قبل سنوات ، كانت الامهات ينظرن الى قامات اولادهن لقياس اية زيادة تطرأ على اطوالهم لافرحا بهم بل خشية عليهم من بلوغ سن الخدمة العسكرية وخوض الحروب …الامهات العراقيات ربين اولادهن على التضحية فالذين يضحون في سبيل بلادهم هم خدامها وهي تستحق ذلك لكن من يجبر الآخرين على التضحية باسم الوطن لابد ان يكون عدوا له لأنه يقطع الحرية من جذورها من نفوس الشعب لينال المجد في القمة ، وهكذا تعلمت الام العراقية الحرص على ابنائها من أعداء حياتهم حتى لوكان ذلك بأسم الوطن ..هكذا جرت الامور وذهب الالاف الى الحروب دون قضية ولم يعد الكثيرون منهم اما من عاد منهم فمازال يعيش الخوف من الموت دون قضية في زمن صار الموت فيه خبرا دسما يتصدر الصفحات الاولى من الصحف…
مع استمرار حالة التأهب للحرب في كل زمان ومكان واختلاف صور الاعداء ومسمياتهم تواصل الامهات العراقيات الحرص على ابنائهن من اعداء حياتهم لأنهم مشروع ابدي كما يبدو للموت المجاني..هذه المرة عدوهم يحمل اسم ( داعش ) وهم لايعرفون عنه شيئا اكثر من تعطشه للدماء ومطالبون بان ينتصروا عليه على الارض بينما تدعمهم قوات اجنبية من الجو …مثل هذه الحرب لن تكون بلا قضية فالعدو خطير والقضاء عليه يعني القضاء على الارهاب وهويهدد امن بلدان باكملها وليس العراق وحده لكن الاختيار وقع على العراق فقط ليكون ساحة مثالية لقتال داعش وليصبح ابنائه من جديد وقودا لحرب تم التخطيط لها بعناية لتحقيق مصالح مشتركة للعديد من الاطراف الخارجية ، فمايهم تلك الاطراف ان فقدت الامهات العراقيات المزيد والمزيد من الابناء في حروب متسلسلة مادام دمهم رخيصا لدى حكامهم قبل الغرباء فهم يلقون بهم الى التهلكة في كل مرة ويعتبرونهم شهداء قضايا تهدد أمن وسلام البلد بينما
لايبذلون جهدا صادقا للحفاظ على أمن البلد بفض الخلاف على الاقل على اختيار مرشحين لادارة الوزارات الامنية …انهم يواصلون التنازع على المناصب بانانية مفرطة بينما يطلقون شعاراتهم الجوفاء عن ضرورة التضحية من أجل الخلاص من داعش وأداتهم في ذلك –الدم العراقي الرخيص – …
من جهتها، دعت الامم المتحدة كافة الامم والشعوب الى الالتزام بوقف الاعمال العدائية خلال يوم 21 ايلول الذي اعلنته يوما عالميا للسلام والى احيائه بالتثقيف ونشر الوعي لدى الشعوب حول مفردة (السلام )…
المشكلة ان السلام ليس مفردة فقط ..انه حاجة اساسية تتعطش الشعوب لنيلها بهدف بناء اوطانها وتقدمها ، والاحتفال بهذا اليوم العالمي لن يمنع الحروب ولن يحل النزاعات الدولية بالطرق السلمية او يساعد في ارساء ثقافة السلام في العالم، ذلك ان السلام نبتة يمكن ان تنمو وتنشر ظلها على البلدان لو وجدت من يسقيها بحب حقيقي للوطن وشعبه وبممارسة ديمقراطية خالصة وبتضامن بين مختلف اطياف الشعوب لحماية تلك النبتة ورعايتها …
في بلدنا ، سنظل نحلم بالسلام ونتوق الى تحقيقه والغريب في الأمر اننا من اكثر الشعوب التي تواصل دفع الثمن من دم ابنائها على مر العهود دون ان ننعم يوما بالسلام ذلك ان دمنا رخيص جدا ..ليس في نظر الاعداء والاطراف الخارجية فقط بل في نظر حكامنا ايضا ….