اتهم السيد حيدر العبادي خلال لقائه السيد اوباما اثناء اجتماع الجمعية العامة للامم المتحدة في نيويوك( الاستقطاب) في المنطقة بانه اصبح مصنعا للارهاب والعراق هو الذي يدفع الثمن . ان الغرض من مثل هكذا كلام هو لابعاد الشبهة عن الاستقطاب الداخلي الطائفي الذي يعاني منه العراق منذ عام 2003 التي تسببت به الاحزاب الدينية المتطرفة ( اتباع الاخوان المسلمين – اتباع ولاية الفقية ) التي شيدت وقادت العملية السياسية في العراق منذ عام 2003 ولحد اليوم حينما وصلت الى السلطة مستغلة الثغرات الكبيرة في النظام الديمقراطي الذي يسمح للاحزاب المتطرفة بالعمل والترشيح للانتخابات والفوز بها باي ثمن كما وصل الحزب النازي لحكم المانيا عام 1936. وكل العالم يعرف ان الاحزاب الدينية في العراق تتسم بالغلو ولاتؤمن بالوسطية او الاعتدال وهي خارجة عن المفاهيم والاعراف والسلوكيات العامة وهذه الاحزاب لها تفسيرها خاص للتاريخ المقدس ولاتقبل المناقشة او اعادة النظرفيه وتعتبره من الثوابت المطلقة وهي لاتلغي العقل في تمحيص هذا التفسير فقط بل تلغي كل راي وتتهم المخالفين لرئيتها بالردة والكفر وتجبرهم على تبنيه بالعنف والاكراه وهذا هو البلاء الذي حل بالشعب العراقي بعد 2003 والذي ادى الى الاستقطاب السياسي الداخلي ونثر بذور الفتنة بين الشعب العراقي الواحد وقسمه الى الشعب السني والشعب الشيعي مما جعل الاول يطلب الحماية من الارهاب الوهابي (السعودية ) والثاني يطلب الحماية من الارهاب الخميني( ايران ) وينسون انهم عرب وعراقيون وهذا مايحاول التغطية عليه السيد العبادي بشق الانفس . ان العراقيون قد ابتلوا بتاريخهم المعاصر بالاحزاب التي تحمل افكارعقائدية شمولية مقدسة مستوردة من الخارج وتحاول فرضها على العراقيين بالارهاب كان رائدهم (الحزب الشيوعي العراقي) اوائل الثلاثينات صاحب شعار (ماكو موأمرة صير.. والحبال موجودة ) وكان هدفه استقطاب العراق نحوالاتحاد السوفيتي ضد امريكا ولقد دفع الثمن غاليا اوائل السبعينات على يد حزب البعث العقائدي الشمولي القومي صاحب شعار ( بعث تشيده الجماجم والدم ….) بعد وصوله للسلطة بالقطار الامريكي عام 1968 ولكنه تمرد على اسياده وصفى مصالحهم في العراق وغير وجهة القطارعام 1972 باتجاه القطب السوفيتي بدون اي حساب للعواقب الكارثية التي ترتبت على هذا العمل الاحمق خاصة بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وتم القضاء عليه بعد صراع مرير مع المعسكر الاخر استمر اكثر من ثلاث عقود وانتهزت الاحزاب الدينية الفرصة وامتطت ظهور الدبابات الامريكية التي احتلت بغداد عام 2003 وهي تهتف (صدام النذل وينه بالحربة لبط عينه ) بعد ان فشلت لوحدها باسقاط النظام البائد لاكثر من اربع عقود والسبب لانها كانت احزاب تفتقد للقاعدة الشعبية الحقيقية لان الشعب العراقي يتسم بالاعتدال و لم يكن يريد ان يستبدل التطرف القومي بالتطرف الديني وهو ابشع من الاول لهذا نراها اليوم ترتكب نفس الاخطاء ولم تتعلم من اسلافها الشيوعيين والبعثيين وهي تقاتل كتف بكتف في دمشق مع حرس خميني ومخابرات الرفيق فلادمير بوتين لاكثر من ثلاث سنوات ضد حلفاء السعودية وتركيا وامريكا من السوريين والخاسر الوحيد من كل الدول الاجنبية المتورطة في سوريا هو العراق فقط جميعهم يعيشون في امن واستقرار ( اتراك- ايرانيون- سعوديون – روس –امريكيون ) الا العراقيون فانهم محاصرون داخل بلدهم بالقتل والتهجير وخراب البيوت والارهاب من امامهم والمليشيات من خلفهم منذ عام 2003 ولحد اليوم بسبب الفاشية الدينية المتطرفة التي تمسك العراق بمخالبها .لقد رد السيد اوباما بمقابلة مع محطة امريكية على تصريح العبادي بانه لاينحاز لاي طرف بسخرية عندما قال (اخطأت وكالات المخابرات الامريكية ولم تقدر حجم نشاط داعش ). ولكن السيد العبادي في تصريحه الاخير لصحيفة النهار البنانية تعهد بابعاد العراق عن القطب الروسي في المنطقة االذي تتزعمه ايران عندما قال ( ان العراق ليس مستعدا لمواصلة دفع هذه الضريبة من الدماء والتضحيات في صراع الاستقطابات ) وهذا كلام انسان ربما استفاد من تجاربه المرة السابقة وبريد انقاذ مايمكن انقاذه قبل طوفان نوح الثاني ولكن هل يمتلك الادوات الازمة والحزم والقوة والارادة لتطبيق هذا واقعيا هذا هو السؤال المرعب اذا كان صادقا حقا في نواياه علما ان العراق اصبح مزرعة لمليشيات الاحزاب المتطرفة التي استغلت الحشد الشعبي ودججت نفسها بالمال والسلاح وصارت اقوى من الجيش الرسمي بل ان احداها (منظمة بدر ) طلب من افراد الجيش السابق بمختلف صنوفهم الى الالتحاق بمقرات المنظمة وليس بمقرات الجيش الرسمي او الحشد الشعبي .. وفضائية مليشيا اخرى(العهد ) كانت تسخرمن قرار العبادي بوقف قصف المدن بتهديد على الهواء قائلة ( لاندري هل ستعود طائرة العبادي من نيورك لمطار بغداد سالمة ام لا ).. ان من يبحث عن حل لمشاكل العراق المستعصية فالحل سهل جدا وهو حذر وحل كل الاحزاب العقائدية الشمولية في العراق وفي مقدمتها الاحزاب الدينية على الطريقة المصرية لان كل الكوارث التي حلت بنا تخبرنا بان( حكم الله ) هي السبيل لتطبيق (الاحكام ) وليس السبيل لنصبح (حكام ) بالانقلابات او الانتخابات المزورة او الارهاب والمليشيات ..