22 نوفمبر، 2024 11:35 م
Search
Close this search box.

ملامح لمرحلة ما بعد داعش

ملامح لمرحلة ما بعد داعش

لعل البعض قد يستغرب مثل هذا العنوان، خصوصا ان داعش لا تزال تمسك بالارض وتعمل المستحيل من اجل البقاء في المناطق التي سيطرت عليها.. لكن كل المؤشرات تشير الى ان داعش رغم الهجمات التي تشنها هنا وهناك فان عملياتها اخذت طابعا دفاعيا او حتى اخذت طابع الاستعداد للرحيل حيث تقوم بتفخيخ الابنية والطرق وغيرها لاعاقة تقدم قوات البيشمركة والجيش العراقي في مختلف المحاور، مثلما ان مؤشرات تشكيل الحكومة العراقية المقبلة وملامح الحل السياسي للازمة بين المكونات العراقية الاساسية الكرد والسنة والشيعة قد سلكت طريقا اخر للحل يدعو للتفاؤل بقرب التوصل الى حل وبالتالي مشاركة السنة والكرد بشكل اكثر فعالية في طرد داعش من العراق بمساعدة دولية اكثر فاعلية وهي المساعدة التي اشترطت مقابلها الولايات المتحدة وحلفاؤها اتفاق المكونات العراقية على تشكيل حكومة وطنية حقيقية تمثل كل المكونات على اساس الفدرالية والشراكة الحقيقية بينها لتدخلها بشكل اكبر في مساعدة العراق على طرد داعش.

ومن اجل ذلك فان لاعبين ثانويين مثل مشعان الجبوري واطراف شيعية غير راضية عن التغيير عملت خلال الاسبوع المنصرم على اثارة النعرات الطائفية حيث اثارت مرة اخرة ملف مجزرة سبايكر وقامت بعدها بايام بمذبحة للسنة في جامع مصعب بن عمري في محافظة ديالى لتصعيد النفس الطائفي وافشال مساعي رئيس الوزراء المكلف حيدر العبادي وكل من يقف خلفه ويدعمه من المرجعية الى الولايات المتحدة واعاقة جهودة الحثيثة للتوصل الى اتفاق مع الكتل الكردية والسنية لتشكيل حكومته قبل الموعد القانوني المقرر وهو العاشر من ايلول المقبل.

شلكن بالمقابل فان الولايات المتحدة تواصل توسيع مدى تدخلها في العمليات العسكرية بما يحفظ التوازن في جبهات القتال ويرجح دفة البيشمركة وتعمل بشكل حثيث مع حلفائها على ارسال المزيد من الخبراء العسكريين والستراتيجيين الى اقليم كردستان. في توجه لافت الى التوسع في تسليح قوات البيشمركة وتدريبها وهذا يعكس تطور محدود  في السياسة الامريكية تجاه التدخل في العراق لكن من المرجح ان سحب الكونكرس الذي يسيطر عليه الجمهوريون سوف يقف حجر عثرة امام تحسين اداء الديمقراطيين ولكن الامر سوف يحسم كما يتوقع بعد صعود الجمهوريون المرتقب في الانتخابات الرئاسية المقبلة في خريف هذه السنة.. لذلك فان من المتوقع ان تتواصل الاستعدادات على الارض لحين حسم هذا الملف لان اي عمل كبير وواسع ضد داعش يتطلب تدخلا امريكيا واسعا وفعالا وهذا لا يمكن ان يحصل بدون صعود الجمهوريون الى سدة الحكم. ولذا فان الوضع على الارض سوف يبقى يراوح في اطار التحضيرات والهجمات المتقابلة المحدودة استعدادا لهجمات اكبر.

الجديد في الوضع ان اقليم كردستان خرج من اطاره العراقي البحت، واصبح يلعب في اطاره الاقليمي الاوسع بعد ان جعلت الاحداث الاخيرة التي جرت وتفجر القتال بينه وبين داعش بشكل واسع بعد احداث سنجار كل الفصائل الكردية في كردستان سورية وتركيا وايران تشارك بقسم من قواتها في القتال الى جانب البيشمركة في اقليم كردستان وهو ما نعتقد انه سوف يجعل او جعل الولايات المتحدة تعيد النظر في مواقفها من هذه الاحزاب ومسلحيها والتي كانت تدور في اطار اعتبار بعضها ارهابية كما جرى بالنسبة لحزب العمال الكردستاني او عدم الاهتمام بفك الحصار عنها ودهما في حربها مع القاعدة وداعش والنصرة كما هو الحال بالنسبة لقوات حماية الشعب الكردية السورية.. وتشير بعض التسريبات الى ان الولايات المتحدة تدرس الان شمول وحدات الشعب بعمليات التسليح باعتبارها تمسك بجهة واسعة من القتال ضد داعش تمتد من سنجار التي مارست فيها دورا انسانيا اثنت عليه الامم المتحدة الى العمق السوري. وهذا يعني ان الحدود الجغرافية بين العراق وسوريا من جهة كردستان لم تعد تؤثر على صناع السياسة الامريكية مثلما انها اخذت بعدا اخر على الصعيد الاقليمي والعراقي الداخلي. ولعل هذه سوف يزحزح ملف حزب العمال الكردستاني الذي يعمل منذ سنوات على انجاح مشروع السلام مع حكومة اردوغان.

أحدث المقالات