عندما يختلط الحابل بالنابل وتتشوه الصور وتضيع معالم كل شيء لابد من وجود اسباب منطقية وواقعية لحدوث هذا ,واليوم ونحن ازاء فوضى عارمة اجتاحت كل شيء واوجدت لها مناخا ملائما للنمو والقوة ,وبعد ان عجزت كل المحاولات التي قادها الخيرون من ابناء الشعب وانعكس فشلها على العراق باسوء مايكون ,لابد لنا هنا ان نوضح اسباب هذا كله وان نضع النقاط على الحروف ليعرف ابن الشعب الى اين اتجاه سير الامور ومن المتسبب بكل ماحصل لعله يتلمس له طريقا ينجيه مما جرى ويبدا من جديد .
لقد مر العراق بمراحل تاريخية متعددة لانريد العودة الى الوراء كثيرا ولكننا نبدا بعد تاسيس الدولة العراقية الحديثة عام 1921 ,حيث انبثقت اول حكومة عراقية مع تاسيس المملكة العراقية وكانت هذه الحكومة تحت رعاية بريطانية خالصة من خلال وجود عراب السياسة العراقية المندوب البريطاني برسي كوكس والذي كان هو من يقرر عمل الدولة ويسيرها وفق المصالح البريطانية الكبرى ,وكان العراق كغيره من دول المنطقة محتلا تابعا للسياسة الخارجية المفروضة عليه ,ادى هذا الامر الى غياب الروح الوطنية التي تفكر بالبلد وتحاول انقاذها وعندما يظهر من يريد ذلك تبدا حملة واخرى لتصفية هذا المنهج والقضاء عليه بايدي اغلب الوقت عراقية ,واستمر الحال الى عام 1958 عندما حدثت حركة 14 تموز وتم اعلان الجمهورية التي عول عليها الشعب كثيرا بانها ستكون المنقذ الذي من شانه خط طريق العراق الجديد بعيدا عن التبعية والتحالفات الدولية ,واثبتت التجربة بعد عقود فشلها الذريع نتيجة عدم وجود الدافع الوطني للعمل السياسي وانما وجود دوافع نفعية ذات طابع انتهازي صريح لدى من يقود البلد ,وشاب هذه التجربة الكثير من المغالطات والاخطاء السياسية التي دفعت بالعراق الى اتون الهاوية في علاقاته الدولية والعربية وحتى المحلية فكانت المعادلة جهل وخراب ودمار وحريق وتم دفع العراق الى الاصطدام بجيرانه في حروب ليست بها فائدة بل ساهمت باضعافه عسكريا واقتصاديا وبشريا ,الى ان من الله على العراق بالخلاص من تلك الحقبة الخطرة الباطشة واتى التغيير الذي نعيشه اليوم بتفاصيله المرة ,هذا التغيير الذي جلب على العراق الدمار والخراب وجعله يترنح من الضربات التي وجهت له من كل مكان ولايستطيع ايقافها مهما حاول ,ومن اهم اسباب هذا الانهيار والدمار سببان رئيسيان لايمكن اغفالهم وهما غياب التخطيط السليم لمرحلة مابعد الدكتاتورية بحيث يكون كل الشعب على دراية بحاله ويسهم في بناء ذاته واشراكه بكل عمل مفاصل الدولة مهما كان حجمها ,وهذا ماولد بدوره عامل خطر جدا هو فقدان الثقة بين الناس والحكومة وفقدان الثقة بين الناس انفسهم نتيجة لسلول الدولة سلوكا خاطئا بان قربت فئات دون اخرى ومنحتها كل شيء في حين حرمت فئات اخرى من ابسط حقوقها وهذا مايسمى بالتمايز الاجتماعي والطبقي وهو بدوره ولد حالة من السام والملل من الدولة لدى من ضرب عرض الحائط وكانت نتاجه هي قتل ودمار وهدم للبنى التحتية للانسان والوطن وهذا امر لايمكن التخلص منه في فترة قصيرة بل الى وقت طويل تسهم به جهات متعددة ترفع لواء المواطنة على الانتساب الجزئي ,والامر الاخر الذي لايقل اهمية عن الاول هو اعتماد سياسة التبعية الفكرية لدى قادة البلد وعدم امتلاكهم لتفكير ورؤية وطنية تمكنهم من قراءة المشاكل على وضوحها اي مامعناه(غيري يفكر وانا اعمل ) وهذا نتاج ولاء القادة السياسيين الجدد لملفات اجنبية قسم منها اقليمي واخر دولي وايضا عائد في جزء منه الى السلوكية غير المنضبطة لدى صناع القرار ,وكافراز طبيعي ظهر للعيان الفارق بين تفكير اهل الداخل العراقي المنكوي بنار الظلم والاستعباد وتفكير اهل الخارج الذين وزجدوا في العراق الدجاجة التي تبيض ذهبا ,وكعادة الشعوب التي ترفض الاستعباد حاول العراقيون ان يظهروا شيئا من الاعتراض على مايجري ولكنهم جوبهوا هذه المرة ليس بقوة عسكرية وانما بقوة اسموها الديمقراطية ابتلعت كل الجهود الوطنية المخلصة وجعلتها مشتركة معها في اخفاء الروح الوطنية العراقية المقاومة فزج اغلب الناس بالعملية السياسية واصبحوا عرابين لها لامصححينن وناصحين للاصلاح ,وهكذا وبفعل كل هذه العوامل ظهر عراقا جديدا عنوانه الكبير (الفساد والسرقة والقتل والانبطاح للغير والسير على طريق تنفيذ مصالح ومآرب الغير ).
لااريد ان اعطي علاجا الكل يعرفه ولكني اريد ان اقول دوام الحال من المحال .