19 ديسمبر، 2024 12:24 ص

مودّع بالله ومحروس … ياعبادي

مودّع بالله ومحروس … ياعبادي

هل الشعب عنك راضي .. ياعبادي؟ من منا لايعرف العسرة التي صاحبت المخاض الذي اخرجك على العراق حاكما نافذا بمنصب رئاسة مجلس الوزراء ومن منا لا يعرف ان تاريخك مكشوف .. مكشوف يا سيدي عندما كنت تدلس وتدافع عن صاحب امرك وحزبك الذي سواك فأصعدك ولا زلنا نذكر يوم التقوك على احدى المنابر فجعلت (الملم) قد تضاعف عشر من المرات وصار (سم) في حكاية عن ناطحات السحاب وكانت تلك احدى هفواتك ومنذ ذلك اليوم وانت تحدثنا بخطابات مكررة تلقيها في الليل ثم في النهار تمحيها ولو جمعنا حديثك على شريط لرأيناه خانعا متخوفا من الاحزاب والكتل والاسلام السياسي الذي أسرك فابلسك وجعلك تدعو وتوجه ولا تنطق باي رمز ولا عنوان فما ادرانا من تقصد بالبعض “بعض الفاسدين وبعض دواعش السياسية وما لا نعلمه من البعض الذي في صدرك” هذه الكلمة التي لا تغادر حديثك لا تنم عن اقدام ولا شجاعة وانما هي للتغطية وسد الثغرات والنأي عن المسؤولية التي اقسمت ان تحملها على ظهرك فاصبح الحديث منك (بصراحة) لا نفع فيه ولا ذكر انما هو هذر الكلام ومذره وسنذكرك فلا نفعت الذكرى يوم اتاك الحديث من لدن الحكيم العظيم ان إضرب الفساد بيد من حديد ونحن اعلم يقينا انها مسرحية هزلى فكانت يد الحديد صدأى فلم تضرب بها الا على شعبك فقطعت عنهم ارزاقهم واغرقت بلاد السواد بالديون فلست على الفساد بمسيطر ولا على الخراب بمقتدر انما تمسك الحبل من العقدة الوسطى .

هل من طلب السماح منك راضي .. ياأستادي؟ فان كان الجمع عنك راضيا مرضيا فلماذا لم يستقبلوك بالورد والياسمين وانت في وسطهم وبواسطهم وباهازيج كان يطلقها الحمقى كما دأبوا على فعل ذلك في عصر من تكبر وطغى (هلا بيك هلا) او على الاقل ينسحب الجمع من طريق موكبك فيتنحى ولكن الحدث قد حدث ولن يرجع الزمان بما مضى انما الحلم والعفو والحكمة من صفات القائد فاتبعها فان فعلت فعليك ان تراجع المغزى لماذا صرخ الجمع باطل ولما رموا العجلات بما تلاقفته الايدي من القناني والحجارة وهل اتى جمع الطلبة الى مجلسك طوعا او كرها وهل انفرجت الاسارير وعظمت هيبة الدولة بما اعتذورا اليك وهم خانعون وصاغرون على منابر الاعلام بالمسمع والمرأى ولم نشهد مثل ذلك الامر انه جرى على من طلب العلم والمعرفة من قبل وهم اسمى غاية واعلى وهل كنتم ستعتذرون يوم كنتم في بلاد الغرب معارضين بديباجة الخدمة الجهادية الكبرى فهل العفو عندك مأمولا فتبقي لهم من لدنك بالحسنة إسوة؛ كيف تعرف ما يسرّون في قلوبهم من الم وحسرة وهم بلا امل ولا نصرة فأن لم تعرف مافي قلوبهم ولن تعرف فادنو منهم واعطهم الامان والقي الى مسامعهم حجتك عليهم (لماذا تظاهرتم) فأن احسوا بالامان منك وكانوا صادقين فسيقولون كلمتهم بان في قلوبهم غضب متنامي وفي عقولهم رفض عارم لكل ما تأسس من بلاء في ارض كلها خيرات وعطاء وعلى كل ما جرى عليهم من ضيم وسطوة وسلطة كانت عليهم أعتى؛ من الذين باعوا ايمانهم واصبحوا بالاسلام السياسي متسلطين تلك هي الوجوه الكلحة ولعمري تلك حقيقة قد لا تدركها انت ولا يدركها الحكيم العظيم صاحب الحديث الرباني (المجرب لا يجرب) وهذه هي الطامة الكبرى فان أسرّوك بما في انفسهم فما عليك الا ان تعفو عنهم بلا قيد ولا شرط ودع عنك حقك الشخصي فحقوق الناس عندكم مغصوبة مسلوبة لاتعد ولا تحصى ثم لا تدعهم ابدا يعتقدون بانهم ذهبوا وهم طلقاء لانهم ابناء من العراق اصلاء .

هل انت عن نفسك راضي .. يا رئاسي؟ يكثر في عراق اليوم الاكسسوارات الحكومية وغير الحكومية والمستلزمات الخاصة بها ,رئاسات ومستشارون وهيئات ومنظمات ومواكب ولوبيات وتحالفات ومؤسسات واحزاب اصبح عديدها رقم صعب لا مثيل له في بلاد الغرب والاقصى, وفي الجانب الاخر يقل الانتماء الى الوطن وتكثر الولاءات الخارجية والتحشيد السياسي والاعلامي والعسكري وبشكل غير مسبوق واصبحت الدول المجاورة تلعب بينا طوبة ونحن لا حول ولا قوة كل هذه التداعيات اثقلت المواطن العراقي بالمتناقضات وصار يبحث عن امل قبل ان ينتمي الى وطن وقد استنزفت كل تلك الواجهات ثروات البلاد ولا تزال تستنزفه ,رواتب وحمايات ومواكب ومؤتمرات وانت اعلم بما ظهر منها وما خفى, فهل كل ذلك يتوافق مع رؤيتك لمنصب رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة هل انت راض عن اداءك ومنجزاتك؛ نعم ان بواسل القوات المسلحة والمقاتلين الابطال قد حققوا الانتصارات الرائعة على الارهاب ولكن لمن تحسب تلك البطولات الا الى العراق؛ الشعب في العراق لا يحتاج الى كل تلك المسميات والعنواين والرموز وهي لا تقدم ولا تنجز الا الاحاديث المزخرفة وهم بالقصور المترفة وكل ما يريده الشعب هو ان يتمسك باي خيط حتى وان كان واهنا يرسم له مشروع الخلاص بدلا من التسويات والاغلبية والمؤتمرات والعديد من الاوراق فهل فيك هذه الهمة وهل انت قادرا على ان تتخلص من بعض عباديتك وتستحضر كل عراقيتك وتنتفض وتنقلب على كل تلك الانماط الدينية والسياسية والاجتماعية؛ تساؤل نتركه للاعزاء المتلقين عسى ان يكونوا في الاجابة مع انفسهم صادقين .

وفي الختام فقد علم الشعب العراقي انك يا سيدي قد عزمت على ان تقوم برحلة سياسية الى بلاد في اقصى الغرب امريكا الى سيد البيت الابيض وترامب رئيسها ولا ندري ان كان ذلك استدعاء ام دعوة وقد استغرق بعض الكتاب فسطروا المقالات منهم من نصحك الا تبتسم ومنهم من اقترح عليك طاقم الاشخاص الذين تصحبهم في ركبك ومنهم من كتب نقاط المفاوضات التي لم تجرى بعد وكأنهم اعلم منك بأمرك ولعلهم يريدون بذلك الموعظة الحسنة لعراق فيه الصراع والاحتراب قاب قوسين او ادنى بعد ان دب فيه الخراب والفساد فانتشر؛ فان وصلت الى واشنطن عاصمة البلاد العظمى فهل تحمل معك اي قراءة استراتيجية عراقية مستقبلية لقادم لا نرى فيه اي ضوء في نهاية النفق؛ هكذا نرى الامور من

زاوية اخرى قد تكون اشمل واعم فمنذ تسنمك للسلطة التنفيذية والى اليوم لم تبادر الى وضع اي خطة استراتيجية او على الاقل تكتيكية لمشروع جامع ومانع ولم تسعى الى تفعيل القواعد الشعبية وكل الامور تجري بناء على الفعل ورد الفعل وهذا بالطبع لن يؤسس الى نظام دولة مستقرة اقتصاديا وامنيا وسياسيا وبالتاكيد انكم اعرف منا بالخوافي الحكومية واجنداتها بما خبرت من مسيرتك بها وانت اليوم على المحك فليس من الصائب ان يبقى العراق ضعيفا تابعا الى الولاة والسلاطين والملوك فاستدرك قبل ان تتوكل على الارتحال وابدأ بالكتابة وبقلمك بلا وعاظ السلاطين ولا مستشارين بمشروع الدولة اللامركزية والتي تمحق كل ما ترتب علينا من خراب من دستور وضع من قواعد سياسية ودينية وعشائرية ونظام للحكم ونظام انتخابي حسب المقاسات والاستحقاقات الحزبية وذلك باقرار قانون ادارة الدولة فان التقيت بالرئيس ترامب فاعرض علية مشروعك وقل له انه عراقي لا سني ولا شيعي ولا ديني لا عربي ولا كردي انه عراقي فلعله يؤيدك ويعصمك من امتداد البلاد الشرقية وولاتها وبلاد السلاطين وملوك البعارين ولكل حادث بعد ذلك حديث فهل سيرى العراقيون فيك حبلا يتمسكون به فلا يتفرقون بعده ابدا انهم الى ذلك اليوم منتظرون ومحتسبون؛ فالى امريكا وسيدها ترامب مودَع بالله ومحروس … يا عراقي .