كانت وزارة الدكتور العبادى ولادة عسيره على الرغم من التأييد المحلى والاقليمى والدولى الذى حظيت به مبدئيا, الا ان الحوارات واللقاءات والمباحثات اله التى جرت مع الكتل السياسيه لم تكن سهلة ويسيره, وذلك لان “المتحاورين/ المتناقشين” لم يتقابلوا كاطراف
متجانسه فى الحقوق والواجبات ويحملون فى وجدانهم وضمائرهم مسؤلية مستقبل البلد ومصير ابناءه. الا ان اجواء الثقه والاحترام المتبادل لم تتوفر فى الاجتماعات العديده وتقابل الشركاء/ الفرقاء وكانهم فى حلبة صراع وسباق: جاءت تركيبة الوزارات, لاتختلف عن مثيلاتها السابقات فهى تمثل استمرارية لما كان فاعلا فى نهج ديمقراطية المحاصصه على الرغم من الاعتراف نان الدكتور العبادى رجل علم ومعرفه وله تاريخ سياسى معروف.
جاء التاكيد الامريكى, فى شخص الرئيس اوباما, ان تكون الوزارت الجديده ممثله لجميع الكتل السياسيه قوميا وطائفيا وكذلك لكل الاقليات التى تعيش فى العراق صريحا واضحا, انها حالة لايمكن تحقيقها حتى فى الاحلام, ناهيك ان تتحقق فى واقع الصراعات وعدم الثقه والتشرذم الحاصل فى الساحه السياسيه منذ بدايات التغيير فى عام 2003. ان الرئيس اوباما قد عاش الصراعات حينما قدم مشروع اصلاح النظام الرعايه الصىحيه والذى طال ابرامه كثيرا وخضع لتغييرات كثيره فرضها الحزب الجمهورى, وكما يعلم الجميع ان امريكا الدوله العظمى فى العالم تحكم من قبل حزبين عريقين تربطهم تحقيق مصالح امريكا العليا ويمارسون فيما بينهم احترام الانظمه والقوانين وتقاليد العمل الديمقراطى , كما ان امريكا لم تكن على شفى حرب اهليه. انى اتسائل حول الغرض والحكمه من فرض الرئيس اوباما ما فرضه فى تشكيل الوزاره العراقيه وهو الذى يعرف االحاله العراقيه جيدا ؟ هل فكر فى الطريقه التى سوف يتعامل بها الوزراء ورؤساء الكتل, خاصة وان تطور الاوضاع واحتلال المنظمات الارهابيه مدن وبلدات واقضيه, بالاضافه الى جرائم الاباده التى حصلت فى الاراضى التى تم احتلالها, وحوالى 5,1 -2 مليون من المهجريين من بيوتهم ومواطنهم والتهجير القسرى للاقليات المسيحيه واليزيديه والتركمانيه, بالاضافه الى القتل على الهويه وليس اخيرا جريمة الاباده فى قاعدة سبايكر. ان الافكار والمواقف بين اعضاء الكتل السياسيه والوزراء الذين تم تسميتهم وتقيمهم لهذه الجرائم والحاله العراقيه مختلف تماما ويكاد ان يكون الحد الادنى من قاسم مشترك لبلورة سياسه حازمه تجاه “داعش” لم يحصل بعد ومن الصعوبه ان يحصل. ان هذه الوزاره سوف لا تكون افضل من التى سبقوها, ان ثمان سنوات من العبث والاخطاء القاتله والاداره القائمه على الفوضى وسيطرة الجهله وانصاف المتعلمين على اجهزة الدوله قد
افرزت حالات من الاستقطاب الطائفى والقومى التى قد اسست لمليشيات مسلحه وعصابات المافيا التى طورت لها ديناميكيه خاصه والتى اصبح من الصعب السيطره عليها. ان الكتل قد فرضت تصوراتها من الوزارات السياديه وغير السياديه, بالاضافه الى وكلاء الوزارات ونواب رئيس الوزراء, ولازال البحث جاريا لتسمية وزيرى الداخليه والدفاع, وهنا تبرز التناقضات فى داخل الكتل والتى اخذت التصريحات حول الاشخاص والوزارات تؤذى اذان المواطنيين. ان القضيه تستمر فى تعقيداتها وخلفياتها التى تضرب فى العمق وتعكس صورة ضعف الاراده السياسيه ومحدوديتها والتخبط التى يرتبط بها فى كثير من الحالات قد اصبحت تنتج اللامعقول: ماذا يعنى ثلاثة نواب لرئيس الجمهوريه الذى عمله اساسا, وفقا للدستور عملا تشريفيا, ماذا عسى ان يقدم السيد المالكى للعمليه السياسيه بعد ثمان سنين من اللامعقول, او السيد النجيفى الذى عمل على تعطيل عمل المجلس النيابى, وكذلك بالنسبه للدكتور اياد علاوى الذى كان يدير عمله كعضو فى المجلس النيابى ورئيس كتله من خلال شاشات التليفزيون, من خارج العراق. ان الطبخه لا تتعدى ان تكون عملية ترضيه وتقديم فروض الطاعه لشخصيات لم تقدم للعمليه السياسيه اسباب النجاح والاستمرار, ان الحاله العراقيه هى احد النتائج المباشره لعملهم السياسى طيله المرحله,
ان ما يتقاضوه من رواتب ومخصصات ونثريات وسيارات واسطول من الحمايات يشكل ارقاما خياليه ترهق ميزانية الدوله, وفى واقع الامر انهم لا يؤدون عملا, ناهيك ان يكون , اذاا وجد عمل, ان تكون مساهماتهم ايجابيه. ان الاموال التى تصرف عليهم تكفى لتنفيذ مشاريع مهمه وستراتيجيه فى شبكة الخدمات والبنى التحتيه, انها من الافضل ان تستثمر فى مشاريع تخد م الشعب العراقى الذى احق منهم بها.
ان السيد العبادى فى وضع لا يحسد عليه فهو مهما بلغ من المصداقيه والنوايا الطيبه والمشاعر الوطنيه والعقليه العلميه يخضع للتوافقات, هذه التوافقات تحصل مباشرة من كتلة القانون التى ينتمى اليها والتى تتشكل من بضعة اجنحه, خاصة جناح السيد المالكى الذى لا يلين ولا يحاول ان يقف بضعة دقائق للنظر واعادة النظر فى الثمان سنوات التى , كما يدعون , انهم قد قاموا ببناء العراق, طبعا, العراق العظيم بدون مدارس, ومستشفيات, ماء وكهرباء, صناعه وزراعه, وجيش تنقصه العقيده والنظام, وبيوقراطيه شعارها سرقة المال العام. وحالة اخرى لابد من الاشاره اليها, انها ما زالت طازجه: ان القرار الذى اصدره الدكتور العبادى باحاله بعض العسكريين الذين قدموا الارض والسلاح هديه لداعش على التقاعد, والحقيقه ان هذا القرار يمثل تطورا نوعيا بالنسبه لما قام به السيد المالكى الذى قد جعل منهم مستشارين له, والحقيقهاى استشاره يمكن انيحصل عليها السيد المالكى منقاده عسكريين هربوا من المعسكرات قبل بدأ المعركه!!. ان قرار الاحاله على التقاعد غير كافى ولكنه يمثل نموذجا للتوافقات التى تحصل بين كتل العمليه السياسيه, وهكذا سوف تسرى الامور فى مختلف القضايا المصيريه: ان الفرصه كانت نموذجيه ان يتخذ
الدكتور العبادى قرارا شجاعا حاسما يؤسس للتفكير واداره جديده ويرسم خريطة طريق جديدة نوعيا, كان يجب ان يحال القاده العسكريين الى القضاء وينالوا العقوبه التى يستحقونها, انهم قد هربوا وتركوا الجيش لوحده, لقد خانوا الامانة والواجب, وكان لابد من الردع والتاسيس لسيادة القانون والنظام, بعد الخراب الذى احل بالبلد.
ان الدكتور العبادى يعلم جيدا بان مسار التوافقات لا ينتهى , حينما يبدا العمل به يلزم الاستمرار عليه, هذا يعنى ان القياده تفقد تدريجيا مكانتها وسلطة القرار الذى ينتزع من يدها بمختلف الاساليب والحجج, وتنتهى ان تكون العوبه يحركها الشركاء المتخاصمون المتناقضون, وبذلك تفقد جدواها وقيمتها والدعم الاولى لتى قامت وتأسست عليه. ان الشركاء المتخاصمون لا يفهموا الا لغتهم, وعليه يجب على رئيس الوزراء ان يتكلم بنفس اللغه التى يتكلموا بها, ان يكون لرئيس الوزراء الرأى الصريح الواضح الذى لايقبل التأويل, والذى ينطلق ينطلق من المشروع الوطني الذى يخدم الشعب العراقى بشكل عام, وان يكون له الشجاعه والرأى فى متابعة عمل الوزراء, الذين يجب ان يتعلموا بانهم مسؤلين امامه وفقا للبرنامج الوزارى الذى انضموا اليه وليس امام الكتله التى ينتمون اليها. بهذه المنهجيه يمكن الامل ان نرى الضوء فى الظلام الدامس الذى يحيط بنا من كل الجوانب. ماذا يحصل, افتراضيا, لو يعلن السيد العبادى استقالته وعدم الاستعداد فى الاستمرار على العمل فى ظل الظروف المحيطه بالعمليه ا لسياسيه وديمقراطية المحاصصه وتغليب النزعه الطائفيه والقوميه والفرديه على المصلحه الوطنيه العامه؟
لوحصل هذا فانه سوف يكتب تاريخا كبيرا مشرفا للعراق والعراقيين ولشخصه الكريم.