إلحاد الدولة هو تشجيع الإلحاد الرسمي من قبل الحكومة، جنباً إلى جنب في بعض الأحيان مع قمع النشاطات الدينية ووضع قيود على الحرية الدينية وممارسة الشعائر الدينية.
في التاريخ توجد نماذج كثيرة لدول إلحادية اذا توسعنا في مفهوم الإلحاد ليشمل تعدد الآلهة وعبادة الإنسان، أما في العصر الحديث فهناك ثلاثة أصناف من الدول اعتماداً على الموقف من الدين:
1-الدولة التي تعتمد دين رسمي وتشجع الممارسات الدينية وتقننها.
2-الدولة العلمانية التي تكون محايدة تجاه مسائل الدين.
3-الدولة الإلحادية التي تضطهد الممارسات الدينية وتقمع الحرية الدينية.
والشكل الثالث هو الذي يهمنا في البحث، ووفقاً لتتبعنا فقد بدأ أول ظهور لهذا الشكل من الدولة في العصر الحديث في بدأ مع الثورة الفرنسية، وسنتكلم عن نموذج الثورة الفرنسية وعلاقتها بالإلحاد والثورة المكسيكية.
الثورة الفرنسية:
خلال الثورة الفرنسية، وقعت حملة “ضد المسيحية” التي شملت إزالة وتدمير الأشياء الدينية من أماكن العبادة، وتحويل الكنائس إلى “معابد للإلهة العقل”، وبلغت ذروتها في احتفال العقل في كاتدرائية نوتردام .
(أنظر Latreille, A. FRENCH REVOLUTION, New Catholic Encyclopedia v. 5, pp. 972–973 (Second Ed. 2002 Thompson/Gale) ومصادر أخرى).
ولكن التجربة الفرنسية لم تدم سوى سبعة أشهر ولكنها تركت أثر بالغ على الملحدين كلودفيغ فيورباخ والذي أطلق مقولة الدين أفيون الشعوب قبل ماركس وعلى سيغموند فرويد وكارل مارك، وعن طريق أفكار هؤلاء أخذت الأنظمة الشيوعية في وقت لاحق في تعاملها مع المؤمنين بالأديان بحيث اعتبرتهم مخربين وغير طبيعيين وزجت الكثير منهم في المستشفيات النفسية.
فرنسا حالياً وفقاً لمؤشر “وحدة الاستخبارات الاقتصادية” للديمقراطية ذات ديمقراطية معيبة لأنها حصلت على 7,7 من أصل 10 وفقاً لهذا المؤشر وتسلسلها 29 من أصل 167 دولة شملها التقييم!
الثورة المكسيكية:
الولايات المتحدة المكسيكية وهي جمهورية دستورية فيدرالية في أمريكا الشمالية. يحدها من الشمال الولايات المتحدة ومن الجنوب والغرب المحيط الهادئ ومن الجنوب الشرقي كل من غواتيمالا وبليز والبحر الكاريبي ومن الشرق خليج المكسيك تفوق مساحتها تقريبًا المليوني كيلومتر مربع، وتعد خامس أكبر بلد في الأمريكيتين من حيث المساحة الكلية والثالثة عشر من بين الدول المستقلة في العالم. يقدر عدد سكانها بأكثر من 112 مليون نسمة مما يجعلها الحادية عشرة من حيث السكان عالميًا والأكثر اكتظاظًا بالسكان في البلدان الناطقة بالإسبانية. المكسيك عبارة عن اتحاد يضم 31 ولاية ومقاطعة فدرالية وحيدة هي المدينة العاصمة.
المواد 3 و 5 و 24 و 27 و 130 من الدستور المكسيكي لعام 1917 كانت في الأصل للحد من سيطرة القساوسة ولتقييد الحريات الدينية بشكل كبير، وكانت هذه الأحكام تطبق بشكل متقطع ولكن عندما تولى الرئيس إلياس كاليس بلوتاركو فإنه فرض أحكام صارمة.
قد تميزت المكسيك في فترة حكم كاليس على أنها دولة ملحدة إذ كانت واحدة من برامجه هو القضاء على الدين في المكسيك.
تمت مصادرة ممتلكات أتباع الأديان ، وأصبحت جزءاً من هذه الثروة الحكومية. وتم الطرد القسري لرجال الدين الأجانب والاستيلاء على ممتلكات الكنيسة، وحضرت المادة 27 أي استحواذ في المستقبل على هذه الممتلكات من قبل الكنائس.
كما أغلقت المادة 5 من دستور عام 1917 الرهبانية، ونهت عن أي نشاط ديني خارج المباني الكنيسة والتي أصبحت مملوكة من قبل الحكومة.
في 14 يونيو عام 1926، تم سن قانون إصلاح قانون العقوبات المعروف بشكل غير رسمي باسم قانون كاليس وشملت أحكامه حظر الجماعات الدينية ورحمان الكنيسة من حقوق الملكية وحرمان رجال الدين من الحريات المدنية.
وبسبب التطبيق الصارم لقوانين مكافحة رجال الدين، بدأ الناس في المناطق الكاثوليكية، وخاصة ولايات خاليسكو، زاكاتيكاس، غواناخواتو، ميتشواكان وكوليما بمعارضتها بشدة، وأدت هذه المعارضة إلى حرب(كريستيرو (1926-1929م)) ،والتي ارتكبت فيها فظائع وحشية من الطرفين.
وقد بدأت هذه محاولة لتلقين الشباب الإلحاد في عام 1934 من خلال تعديل المادة 3 من الدستور المكسيكي للقضاء على الدين من خلال تكليف “التعليم الاشتراكي” .
وبقي الوضع هكذا طوال فترة حكم كاليس الذي حصل سنة 1926 على وسام من الماسونية ولم تلن حتى عام 1940، عندما تولى الرئيس مانويل أفيلا كماتشو، وهو كاثوليكي الاعتقاد.
في عام 1946 أزيل التعليم الاشتراكي “من الدستور وعاد المستند إلى التعليم العلماني المعمم أقل حدة، و كانت آثار الحرب على الكنيسة عميقة حيث قتل ما بين 1926 و 1934 ما لا يقل عن 40 من الكهنة، وفي الوقت الذي كان فيه حيث كان هناك 4500 كاهن عامل في البلاد قبل الثورة، في عام 1934 لم يكن هناك سوى 334 كاهن مرخص من قبل الحكومة لخدمة خمسة عشر مليوناً من الناس، وبحلول عام 1935كانت هناك 17 ولاية خالية من الكهنة على الإطلاق في المكسيك.
المكسيك حالياً وفقاً لمؤشر “وحدة الاستخبارات الاقتصادية” للديمقراطية ذات ديمقراطية معيبة لأنها حصلت على 6,93 من أصل 10 وفقاً لهذا المؤشر وتسلسلها 50 من أصل 167 دولة شملها التقييم!