وثيقة درامية خطرة تعكس مرحلة مهمة من تأريخ ونضالات الشعب العراقي ضد الديكتاتورية والاستبداد
انتهت في مواقع متعددة من بغداد عملية تصوير المسلسل العراقي الجديد (القوت والياقوت) فنون) للكاتب الكبير صباح عطوان وإخراج الفنان الاردني أيمن ناصر الدين وتمثيل نخبة من ألمع نجوم الدراما العراقية مع عدد كبير من الفنانين يربو عددهم على مائة وخمسين في مقدمتهم 30 ممثلا وممثلة بأدوار بطولة رئيسية بينهم الاء حسين وسنان العزاوي بتول عزيز وسعد مجيد وغيرهم و127 ممثلا وممثلة بأدوار ثانوية إضافة إلى مجاميع عدة من الكومبارس وغيرهم ..وتم التصوير في مواقع تم إختيارها بدقة من قبل فريق العمل والانتاج شملت بيوتا فخمة وجامعات ومستشفيات ومدارس وسجون الامن العامة والداخلية والمخابرات إضافة الى بعض الاهوار في محافظة العمارة وبمشاركة فنانين من المحافظة ذاتها, ونفذت إنتاجه شركة فنون الشرق الاوسط للانتاج والتوزيع الفني التي سبق لها انتاج العشرات من المسلسلات العراقية الناجحة شكلا ومضمونا .
* وبغية الوقوف على مجريات هذا المسلسل الملحمي كانت البداية مع الكاتب الكبير صباح عطوان الذي تحدث عنه قائلا: “بما أن المسلسل يمثل قمة النضال ضد الدكتاتورية والاستبداد فقد ذهبنا في صياغته الى ماهو اوسع من مفهوم الدراما البوليسية السياسية وبنظرة شمولية أعمق.. بإتجاه تحويل المفهوم الشخصي الى مفهوم عام..ومن حكاية اسرة الى حكاية شعب.. حيث نتنبع الفكرة او الاحداث التي نصنعها من رحم الواقع، وإبراز القيم المراد ايصالها للناس ، وهذا لايتم دون توسيع الحدث ، وجوب آفاق اكبر، وترصين الموضوعة،وتطوير وتوسيع دائرة الناس والحكاية،بإغنائها بالأحداث والمواقف،وتظهير،وتحليل،وابرازاطراف الصراع، وهو ماذهبنا اليه في تناولنا لمرحلة مجتزأة، لكنها تضيئ مرحلة أجيال بإكملها ،فنحن هنا لانكتب التاريخ، انما نؤرخ له بنماذج من احداثه ،عبر حكايات عفوية ، عميقة الدلالة، بعيدا تماما ، عن المباشرة الفجة ،التي تعافها الناس ،والتي طالما حاول النظام السابق انتاج اعمال من نوعيتها” .
* وختم عطوان حديثه بالاشارة الى أن المسلسل :” يقدم تصورا لمرحلة تاريخية مهمة من تاريخ العراق, وهو ليس دراما تسجيلية اخبارية توثيقية , فهذه لا يشاهدها احد. انه دراما احداث , وصراع ارادات , وعواطف ودموع ،والدراما عادة ما تخضع اولا للخيال.. وثانيا للمنطق، فهنا لدينا خيال يقوم على قاعدة من الحقائق، وقد فعلنا ذلك من اجل الحقيقة ,في اطار من الموضوعية التي تليق بنا , وتليق بالتاريخ الذي صنعه رجال ونساء , كان حزبهم وعاء المحبة والأيمان لهم..”.
*أما مخرج المسلسل الاردني أيمن ناصر الدين الذي سبق له ان تعاون مع الشركة في إخراج أكثر من عشر مسلسلات كان آخرها مسلسل (باب الشيخ) و(المدينة) فقال عن مسلسل(القوت والياقوت) : ” هذا العمل يختلف إسلوبا عن (أعماق الازقة) بجزءيه إذ لا نجد الدم الذي كنا نشاهده, فصباح عطوان هنا يوضح لنا معالم الشخصيات واحداث المسلسل بدقة متناهية, حيث نجد كل شخصية لها حضور وفعل مميز, بل وبطلة في دورها ” .
* مضيفا : ” العمل يدخل في حيثيات رجال النظام السابق والعوائل, فصباح عطوان وفقا لاسلوب كتابتها يحتاج الى من يستطيع ,ان يقدم المعادل الصوري والمعالجة الاخراجية, القادرة على تفعيل النص وعرضه كمفردات متكاملة, تجسد جوهر واهداف ورسالة النص ,وهذا ما عملت عليه , لانني رأيت أعمالا سابقة لصباح عطوان تسنت لى الفرصة لقراءتها, ولكنني عندما شاهدتها على الشاشة لم تكن بالمستوى المطلوب, ولا بالتفسير الصحيح “.
* وبخصوص أبطال المسلسل وخياراته ,وفي مقدمتهم النجمة الاء حسين ,قال المخرج ناصر الدين : ” أنا أرى في الاء حسين واحدة من أعظم الممثلات العربيات ,وليس فقط العراقيات ,ولا أظن أن ممثلة في العراق بمستوى آلاء, فهي من الممثلات التي ترفع الدور ولا يرفعها الدور ,كما أنها تعطي أهمية للدور وليس العكس, وتمتاز بالمثابرة والدخول في أعماق الشخصية , والاحساس التام بها ..أما باقي الممثلين فأنا سبق لي التعاون مع معظمهم ,وهم من الفنانين المقتدرين الذين لايتعب المخرج معهم ,ولهذا فأنا مرتاح للعمل مع الجميع ,لاننا نعرف سوية ما نريده من بعضنا البعض, وهم من أفضل الفنانين العراقيين والعرب, لما يمتلكونه من حس درامي عال”.
* وحول فريق العمل الفني والاجهزة المستخدمة ,أشار المخرج إلى أنه يتعاون ” للمرة الاولى مع المصور البارع ياسر الموسوي, مع إستخدام كاميرا (أف ثري) وبعدسات سينمائية للمرة الاولى ,قياسا لأعمالي السابقة ,وهي عدسات خاصة
بهذا العمل ,وبالتعاون الجاد والمثمر مع مدير التصوير والاضاءة الفنان كنان الحلفي, وقد وجدت في ياسر عين حلوة, وكنان مصور سينمائي يعرف مصادر إضاءته , والقدرة على تسخير الاضاءة للحدث الدرامي “.
* النجمة آلاء حسين كانت لنا وقفة معها هي الاخرى , تحدثت لنا عن شخصيتها في المسلسل قائلة: ” أقدم شخصية (براق) زوجة قائد الفرقة المدرعة ,في تسعينيات القرن الماضي, ولديها أخ طالب كلية وأخت شابة وأم . الاخ يتم إعتقاله مع مجموعة من طلبة الجامعة التي يدرس فيها, بتهمة الاشتراك في التفجير الذي حصل فيها ,لذلك تحاول إنقاذه عن طريق زوجها ,لكن زوجها لا يساعدها على ذلك , فتلجأ إلى طرق أخرى غير قانونية للمحافظة على سلامة أخيها ,لذلك تتعرض أمها وأختها للخطر ,والوقوع بأيدي ضباط الامن العامة “.
*وعن الجديد في تجسيدها لهذه الشخصية قالت آلاء : ” الشخصية هنا هي أم وزوجة ومحامية في آن واحد, ولديها إحساس بمظلومية أمها وأختها وأخيها , وأعتقد سيظهر هنا شغل جديد , إذ للمرة الاولى أخوض مثل هذه التجربة ,وأتحمل مسؤوليات متعددة ,بالرغم من أنني أم أتخلى عن أولادي , في سبيل إنقاذ أمي وأختي “.
*مضيفة : هذه الشخصية تعد من الادوار والشخصيات المركبة, وأعتقد أنني قادرة على تجسيد مثل هذه الشخصيات, والجهات المنتجة والمخرجون يعرفون قدرتي على تفكيك الادوار المركبة, وإمكانية التميز في الاداء, برغم الصعوبات التي تنطوي عليها مثل هذه الشخصية , التي تواجه تحديات غير مألوفة ولا تقليدية “.
* النجم سنان العزاوي الذي يتولى أيضا مهمة مدير الانتاج ,بكل مايترتب عليها من التزامات فنية وإنتاجية ,لاحظنا انه كان قادرا عليها لانها لم تكن المرة الاولى ,التي يجمع فيها بين مهمتي التمثيل وإدارة الانتاج , تحدث لنا هو الاخر عن شخصيته في المسلسل: ” أقدم هنا شخصية العميد الركن عبد المجيد قائد الفرقة المدرعة ,في زمن النظام السابق , وهي شخصية متوازنة في إطروحاتها وتمتلك الكثير من المهنية والوطنية ,ومزكاة من القيادة العامة للقوات المسلحة ,وغير متعصب طائفيا ولا حزبي ,ومتزوج من محامية ولم يكن يعرف أن أقاربها من الدرجة الثانية , أولهم منتمي لحزب ديني , والآخر لحزب ماركسي ,ولم يدقق آنذاك في هذه الامور لان حبه لزوجته ( براق) , هو الذي جعله يتجاوز كل هذه الذاتيات المجتمعية, وعندما علم بعد حين بأن هناك علامات حمراء تجاه هذه المرأة ,كان الاوان قد فات ,فقد تزوجها وانتهى الامر..وطلب من الجهات الامنية أن يغضوا النظر عن تأريخ أهل زوجته ,بإعتبارهم فروا خارج العراق, وان أهله من الدرجة الاولى ليس لهم علاقة بالخال والعم ,حتى حدثت تغيرات حركت الموضوع ,بعد محاولىة إغتيال نائب رئيس الوزراء آنذاك أثناء زيارته لاحدى الجامعات , وحينها تم إعتقال كل من كان موجودا من أساتذة وطلبة “.
*ويستطرد العزاوي موضحا : ” أدت هذه الاحداث المتتالية الى حدوث شرخ بين براق وزوجها, بسبب انتمائها الى عائلة فاخر زين العابدين ,وهذا الاسم له دلالة مرجعية في تحديد ماهية هذه العائلة , مما يشكل إحدى سلبيات تلك المرحلة ,والتي تتمثل بأن النظام أحدث شرخا بين العوائل العراقية ,بإثارة حساسية النزعة الطائفية والتي كانت نتيجتها حدوث هذا الشرخ بين براق وعبد المجيد, لتحصل التداعيات التي سيتابعها المشاهد بعد عرض المسلسل ,الذي يعد وثيقة درامية مهمة وخطرة في آن واحد , تعكس مرحلة مهمة من تأريخ ونضالات الشعب العراقي ” .
* النجمة بتول عزيز تلعب إحدى الشخصيات المهمة , وهي شخصية (ميقات) التي قالت لنا عنها : ” أجسد شخصية ميقات زوجة المستشار الدكتور عامر, وتتميز بموقفها الانساني حيث تقف الى جانب براق زوجة حماها , لاحساسها بمعاناتها نتيجة إعتقال أختها وأمها , وتبقى متعاطفة معها وموقفها كان دائما مضادا ,لكل السلبيات والاوضاع الشاذة التي كانت سائدة آنذاك .”.
*وترى عزيز:أن ” الشخصية ليست جديدة لكن الموضوعة جديدة ,ناهيك عن كونها زوجة لرجل مهم في الدولة , وهي شخصية تتطلب أداءً مختلفاً الى حد ما ,لاسيما مع فريق العمل والجهة المنتجة وبالذات المخرج الذي أشعر بمتعة العمل معه ,لانك تعمل معه وأنت مطمئن جدا ,وتجربتي معه في العملين السابقين كانت ناجحة ,ولهذا فأنا واثقة من نجاح المسلسل “.