18 نوفمبر، 2024 8:44 ص
Search
Close this search box.

مستقبل العراق الضائع بين كماشة الدول الإقليمية ونيران أميركا!!

مستقبل العراق الضائع بين كماشة الدول الإقليمية ونيران أميركا!!

تمعنوا جيدا في تاريخ العراق,إقرأوا كل حقبه وتاريخه الدامي والمشرق في ان واحد، تجدوا ان هذا البلد لن يستقر على حال ولن تهدأ نيران وطنية شعبه وغيره أهله على مستقبل هذا البلد وعلاقاته مع محيطه العربي والاقليمي والدولي، الا في هذا العصر ، الذي خلت ملامح الوطنية من أي توجه لأي حاكم عراقي، وكانت مصلحة الحاكم وتسلطه هو السمة الغالبة على من يحكم العراق!!

دققوا في سيل الارهاب الذي كان يواجهه العراق قبل اربعين او خمسين عاما تجدوا ان كل دول الجوار كانت متهمة بشكل او بآخر في دعم الارهاب في العراق وفي تغذية كل من لديه مطامع شخصية لايذاء ابناء جلدته، وتذوق هذا البلد من أذى جيرانه والدول الأقليمية الكثير!!

كان العراقيون انقياء في طبعهم ووطنيتهم قبل اكثر من خمسين عاما او يزيد بعقود، كانوا حريصين على سمعة بلدهم ، حتى من ارتضى من حكامه ان يكون تحت عباءة هذه الدولة العظمى او تلك، لكنه يحمي بقية كرامة شعبه ، ولا يعرضها الى الامتهان!!

كان هناك في الاربعينات والخمسينات وحتى الستينات والسبعينات سياسيون لامعون اظهروا  مقدرة وحنكة فائقة لكي يكون لبلدهم قيمة اعتبارية كبرى امام العالم، وكانوا لايتوانون في الدفاع عن مصالح شعبهم ومصالح دول المنطقة لكنهم لايهابون في الحق لومة لائم عندما تتهدد اوطانهم أو تتعرض للأذى والاحتلال، ويسعون بكل جهدهم لكي لايكون العراقيون ضحية لأحد أو ان تمتد سياط أحد عليهم، عندها سيكون للحاكم العراقي موقفا اخر ضد أي كان يريد ان تمتد يده الى العراق، وسيكون مصير اي اعتداء ولو بسيط يأخذ على محمل الجد على انه اعتداء آثم وجبان يستهدف العراقيين جميعا!!

لنتذكر بداية السبعينات كأقرب تاريخ عشنا بعض ملامحه في عهد الشباب، إذ ان اول محاولة ارهابية تعرض لها العراق جاءت من سوريا في عهد رئيس النظام السابق حافظ الاسد، يوم تم تفجير وزارة التخطيط التي بقيت في مكانها حتى الان، ووكالة الانباء العراقية في شارع ابو نؤاس، واستهدفها حافظ الاسد بسيارتين مفخختين  ، والزمن بين الحادثين متقارب منتصف السبعينات ، اذ لم يعرف العراقيون في وقتها معنى الارهاب، ولم يعرفوا وقوع حالات انفجار بسيارات مفخخة  او حتى عبوات ناسفة الا من اخواننا السوريين الذين كانوا يشاطروننا النظام السياسي حتى وان اختلفت الرؤى والتوجهات!!

وفي الاول من نيسان من عام 1980 وقع اول حادث ارهاب مدبر من ايران في الجامعة المستنصرية استهدف  مهرجانا شعبيا نظمه طلبة الجامعة المستنصرية وحضره طارق عزيز، وكنت حينها موجودا في الجامعة المستنصرية ، وقيل ان قنينة غاز انفجرت، لكي يتم التخفيف من هول الصدمة انذاك بين الطلبة الذين لم يعرفوا او يسمعوا عن انفجار وقع في بلادهم ، ثم تلاه بعد يوم واحد استهداف موكب تشييع طلبة عراقيين سقطوا شهداء في تلك الحادثة قرب المدرسة الايرانية في منطقة الوزيرية، وعدا هذا العمل ثالث محاولة ارهابية يشهدها العراق خلال خمس سنوات أو أكثر بكثير!!

وبدت الحرب العراقية الايرانية لكنها كانت خارج حدود العراق واكتوى العراقيون من نيرانها الكثير، اذ راح الاف الشهداء والمفقودين والاسرى في حروب عبثية حتى وان كانت لها ( مبررات ) للدفاع عن النفس!!

كانت السعودية ونظام حافظ الاسد من اكثر الانظمة العربية التي وقفت الى جانب ايران ضد العراق حتى وان أظهرت في العلن انها الى جانب العراق لكنها هي من اسهمت بايقاد نيران هذه الحرب، واشعال فتيلها ، وكانت تظهر مودة للعراق وتقربا اليه في الوقت الذي تدعم في الخفاء جهود ايران في اشعال هذه الحرب وفي ايقاد نيرانها..وكان النظام السوري انذاك في عهد حافظ الاسد يقف كليا الى جانب ايران ويزودها بالاسلحة والعتاد  والصواريخ لضرب العراق!!

لم نسمع انذك ان هذه الدول متهمة بالارهاب رغم انها مارسته قبل عقود وكان العراقيون احد ضحايا ذلك الارهاب اللعين، ولم يدن احد لا ايران ولا النظام السوري ولا حتى دول الخليج التي شاركت في العدون الثلاثيني على العراق لتحطم معالم التقدم والنهوض في هذا البلد، وتشعل فتيل حروب لاتبقي ولا تذر!!وما زالت معالم خرابها ماثلة حتى الان امام العراقيين!!

وفي الحرب الاميركية على العراق عام 2003 شاركت حتى مصر وايران ودول الخليج في ضرب وتدمير العراق وفي المساعدة على احتلاله، وحصدت الان ماجنته اياديهم الاثمة من وقفات غير مشرفة الى جانب الاميركان ضد العراق!!

اما الارهاب الذي يتعرض له العراق اليوم فهو ارهاب اقليمي دولي شاركت فيه الولايات المتحدة وايران وسوريا ودول الخليج نفسها، وهي نفسها الان من غذت داعش صنيعة امريكا وايران وبعض السياسيين العراقيين الذين نزلت عليهم لعنة السماء، وما يجري الان من ذبح للعراقيين واستباحة دمهم وكرامتهم وما يحدث من مجازر وعمليات قتل وابادة تتعرض لها كل محافظات العراق وبخاصة في غربيه ووسطه وفي شماله، هو نفس المسلسل الارهابي الذي ابتدأ في السبعينات، ولكن بشكل رهيب زرع حالات من العرب والأسى واللوعة في قلوب العراقيين ، وها هم العراقيون يكتوون اليوم بنتائج هذه الارهاب الاعمى اللعين، ويدفعون فاتورته وتكاليفه الباهضة من دماء ابائهم التي ذهبت غدرا في جرائم قتل مروعة تعددت اشكالها والموت واحد!!

واليوم وفي عام 2014 بالتحديد ، يعود علينا الاميركان باحتلال من نوع اخر لاتختلف مبرراته ومسوغاته عن احتلال عام 2003 ، ويتم تهيئة القواعد العسكرية العراقية لتكون قواعد انطلاق تدك معاقل محافظاتهم بحجة مواجهة داعش والارهاب، دون ان يتم استهداف الارهاب، وكيف يستهدفونه وهو صنيعتهم ، ومن خططوا لدعمه لكي يكون بهذا الحجم المهوول من التدمير والخراب لهذا البلد الطيب، الذي لم يوجه سهام غدره لاحد من دول المنطقة، وكان مضيافا للجميع ومدافعا عن حمى الجميع ، وصرف ميزانياته من اجل ان يحفظ لهم بقية هيبتهم امام شعوبهم وامام العالم حتى ناله من اذاهم الكثير!!

لافرق بين احتلال بريطانيا للعراق في الثلاثينات والاربعينات ولا في احتلال امريكا للعراق  في عام 2003 او في 2014 ، فكل هذه الاحتلالات هدفها واحد واطماعها واحدة ، وهي تدمير قدرات العراقيين ودول المنطقة، وترويض هذا الشعب الطيب الاصيل لكي لايثأر لدماء شهدائه وكرامته المهدورة، لكن ارادة التاريخ لابد وان تسجل للعراقيين انهم لم يرضخوا لأي احتلال مهما كان نوعه او صنفه او مذهبه بريطاني ام امريكي ام ايراني او من نوع اخر، وسيعود العراق رائد وقلعة المنطقة وهو من يعيد الكرامة لشعوبها ودولها، لكنه يحتاج لسنوات طويلة لكي يتخلص من كل هذا الركام الثقيل الذي أوقعته الاقدار الاليمة فيه، وان التاريخ لابد وان يكتب لاهل العراق انهم اصحاب حضارة ضاربة في الاعماق وحسبهم ان تاريخهم الطويل لابد وان يشفع لهم ، ويعيد لهم الاعتبار مرة أخرى..ولكن بعد ان يحكم من عراقيين وطنيين اصلاء يهمهم شرف العراقيات والعراقيين وغيرة أهلهم ، وليس عملاء بالنيابة لهذه الجهة الافليمية او الدولية او تلك..وان بلوغ هذا الهدف السامي المشروع ليس ببعيد بعون الله.

أحدث المقالات