده من المناصب.
هناك أمور يتم التغاضي عنها لأنها مصلحة عامة, أو لأنها غير متاحة..لكن يجب أن نضع حدا..لا يجب السكوت بعده.