أي مؤتمر هذا للقضاء على داعش, فيقام في عقر دارها, ومنبع تمويلها بالعدة والعدد؟ ويدعى إليه الدول الداعمة للإرهاب بكل أنواعه؟
السعودية موقفها متذبذب من التحالف الدولي, بسبب تخوفها من البدائل المجهولة (إن وجدت), وهي لا تريد للأنظمة الشيعية في المنطقة, “وإن كانت ديمقراطية” على عكسها, للشعور بالارتياح والتمدد, والتوجه نحو تحالفات معلنة, فيما بينها, أو مع دول العالم.
تركيا هي الأخرى, تشترط القضاء على بشار الأسد, للمشاركة في التحالف الدولي, وهي لا تريد أن تخاطر بتهديم ما بنته بأيديها, وتعبت عليه, و أردوغان على ما يبدو يتجه نحو شخصنة وعثمنة سياسات تركيا, ويجعل منها عداوات شخصية بالرؤساء كبشار والسيسي.
الولايات المتحدة ممثلة برئيسها أوباما, تنتهج إستراتيجية مبهمة تجاه هذا التحالف, واستمرارها بسياسة الكيل بمكيالين بعدم دعوة إيران, صاحبة الثقل الأكبر والأقدر في محاربة داعش, يشكك في نواياها في محاربة هذا التنظيم, فهي لا تريد نشر قوات برية, بل إدامة زخم الضربات أو ربما زيادة وتيرتها, وهو أمر لم ينجح لا في اليمن, ولا وزيرستان, إذ لابد من وجود قطعات برية قوية, تهاجم بهذا الغطاء الجوي.
أوباما يريد اعتماد سياسة نمط التدخل المحدود, بعيدا عن ارض الوطن (فداعش وفي أسوأ الأحوال لن تكون مؤذية, فهي تبعد عن أمريكا آلاف الكيلومترات), ولكن قصف داعش إعلامياَ فقط, يسبب بتمدد داعش والمتطرفين في المنطقة, وتعاطف الجهلة من المسلمين, ثم الانخراط في صفوفها, وعاجلا أم آجلا سيتغير أوباما, ويعود الجمهوريون للحكم, الذين يعتمدون سياسة التدخل المباشر.
ضرب التنظيم بعد تمدده سيوقع المزيد من الآثار الجانبية, من الضحايا المدنيين والخراب العمراني, وسيمنح فرصة جيدة, لمحاولة القضاء على الأنظمة المعارضة في المنطقة, بجريرة وحجج هذه التنظيمات, كما حصل بالقضاء على حكومة طالبان, بسبب تنظيم القاعدة, وإزاحة صدام من الحكم لنفس السبب, فهم ينسبون تشكيل داعش, المتعارض فكره تماما مع إيران وسوريا, إلى هذين البلدين.
الحل إذن يكمن في إقامة مؤتمر (إن كانوا جادين), تدعى إليه كل الدول المعنية, وعلى رأسها العراق وسوريا وإيران, ويقام على ارض محايدة, وتؤخذ التعهدات من السعودية وتركيا وقطر وإسرائيل, بتجفيف منابع هذا التنظيم, وتقديم الدعم اللوجستي المتكامل للجيش العراقي, الذي بدوره سيقوم بحملة برية, بغطاء جوي محلي ودولي, للقضاء على هذا التنظيم.