19 ديسمبر، 2024 1:14 ص

المفارقة الفعلية كاْختلاف اْبداعي لا توافقي

المفارقة الفعلية كاْختلاف اْبداعي لا توافقي

-الجزء الثاني
………………………………….

بعد معرفة النسبة المطلقة للاْفعال التراجيدية اللاتوافقية من الضروري معرفة دور هذا الاْسلوب المهيمن على التعبير الشعري,وتميز ملامح الاْبداع لدى هؤلاء الشعراء والبحث عن ما تنتجه الفعل الاْختلافي اللاتوافقي من دلالات خفية في اللغة المكتوبة وقدرتها على اْنتاج لغة جديدة تتجاوز في بنيتها الدلالية المعاني التي جسدتها في القصيدة ونحاول في تحليلنا الاْعتماد على المقطع الشعري كبنية موحدة الدلالة اْو ما شابه ذلك,اْي البحث عن المعاني التي تنتجه الفعل الاْختلافي كبنية خفية للمعنى والدلالات الشعرية,

المفارقة الفعلية الاْختلافية كقيمة دلالية اْبداعية

,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,

لا نرمي من وراء كلمة الاْبداع كمعنى لقياس اْخلاقي اْو (غير اْختلاقي) للبعد التمايزي في قراءة النص,ولا نقصد بها مقاس نقدي تفاوتي لقبول الشعر في وصفها الشعري ولاشعري,بل نقصد منه قدرة الشعر على اْحداث الاْختلاف الفكري واللغوي,ومن ثم دور هذا الاْختلاف في القراءات البنيوية لقصيدة ما,اْي اْن الاْبداع في نظرنا لا تتميز بقيمة اْخلاقية بل قيمة تحليلية ,تعتمد على مدى قدرة اللغة من تجاوز لاْشكال والصياغات والاْساليب المتبعة في النصوص على اْساس خلق عالم دلالي جديد يخرجنا عن طبيعتنا الفكرية باْحداث المفارقة الفكرية والحسية والوجودية والفلسفية واللغوية,ضمن تعبير شعري مختلف.ويتطلب ذلك قراءة لغة الشعر من بعد تنظيمي,يشارك في اْنتاجها عوامل لغوية وفقهية وبلاغية وفلسفية متعددة’لتجسد في الاْخير مكامن التجاوز المعنوي والدلالي للقراءة الشعرية ,ومن ثم قيمة الاْختلاف كبنية لغوية متجاوزة,والتي نستخدمها في تسمية النصوص كنصوص اْبداعية اْو غير اْبداعية,يعني ذلك اْننا نستخدم مصطلح المفارقة واللاتوافق كاْنظمة للدلالة من اْجل كشف البنية اللغوية التي اْنتجت الاْختلاف الفكري والجمالي والحسي .

اْنتقالات الاْفعال الاْختلافية اللاتوافقية

……………………………….

القارىْ وبوصفه اْنسان غير محايد يمتلك في فكره معرفة اْستباقية محددة ومتميزة,تمنعه من قبول طروحات النصوص ورفضها على اْساس ما يقدمه وما يعرضه الاخرين عليه,فهوصاحب ذوق وفهم محدد ومن الصعب تغيرها اْو تحويلها الى بعد اْوسع مما هو عليه,ولكن القارىْ كغيره من القراء معرض للتاْثير والاْندهاش والمفارقة والانتقال الى عوالم فكرية وحسية جديدة بالرغم من عالمه الذاتي الخاص به,لماذا؟ فهو عندما يقراْ نصا معينا انما يقراْه كناقد وكمكتشف للدلالات

والمعاني,فهو لديه الرغبة في معرفة ما ينوي قوله الشاعر اْو الروائي اْو القاص,واْنه عندما يواجه منظومة دلالية ومعنوية لم يواجهه سابقا ولم يتفهمه ,يبداْ بالتعجب والتاْثر ويحس بان مشاركة الاخرين في عالمه عبارة عن مدى علاقة الاخرين به ضمن النظام الدلالي والمعرفي وتعتبر تلك المنظومة خارجة عن ملكاته المعرفية والفكرية والتذوقية لانه لم ياْلفه سابقا ,اْن سر الاْبداع تكمن في هذه الحقيقة البسيطة,اْنني اْكتشف في نص معين منظومة لغوية معينة للمعنى لم اْرى ولم اْقراْ مثلها سابقا,فيبداْ الانتقال لديه الى فضاءات جديدة للفهم والاْستيعاب وتقبل عالم جديد لم يزره ولم يكتشفه سابقا,غير اْن الاْبداع يختلف قيمتها المعرفية بين القراء,فهنالك قراء يعتبر عالمهم المعرفي وقدرة اْستيعابهم محدودة جدا فيتاْثرون بنصوص لا تؤثر على قراء اخرين ممن لديهم ذخيرة واسعة للفهم والاْستيعاب,ولذلك اْن فهم الاْبداع كقدرة لاْنتاج معاني جديدة وطريقة جديدة للفهم تظل نخبوية ونسبوية وتنحسر اْكثر فاْكثر وتقل اْكثر فاْكثر كلما كان النص اْكثر اْبداعا,اْي اْكثر توسعا وتوغلا في عالمه المعنوي واللغوي,والذي يهمنا هنا ,اْن الاْبداع له قدرة على التحول لدى القراء المبدعين,وله قدرة للاْجتثام بين اْوساط القراء العاديين,القارىْ المبدع هو الذي يفهم النصوص ويبداْ الاْنتقال الى عالم جديد ,الى عالم اْكتشافي جديد فيبداْ بالتعايش مع ملذات المعنى والشكل للنصوص ,اْما القارىْ الجاثم فهو القارىْ الذي ينشاْ بينه وبين النص قطيعة حسية ومعرفية عميقة ,فيضل يتراوح في مكانه وبالرغم من قدراته وحبه للاْستطلاع وللفهم,وبالرغم من اْندفاعه وحماسته للقراءة ,فسيبقى جاثما على النصوص الاْبداعية,ولا يتمكن من فهم وتجاوز المنظومة الدلالية للنص وبنيتها المعنوية,والحال مشابه للنص الاْجتثامي ,فهذا النص فيه قدرة كبيرة على اْحداث الفراغات الحسية بينه وبين القارىْ المبدع,,فالاْبداع مهما كان مستواه تظل نخبوية في مديات للفهم والاْدراك اْبعد من المديات الماْلوفة للقراءة النقدية,فهو يقسم القراءة على مستويات عديدة للفهم والاْطلاع ويخلف وراءه لدى كل نسبة من القراءة نوعا من ردود الاْفعال ولا تستوجب بالضرورة اْن تكون هذه الاْفعال ذات نسبة محدودة وموحدة ,بل تكون مغايرة ومختلفة,

السؤال الضروري هنا كيف نتعرف على فعل الاْبداع كبنية فعلية اْنتقالية وكبنية للمفارقة وكيف نميز هذا الفعل مع فعل ركود الفهم والاْستيعاب في نصوص من غير الممكن تسميتها بنصوص اْبداعية؟اْنها مفارقات ذاتية تميز بين مستويات مختلفة للاْنتاج وللقراءة النقدية بحيث تقسم القراءة الى قراءة جاثمة وقراءة تحولية ,وبالعلاقة مع الشعر واْمام سيل من التاْويلات المختلفة التي

فعل التوافق واللاتوافق

بنية الدلالات في المفارقة الفعلية التراجيدية

و بنية المفارقة الفعلية الغير اْنتقالية واللاتراجيدية

,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,………………

في تحليلنا اْشرنا الى مواضع غير توافقية وتراجيدية للمعنى في مقاطع شعرية,سنعود الان لمعرفة التنطيم اللغوي لهذه الافعال ودورها في اْحداث فعل الانتقال في قراءاتنا من اْجل البحث عن بنى اْبداعية واْختلافية في معرفتنا وذوقنا واْحساسيسنا,وساْظل اْساْل نفسي اْنه اْنا الذي اْقيم واْتحسس وليس غيري واْنه ليس من حقي عرض اْي شىْ على الاخرين ممن يختلف عالمهم عن

عالمي,واْن القراءة النقدية تشترك فيها القراء ,وينتجون معا عالما جديدا ,اْذا ما كانت النصوص اْبداعية. ومن اْجل التوغل في الاْفعال الغير تراجيدية يتطلب البحث عن تحديد جوهر وكنه الجمل التي لا تجسد فعلا تراجيديا ومن ثم مقارنة هذه الاْفعال ودورها في اْحداث المفارقة الانتقالية في قراءاتنا ,وقبل ذلك من المهم اْن نبين ماهية ودور الاْفعال الغير تراجيدية في تنظيم بنية المعنى والدلالات ,لمعرفة كيفية اْحداث الانتقال في القراءة الاْبداعية,

1-الترابط البنيوي لفعل التوافق والللاتوافق

……………………………………….

للمفارقة الغير تراجيدية وقع غير مؤثر في المعنى اذا لم تصاحبها اْفعال لا توافقية اْو تراجيدية,ففي جملها ومعانيها نستبعد الحالة القلقة وندخل عالما لغويا تجسد بقوة كبيرة محاكاة للشكل والبعد الغير تشابكي للفعل ,سواء كانت الجملة الفعلية وصفية اْو خبرية اْو مجازية ,واْعتبر الشعر البارناسي الخالص ,والشعر الشكلاني الخالص ضمن هذا التصنيف للفعل عندما كانت الجملة التوافقية فيها تبحث عن جمل واْفعال غير توافقية لتندمج معها,,الا اْن هذا الفعل اللغوي والفكري والشكلاني يبقى نسبته اْقل بالمقارنة مع الاْفعال التراجيدية للشعر بشكل عام.والسبب اْن هذه الاْفعال لا تتمكن من التعبير عن الجانب المظلم والراكد للحياة وللاْنسان ,اْنها تتوغل في اْعماق الاْشكال اللغوية التي تستثني الاْنسان من الاْفراط في الحزن والذات القلقة,اْنها تنتج رؤية جديدة لبنية الاْشياء والمعاني من حيث الشكل فقط دون اللجوء الى الرؤية التراجيدية ,واْن عدم توافقها الفعلي تكمن في نظرتها الشكلانية الجديدة ,

نقراْ في قصيدة جان دمو(ساطع كصلاة صباحية) هذه الجمل التي لم نصنفها ضمن الجملة الفعلية التراجيدية :-

النافذة مفتوحة ………القلب مفتوح …………السماءأيضا ، مفتوحة…… تبحثُ ملائكة ذاكرتي عن الأرج………..

في قصيدة (اْذلني حبي) ليحيى السماوي نقراْ:-

وجرحي الممتدُّ من جدائل النخل …إلى أرغفة الشعب ِ… عبرتُ سورَ الوطن ِالمعشوق ِ.. إلآ بقايا …. من طين الفراتين على ثوبي..

ويقول عبدالوهاب البياتي في قصيدة (عن موت طائر البحر)

يثوي مغموراً بالثلج و بالأزهار الورقية …رأيت نوارس بحر الروم تعود …..لترحل نحو مدار السرطان …..دكاكين الواقين…

الشاعر خزعل الماجدي وفي مقطعه الشعري (ماجدواي) لم نعثر على جملة واحدة تعبر عن فعل لا تراجيدي.

يقول حسين مردان في قصيدته(العاصية) ” أظلم أنواع العذاب انتقال الشهوة من العصب الى الرأس قد سرى الحب صارخا في عظامي …..فالصقي صدرك الكبير بصدري ويكتب الشاعر عدنان الصائغ في قصيدته(العبور الى المنفى)

هادراً على سكةِ الذكرياتِ الطويلة…وأنا مسمّرٌ إلى النافذةِ…. يلعبُ البوكرَ مع فتاةٍ…فأحدّثها عن الوطن ….واللافتات….والاستعمار…..وأمجاد الأمة

في قصيدة(مرثية الى الظلام) تقول نازك الملائكة :

ومضت أصداؤه نحو كهوفِ الذكرياتِوغدًا تمضي كما كانت حياتي….عكست أعماقُهُ لونَ الرحيقِ

وإِذا ما لمستْهُ شفتايا

يقول السياب في قصيدة( في القرية الظلماء)

الكوكب الوسنان ….خلف التلال إلا وميضاً لا يزال يطفو….و الجدول الهدار هينم ثم نام

أما الغرام دع التشوق يا فؤادي و الحنين

في قصيدة(مرثية الى الظلام) تقول نازك الملائكة :

لاحتِ الظلمةُ في الأفْق….ومضت أصداؤه…. نحو كهوفِ الذكرياتِ…..كوب عكست أعماقُهُ لونَ الرحيقِ…وإِذا ما لمستْهُ شفتايا.

كل من يقراْ هذه الجمل التي غابت فيها النفس التراجيدي يلاحظ مدى التوافق المعنوي فيها ومدى لا اْختلافيتها .اْو الاْفعال المحايدة فاْنها تبدو كاْفعال توافقية ,لا تنتج الشعر اْو الخيال اْوالمفارقة الاْندهاشية والحسية اْو المعرفية دون ترابطها مع اْفعال ترى في الاْشياء وجهها اللاتوافقي,فمن خلال هذا الترابط البنيوي واللغوي والفكري ,تتحول الجمل الى جمل شعرية تستقبل جميع الاْدوات البلاغية والرمزية والفكرية ,هذه الاْمثال التي وردناها هي جمل عادية وجاثمة لا قدرة لها ولا قوة لاْنتاج الشعر,وسنبين الترابط البنيوي بين هذه الجمل التوافقية التي تعكس الاْشياء والاْفكار كما هي مع الاْفعال التصادمية التراجيدية ونبين التحول الجذري للمعنى والدلالات:

النافذة مفتوحة ………القلب مفتوح …………السماءأيضا مفتوحة

هي جمل توافقية مع الواقع ولكن الشاعر اْستخدم هذه الجمل في تعابير غير حيادية وغير عادية وغير متالفة,اْي جمعتها مع جمل ترابطية اْختلافية تراجيدية وفي مكامنها الدلالية تقع المفارقة الحسية عندما يكتب:-

(النافذة مفتوحة ، القلب مفتوح ، السماء ، أيضا ، مفتوحة . وهناك ، في مكان ما بعيدا ، تدور حرب) .

الحرب تدور في اللحظة التي نحس باْنفتاح القلب والسماء والنافذة,..ما اْشد وقع الجملة على اْحاسيسنا,وكل هذا الكم الهائل من التوغل الرمزي والفكري تكمن في الاْساس في علاقة كلمة الحرب مع الاْنفتاحات المختلفة لذواتنا واْماكن حياتنا,وهي جمل لها القدرة على اْنتاج جمل تراجيدية ممتدة في الحس والاْدراك الى اْبعاد شاسعة مثل:

1-الحرب وراء جملة القلب موصد

2-الترابط الاْنساني في مشاركة الاخرين عميقة جدا,لا تحددها لا المكان ولا الاْختلافات.

3-تشارك البشرية جمعاء في ماْساة الحرب والاْلم الذي يفرزه.

اْن جمل مثل (فأحدّثها عن الوطن واللافتات والاستعماروأمجاد الأمة) للشاعر عدنان الصائغ هي جمل لا تعبر عن اْية سمات شعرية غيرتوافقية ,اْنها جمل توافقية و واقعية خلت فيها البعد البلاغي والرمزي والفكري ولا تنتج اْشارات عميقة ,ولكننا اذا ما ربطناها بجمل اْخرى فاْنها ستتحول الى جمل شعرية تنتج لغة شعرية ملئها التاْمل والقلق والاْندهاش وارمز وبنى دلالية مختلفة مثل:

تسألني بألمٍ وذهول

لماذا أصابعي متهرئة

كخشب التوابيت المستهلكة

وعجولة كأنها تخشى ألاّ تمسك شيئاً

فأحدّثها عن الوطن

واللافتات

والاستعمار

وأمجاد الأمة

اْن نسبة المفارقة الفعلية لهذه الجمل في بعدها الاْنساني والفكري والفلسفي شاسع وعميق جدا ,اْنها تصدمنا بمعارف تستوجب الاْنحناء والتاْمل الاْبداعي,وتخلق في ذواتنا تساؤلات كبيرة عن شخصيتنا وتاْريخنا وحياتنا وحتى اْجسامنا ,والاْهم من ذلك اْنها تنتج وبقوة غير محدودة جمل اْخرى في قراءاتنا مثل:

اْْصبح الاْنسان ضحية للشعارات والحروب والسياسات ,

الاْنسان العاجز هو الاْنسان الذي ينتجه تاْريخ عاجز

والسياب في قصيدته( في القرية الظلماء)

الكوكب الوسنان يطفىء ناره خلف التلال… إلا وميضاً لا يزال يطفو….و الجدول الهدار هينم ثم نام

أما الغرام دع التشوق يا فؤادي و الحنين

اْنها جمل توافقية اْكثر من كونها ووصفها بجمل اْختلافية غير توافقية,فهي تنقل الواقع والطبيعة في بعدها الماْلوف والتوافقي ,ولا تتمكن من اْنتاج فعل الاْندهاش والمفارقة لاْنها لا تحمل لا في تركيبته الجمالية ولا في تكويناتها الدلالية اْي وقع لاتوافقي اْو تراجيدي نافي,فجاءت هذه الجمل مجردة من الحس الشعري,ولكننا عندما نربط هذه الجمل بجمل لا توافقية تراجيدية ,فاْنها تمتلاْ بالتساؤلات والتاْملات ونبداْ بالجملة الاْولى(الكوكب الوسنان يطفىْ ناره خلف التلال):-

الكوكب الوسنان يطفىء ناره خلف التلال

و الجدول الهدار يسبره الظلام

إلا وميضاً لا يزال

يطفو و يرسب مثل عين لا تنام

ألقى به النجم البعيد

من المعلوم اْن تداخل البعد اللاتوافقي مع البعد التوافقي .اْعطت الجملة الفعلية قوة اْختلافية ولمتشابكة وعميقة ونتجت عن ذلك اْنفتاح غير محدود للدلالات والمعاني ومن ثم اْكتمال بنية جديدة للمعنى في لغة الشعر,واْساس هذا البعد هو التشابه الفعلي بين الوميض الذي يطفو (لا ينام) والعين الذي لا ينام.اْضافة الى بعد جمالي خلاق باْن الوميض قد اْلقاه النجم البعيد في الجدول!اْن المفارقة الفعلية هي مفارقة جمالية لا توافقية وتراجيدية,العين الذي يسهر ولا ينام هو عين حزين وقلق لذات قلقة وحزينة,واْن فعل عدم النوم كوميض جدول اْلقاه النجم البعيد له قيمة وجودية وجمالية,وبهذا تمكن الفعل من اْحداث المفارقة في فكرنا واْحساسينا وتمكن من تحويل رؤيتنا الى اْبعد ما نراه وما نحس به,وبذلك اْيضا تمكن الفعل من اْنتاج جمل خفية اْخرى للمعنى بمثابتة بنية معنوية لا توافقية واْختلافية مثل:

1- العين الذي لا يرى النور لا ينام.

2- عين الذات الحزينة لا تنام.

3- العين الذي يتشوق ويحن لا ينام.

ويقول سركون بولص في قصيدته بعنوان(يدا القابلة):-

ومن غير أن نولد، كيفَ نحيا مع الريح؟

دونَ كفالات: يدُ النوم مُدْلاةٌ على مَهد الوليد حتّى

تأتي الظلال.

الصدى يعرفنا، آتياً من وراء العالم.

تعرفنا خادمةُ اللـّه

هذه التي تمدُّ جسراً بين دُنيانا والآخرة.

تختلف البنية التوافقية والاتوافقية مع هذه القصيدة لسركون بولص,ويكمن اْختلافها باْنها جمل شعرية تعاملت مع الرموز والاْشارات الباطنية للجملة,ففي بنيتها السطحية تاْتي الجمل وكاْنها توافقية ,ولكن ضمن تشابكات الجملة فيما بينها تنتج اللاتوافق الفعلي لتنتج بعد ذلك لا توافا شعريا,فيبداْ بسؤال بسيط (من غير اْن نولد ,كيف نحيا مع الريح؟اْنها جملتان توافقيتان ,تشبه في بنيتها الدلالية جملة(دون كفالات,يد النوم مدلاة على مهد الوليد حتى..تاْتي الظلال..) وكذلك الجملتان( الصدى يعرفنا ,اتيا من وراء العالم) ولكن هذه الجمل تنتقل فجاة وتصبح جمل تحتاج الى قراءتها من جديد بعد جما اْخرى مثل(الصدى يعرفنا..اتيا من وراء البحار) وكذلك الجمل الاْخيرة من المقطع (تعرفنا خادمة الله,,,هذه التي تمتد جسرا بين دنيانا والاْخرة) والتغيير الكبير الحاصل للجمل السابقة اْنها اْكتسبت وظائف جديدة,واْدوار دلالية ورمزية جديدة,

2-الفعل اللاتوافقي والوصف الفعلي الاْختلافي

………………………………………..

الفهم والاْستيعاب وبعدهما التلذذ باللغة الشعرية يختلف في ممارستها من شخص الى اخر,بالرغم من اْحتفاظ النص بتنظيمها الدلالي اْمام التاْويلات والقراءات المختلفة,لكن القارىْ العادي اْو القارىْ الذي لا يمتلك قدرات نقدية تجريبية,سيظل يطالب النص بلذة تنتجها رؤية توافقية للمعنى,القارىء الذي لا عالم له ليحثه على اْكتشاف عوالم اْخرى للنص,واْهم صفة يتسم به هذا القارىْ هي عدم القدرة على التخيل في قراءة لغة النص الشعري,وعدم تمكنه من تحقيق حلمه الخيالي كرد فعل لفهم جديد للنص,ولذلك فاْن القراء السطحيين يشتركون في صفة عدم الاْختلاف وعدم اللاتوافق في الفهم والتلذذ,لاْن اْهم مطلب لهم اْن يتمكن الشاعر اْن يكتب له نصا يتعامل مع البنى السطحية فقط وعدم التحول الى عالم لغوي شعري يتطلب لفهمه عالم ذاتي خاص للتذوق والفهم,وبالرغم من ذلك فاْن النصوص الشعرية تميل الى مستوى تماثلي في محاكاة وتقدير هذه المطالب,فلجاْ شعراء الى الكتابة يسلاسة تامة كجاك بريفير اْو اْراكون,واخرين, فهم كانوا يقومون بفعل لغوي اْرادوا اْن تقع ثقل الدلالات وتاْثيراتها المعنوية في البنى السطحية للكتابة الشعرية على اْمل تذوق شعرهم من قبل قراء عاديين,وبذلك تمكنوا من توسيع القراءة لتشمل قراء لم يبلغوا بعد المستوى التخيلي في القراءة.لماذا التوافق في الكتابة والقراءة؟

لا تتطلب القراءة التوافقية تساؤلات جمالية ولا فكرية عميقة في لغة النص كعملية اْختلافية وتخيلية ,بل كل ما يحتاجه لقرائته الذاتية اْن يتوافق فهمه مع معاني النص وجماليات لغته يضمن فيه هيمنته على النص,وتقيد الاْنفتاحات اللغوية والمعنوية والجمالية له,والحالة هذه تحدث قطيعة لا اْرادية بينه وبين النص الاْبداعي,هذا ما يبرر شغف اْكثرية قراء الشعر بالشعر الكلاسيكي في جميع مستوياته الاْبداعية واللااْبداعية.

اْما القارىْ اللاتوافقي فاْنه يمتلك تجربة ذاتية اْختلافية في القراءة ,فهو ينظر الى الاْشياء والحياة حسب رؤيته وفهمه الخاص,فهو لا يتلذذ بنصوص لا تتمكن من خلق الخيال المنتج من لغة اْختلافية لا توافقية,وبهذه الصفات سيكون القارىْ الاْختلافي اللاتوافقي قارئا يقوم بعملية فرز للشعر حسب رؤيته الذاتية اْي يقوم بقرائته النقدية ,فقدرته على اْثارة التساؤل,وعلى خلق التخيل ,تساعدانه على خلق عالم ذاتي ومميز للمعنى من النصوص المقروءة , عالم ثان من اللغة في تلذذه وفهمه للنص وسيكون التخيل المعرفي الاْستيعابي للغة النص وتجربتها ضمن قدراته المعرفية هو القياس والفعل لتقبل النصوص.

اذا من الضروري ان نطبق هذا البعد الفقهي على هذه القصائد من الجانب البنيوي على لغتها ومعانيها واْشكالها الجمالية ,لنصل الى الديناميكية التي يستخدمها الشعراء في كتابة الشعر ومعرفة المستويات المتميزة لكتابة وقراءة النصوص الاْبداعية ,وذلك من خلال تحليل قوة لغة الشعر في اْستحضار بنائي للتخيل كبنية معنوية للفهم والاْستيعاب ومن ثم لتلذذ.

يقول الشاعر خزعل الماجدي في قصيدة (ماذا اْفعل بفمي العاطل):

فصولٌ أسيرةٌ تمرُّ ……… وأعيادٌ غائمةٌ تأتي ولا شيء…….كظلام مقنّع ……,لا فائدة من العظام المخبأة في بطوننا ….,لن تلد الليالي سوى الظلام ……,ما حدا بخرافتي ……,سفينتها معطّلةٌ في عقلي …..,وذئابها طليقةٌ في الطرقات ……,أنتحبُ مثل غزالةٍ على وليدها ……,وأضعُ فأسي في حزامي وأخرج ……,لكنّ فأسي يتحول إلى ماءٍ عندما أشهرهُ ……..,لا فائدة ترجى مني

تستند دلالات هذا المقطع من القصيدة هذه على بعدين للمعنى سنلخصها كالاتي:

1- الحدث التراجيدي في ضياع كائن محب له.

2- رد فعله ازاء هذا الضياع.

ترتبط جميع دلالات النص وكافة جمله بهاتين البنيتين للمعنى,وهما بنيتان سطحيتان للمعنى وتكوين الدلالات ضمن تنظيم لغوي تخيلي ولا توافقي رائع,ولكن القصيدة ولغتها تمكننا باْفراط في التخيل وتدفعنا الى فعل تراكمي للمعنى والى صياغة اْشكال عديدة للتساؤل,فكيف نميز الفرق بين قراءة تخيلية اْبداعية وقراءة سطحية ,والتنظيم اللغوي لتحول المعنى من البنية السطحية الى بنية لغوية خفية؟

القارىْ التوافقي واللااْختلافي يستنبط من النص معان في بنيتها السطحية ويبقى فيها دون التقدم خطوة واحدة نحو التساؤل والتخيل للدخول الى اْكتشاف لغة مخفية اْخرى ينتجها النص ,فهو يعتقد اْن الشاعر فقد شيئا عزيزا علية الا اْنه لا يتمكن من الاْنتقام من القاتلين.واْنه يعترف بعجزه وعدم تمكنه من الاْنتقام.

في الواقع اْن لغة النص ترمي الى اْبعاد شاسعة للمعنى,تمكننا من فهمها بعدم قبولنا للبنى السطحية لها,فهي تجرنا الى تخيلات لم يعبر عنها الشاعر صراحة,اْو بلغة مكشوفة,وحتى لم يعبر عنها بشكلها الغير مباشر اْيضا ,بل تدعونا اللغة والمعنى الى الاْنفتاح الاْبداعي والفهم المعرفي,والتلذذ الجمالي لهذا التنظيم اللغوي الراقي .فنبداْ بقراءة دلالات هذا المقطع وما ينتجه من بنى خفية مثل:

1- اْنه كثير الاْحساس والاْنسانية لدرجة اْنه لا يتمكن من الاْنتقام .

2- اْنه اْنسان لا يؤمن بالعنف والقتل والاْنتقام على الرغم من عزمه وردود اْفعاله,

3- لاْنه اْنسان يمتلك ارادة اْنسانية فاْنه يمتلك القدرة على ضبطها.

هذه جمل اْستنباطية خفية ,لم يعبر عنها الشاعربل خلقها خيالنا المعرفي الذي مكننا من اْنتاج معانينا الخاصة بنا ,دون الاْلتزام بالبنى السطحية للمعنى,اْنها جمل غير توافقية واْختلافية,تخالف الجمل التي تقف بالضد من الاْذعان الى الغريزة الاْنسانية التي تنتج العنف والقتل والدمار,عندما يصبح سيفه ماءا .

ويقول سركون بولص في قصيدته (الى سيزار فابيخو)

عجلةُ الإنسان الجائع» ما زالت تدور…

من يوقفُ العجلة؟

قرأتـُك في أوحَش الليالي، لتنفكّ بينَ يديّ ضماداتُ العائلة.

قرأتُ عواصفكَ المُتململة حيثُ تتناوَمُ الوحوشُ في السراديب

حيثُ المريضُ يتعَكّزُ، على دَرب الآلام، بعَصا الأعمى الذي رأى…

وفي هذا المساء، يا فاييخو، تعلو الأبجديّاتُ وتسقط. المبنى ينهار، والقصيدة

تطفئ نجومها فوق رأس الميّت المكَلـَّـل بالشوك. ثمّة ما سيأتي

ليسحبَ أجسادَنا على مَجراهُ الحجريّ كاندفاعة نَهر.

ثمّة حجر سيجلسُ عليه شاعرُ الأبيض والأسود في هذا الخميس.

واليوم، أنا من يصيح

كيف يستوعب القارىْ السطحي هذا المقطع ؟اْن هذا القارىْ سيصطدم حتما بالجمل التي لا يستطيع تفسير بنيتها الدلالية,اْنه يفهم من الجمل التي تقول( عجلةُ الإنسان الجائع» ما زالت تدور… من يوقفُ العجلة؟ ) ولكنه يصطدم مع جملة(والقصيدة تطفئ نجومها فوق رأس الميّت المكَلـَّـل بالشوك) اْنها جملة مركبة مليئة بالرموز ويحتاج الى مراجعة كل مقاطع الشعر,

المبحث الثاني

التنظيم اللغوي للمفارقة التراجيدية كمفارقة فكرية وبنية فكرية اْسلوبية

……………………………………………………………….

لا بد من العودة الى المساْلة الشكلانية واللغوية المتعلقة بهيمنة المفارقات التراجيدية ,وبعد ذلك معرفة الاْسباب وراء ذلك التنظيم ووراء هذه الهيمنة,ونبداْ بالسؤال التالي,لماذا يهيمنان الحس والفكر التراجيدي على بنية المعنى في القصائد الاْبداعية؟

الاْنسان الذي يربط لحظات اْنكساره وخسارته وفشله وكوارثه وعزلته وقلقه وخوفه بواقع الوجود هو اْنسان داهمته تراكمات تاْريخية لتطور المعرفة والحضارة,وتراكمات الجانب المظلم من تاْريخ الاْنسان فوق هذا الكوكب وتاْثره بالقيم الفكرية والسياسية والاْجتماعية والدينية والفلسفية للتاْريخ في حضارته ,اْن يكون لك رد فعل اْو راْي اْو موقف حول ما تتعرض له من اْحداث ولحظات قلقة من هذا التطور التاْريخي ,يعني بالضبط اْنك اْنخرطت بدورك في هذا الصراع الذاتي في التاْريخ ومن وجهة نظر ليست بالضرورة اْن تكون مطابقة لما يفكر به الاْخرون,اْي اْصبحت جزءا من الصراعات الفكرية والاْنسانية والفلسفية لهذا التاْريخ بغض النظر عن نوع الاْنخراط ونوعية الفكر الذي تخلقها اْو تنتجها ,ولكن الاْنسان الذي يحظى بثقافة اْنسانية لا يمكن اْن يتبنى اْية فكرة وجودية ما لم تمثل قلقا وموقفا وجوديا,لاْن القلق الوجودي يحول صراعات

الاْنسان من اْرضية توافقية (الفعل الجمعي) الى ارضية لا توافقية واْختلافية(الفعل الذاتي) اْي اْن الصراع الوجودي للاْنسان هو الصراع الذي يثبت وعلى اْرضية معرفية وفلسفية صراعات الاْنسان الاْزلية والخالدة,وبالاْمكان تسمية هذا الحس المعرفي للوجود بالبنية الاْختلافية المنتجة للمعرفة,فمن اْساطير الاْولين والى النصوص الاْنسانية جمعاء وحتى اخر النصوص الاْنسانية لعصرنا هذا اْنغمست اللغة وخطابها في هذا البعد التراجيدي للوجود. لماذا؟

اْن يكون لك صراع اْزلي مع الطبيعة والمجتمع والمعرفة ومع الاخرين,يعني اْنك اْنسان مختلف مع كثير من دلالات هذه الصراعات,ويعني ذلك اْنك اْنسان مختلف عن الاخرين وتنوي بناء معانيك اْنت ,وعندما تمارس صراعاتك على ضوء هذه المبادىْ يعني ذلك اْنك صاحب رؤية خاصة وذاتية للاْشياء,واْنك ترى فيها بعدا مخالفا لما وجب اْن يكون,اْو لما تراه اْنت من وجهة نظرك.فهذه خلاصة الاْختلاف.اْلا اْن كافة الصراعات الاْنسانية بين الاْنسان والطبيعة,بينه وبين الاْخرين,بينه وبين الظواهر المختلفة هي بؤرة لاْختلاف تراجيدي,لاْن الاْنسان لايستطيع الاْجابة على اْسئلته الملحة في الوجود.وليس لديه تحليل مقنع لما يحدث بين الاْنسان ,بالرغم من معرفته بالعمل الصحيح والعمل الخاطىْ,وليس لديه تصور عن تحول حضارة الاْنسان ومستقبله,ولا يعرف عن مصيره وحياته في مجتمعات قد اْقتربت الموت والدمار والفناء من حياته الى حد بعيد,ولذلك تلازم جميع صراعات الاْنسان بعدا ماْساويا كاْستجابة ملحة لتقصير رؤيته ولعدم تحقيق تطلعاته,ولكثرة الاْجوبة التراجيدية لوجوده,وبما اْن كل مايعبر عنه الاْنسان وفي نهاية المطاف هو التعبير عما يخالجه,فاْن النص هو الجامع الكبير لكل اْحاسيس الاْنسان وفكره وسجل تاْريخي لما يحدث له,وفي نهاية المطاف يهيمن البعد الماْساوي على رؤية الاْنسان و ذاته اْزاء السكوت الوجودي عن كينوته ومصيره,الا اْن ما يهمنا في هذه الملاحظات التوضيحية كيفية ترجمة هذه الاْحاسيس في لغة النصوص,والبحث عن الديناميكية الواعية للاْنسان في التعبير عن هذه التحولات المعنوية اللغوية في نصوصه,واْخيرا الصفات الجامعة للشعراء في المستويات اللغوية والتركيبات النسقية في تعبيره ,

1-الجذور الوجودية لعدم التوافق التراجيدي

………………………………………

اْن تكون لغتك الاْدبية مختلفة في رؤية الاْشياء وتمكنك من رؤيتها من زاوية مختلفة ,يعني ذلك اْنك تمتلك ذخيرة معنوية تمكنك بدورها اْن تمتلك لغة خاصة بك,,مختلف عن لغة الاخرين,الا اْن الحقيقة الاْساسية في وقوع الاْختلاف مع الاْخرين في الرؤية والفهم هو اْختلاف يتداخل مع الترسبات الماْساوية للوجود .فالاْختلاف وبالرغم من طبيعتها الوجودية الفلسفية والمعرفية تظل اْختلافا تتمركز فيها توغلات معنوية للتراجيديا,لاْنها تتعلق بالقلق الاْنساني من مصيره وموته ومن ياْسه العميق من حياة البشرية جمعاء,ولكن الذي يهمنا هنا كيفية تحول هذا الواقع الوجودي للاْنسان الى لغة الكتابة وبالاْخص الى لغة الشعر , كل قصيدة تحتفظ في لغتها نسقا حكائيا اْو بنية دلالية اْولية ,الشاعر الذي يبداْ بالكتابة فاْنه يعبر عن تراكمات دلالية سابقة للتاْثرات الذهنية من خلال تاْثره ببنية موضوعية في حياته وفي لحظاته الذهنية قبل الكتابة,اْي اْنه اْصبح متاْثرا ببنية معنوية نتجت عن علاقته بالعالم الذاتي والخارجي له,اْن كل قصيدة ما هي الا ترجمة العوامل الموضوعية السابقة للكتابة,واْنه سيبداْ كتابة قصيدته من خلال تاْثره هذا والسؤال الاْهم لديه كيف ينقل تاْثره من نواة موضوعية الى بنية موضوعية في لغته الشعرية,فتنفتح لديه كثير من النوافذ
والمخارج اللغوية والمعالجات الموضوعية,ولكن اْي اْختيار سيستقر عليه في طرح تاْثره فاْنه سيمارس عملية السرد الخطابي في قصيدته لاْنه يحاكي تاْثرات سابقة للكتابة الشعرية,

,فلنتاْمل هذا المقطع من قصيدة(عن موت طائر البحر),لعبدالوهاب البياتي

في زمن المنشورات السرية

في مدن الثورات المغدورة

جيفارا العاشق في صفحات الكتب المشبوهة

يثوي مغموراً بالثلج و بالأزهار الورقية

قالت و ارتشفت فنجان القهوة في نهم

سقط الفنجان لقاع البئر المهجور

رأيت نوارس بحر الروم تعود

لترحل نحو مدار السرطان

و نحو الأنهار الأبعد

في أعمدة الصحف الصفراء

يبيع الجزارون لحوم الشعراء المنفيين

العّرافة قالت هذا زمن سقطت فيه الكتب

المشبوهة

و الفلسفة الجوفاء

دكاكين الواقين

طيورٌ ميتة

فتعالي نمارس موت طيور البحر الأخرى

اْنه سفر من السرد التراجيدي الاْنساني البحت,ها هو يتجول يقتفي اْثر الشعراء والثورات المغدورة في بقاع العالم ويحس باْنتمائه الى هذا التراث الثوري والاْنساني,الثوري المقتول ,الشاعر المقتول,السياسة والثورة المقتولة,اْنها نفس ماْساوي اْعطى الشعر ذخيرة سردية شاسعة المعاني ومنفتحة الاْختيارات,ولكن السؤال المهم سيظل عن ماهية وجوهر هذه اللغة الخطابية السردية الشعرية,وهو كيف نقل الشاعر تاْثراته هذه الى الشعر؟

من المؤكد اْن الشاعر حينما بداْ سفره فاْنه يقصد بالاْخص تجربة تاْثراته المعرفية والسياسية والذاتية من خلال الوقوف على الحدث ومحاولته في تقريب هذا التاْثر من اْحداث جرت في العالم ولكن الاْهم البحث عن بؤر حكائية تشبه في متنها حكاية الذات القلقة ,الذات الذي اْنهكتها الماْساة البشرية والظلم والاْعتداء,واْضطرار هذا الاْنسان اْن يكون ثوريا ياْتي لقتل الظالمين,والتؤسف على عدم تمكنه من نصرة المظلومين في وقتها وزمنها.هذه السرديات الحكائية تعطي الشعر قوة خطابية متفاوته ,ومن الممكن التعبير عن لغة هذا الشعر اْو بالاْخص هذا المقطع بالتخطيط المعنوي الاتي:

اْنا,,,,,تربطني باْناس وثورات…….نشارك جميعا في مبادىْ مشتركة….وتربطنا فكرة سحق الظلم.

هذه الجمل تعبر عن نسق حكائي شعري تنبثق من العوامل الاْولية للكتابة ,اْي الخزين المعرفي والحسي والسياسي للشاعر في تناوله لموضوع معين ومن ثم محاولة موازنة هذه البنى الاْولية مع الحدث السردي ,ولكن الذي نقصده من وراء هذا التحليل هو اْن النفس التراجيدي طاغ على لغة الشعر,اْن لحظة السرد هذه هي لحظة الاْحساس بالاْنكسار فهي تحرك اللغة باْتجاه الاْحساس بالندم والاْحباط.واْنه اْبدع في نقل الشعر الى بؤر اْيدولوجية من خلال صهر اللغة الاْيدولوجية في بعد فكري واْنساني وليس ببعد نظري اْيدولوجي . وبالرغم من اللغة التي لازمت جماليات التعبير,وبالرغم من التوافق المجازي ,فاْن هذه القصيدة بنت موضوعها على اْساس لا توافق اْختلافي وتراجيدي مع نمط معين في ممارسة الحياة,فاْن الخط الفاصل بينه وبين الفعل الرادع للاْنسانية وللمبادىْ الذي يؤمن به الشاعر تحول الموضوع الى صراع اْختلافي لا توافقي.واْن التاْمل العميق لسيرورة هذا الصراع ,تدلنا على طبيعة وجودية للقيم ,قيم فازت واْنتصرت لا تستحق ذلك,وقيم اْنكسرت ولا تستحق هذا الاْنكسار,فالجذور الاْساسية لحركة اللغة هي جذور وجودية يحملها الشاعر اْينما كان ,

اْما الشاعر خزعل الماجدي في قصيدةه( ما جدواي….!) فيكتب:-

(( ما جدوى يدي ,,,,,,إذا لم تستطع منع الكارثةِ؟ ,,,,,,ما جدوى كتبي ,,,,,إذا كانت صامتةً إلى هذا الحد؟ ,,,,,,ما جدواي ,,,,,إذا لم استطع إعادة ولدي؟ ,,,,,,,ماجدوانا ؟,,,,,يتكاثر في أعماقنا الوجع بلا حدود ,,,,,,ويتصاعد أنيننا مع الصلوات ,,,,,,شوكٌ يملأ أفواهنا ,,,,,وسمٌّ يجري في دمنا ,,,,,,عربات الميّتين تجري في شوارعنا ,,,,,,ومواكب النادبات لا تنتهي ,,,,,وغصون يابسة تتكسر في أكبادنا ,,,,,,العصافير تضحكُ منا ,,,,,,,والكلاب تنبح علينا ,,,,,وعيون القطط تعاتبنا وتقول: متى تشبعون من الموت؟))

كما نرى,اْن التشكيك في الجوى الوجودي للاْشياء قد تجسدت في رؤية الشاعر الى ما يدور حوله وما يتاْمل فيه,لقد تحطمت قوة الردع الاْنسانية من منع وقوع الكارثة,من منع ونبذ عملية قتل الاخرين واْنهاء حياتهم,اذا كنت تعيش في بيئة بشرية وعقلية وحياتية لا وجود لحفظ ما نؤمن به من قيم ومبادىْ,وليس من رادع لمنع قتل الاْنسان,فاْن الصراع الاْنساني يتحول الى صراع وجودي تراجيدي ياْخذ طابع اْختلافي في بنية سردية تلازمية وكاْنه يروي حكاية الاْنسان الذي لا يتمكن من حفظ وصون ما يؤمن به وليس بمقدوره منع الكوارث التي تحيط بالاْنسان وهو الذي باْمكانه وقفها والحيلولة دون وقوعها,والاْلم التراجيدي الكبير الذي يكتشفه الشاعر يقع في اللحظة التي يدرك فيها اْن كل ما يقال وما قيل ما هي الا معان لا وجود لها في حياتنا لاْننا فقدنا الاْرادة في حفظها ,اْن هذه البنية المعنوية اْنعكست في كلمات وجمل الشاعر بحيث من الممكن رسم بنيتها :

اْنا …..قوة عقلية وجسدية,,,,,لم اْتمكن بواسطتهما …….منع الكارثة.

اْنها بنية اْعلامية (اْعلام الشىْ للملاْ) مبطنة بلغة بنيوية متماسكة واْختلافية تعارض في اْسسها كل رؤية اْنسانيةو تؤمن باْن الاْنسان في قدرته خلق عالم بعيد عن الموت والكارثة,واْن هذه البنية المعنوية تنتج بدورها بنى معنوية متعددة مثل:

1- الاْنسان كائن ضعيف

2- الاْنسان كائن متناقض

3- في الاْنسان غريزة للقتل.

اْنها بحق حكاية الاْنسان من زاوية لا توافقية مختلفة وغارقة في المستنقع التراجيدي النافي.الذي ينفي ما اْتفق عليه سابقا من مبادىْ اْنسانية مشتركة من الممكن اْن تحمينا من الدمار والقتل,

4- البنية التراجيدية الخفية للبنية المعنوية اللاتوافية

……………………………………………….

للنص اْنقسامات لغوية ودلالية في بنيتها الشكلانية والمعنوية,فالبنى التي تحمل رموز واْشارات ودلالات النص ,تخفي عن القارىْ بنية خفية لم يتمكن الكاتب التعبير عنها في الاْسلوب الخطابي السردي المباشر اْو في الدلالات التي يطرحها.بل هي طبيعة اْستخدام اللغة في الردع والتفنن وفي عدم قول كل شىْ في شكلها السائد. القارىْ المنتج هو القارىْ الذي يستدل و من خلال هذه البنى السطحية للدلالات بنية خفية تعبر عن وجود لغة اْخرى في النص,وهي تدل على صراعات الاْنسان وتساؤلاته,وبما اْن البنى السطحية للمعنى,اْي مجمل المعاني التي يجسدها النص من الممكن تصنيفها على اْساس طبيعة ومغزاها الدلالي.فاْن البنية الخفية بدورها من الممكن تحديد صفتها ,اْي الدلالة الاْساسية التي نتجت منها المعنى,مثل صفة تراجيدية اْختلافية على سبيل المعنى,كما بينا في دراساتنا السابقة اْن البنية الخفية هي البنية التي تنتجها عملية القراءة الاْبداعية ومن خلال فهم العلاقات المعنوية والرمزية للبنى السطحية,واْن هذه البنى مهمة جدا لخلق القراءة الاْبداعية,فهي التي تدلنا ومن خلال معانيها ودلالاتها الاْختلافية الاْبداعية على مكامن النص والوقوف على لغة اْخرى للنص تعود بنا الى زمن ما قبل الكتابة اْي الى لحظة الوقوف على المعنى الاْساسي للمعنى,اْي العودة الى العوامل الاْولية للكتابة والتي تدلنا بدورنا على الاْجابة لسؤالنا لماذا كتب الكاتب نصه بهذا الشكل,اْي لماذا فكر وعبر الكاتب عن معانيه بهذا الشكل,وهنا من المهم الاْستدلال على ماهية وجوهر البنية الخفية التي ما يهمنا منها الاْستدلال على البعد التراجيدي الاْختلافي اللاتوافقي.

لنتاْمل قصيدة (النهر العاشق) لنازك الملائكة:

1-أين نمضي? إنه يعدو إلينا… راكضًا عبْرَ حقول القمْح لا يَلْوي خطاهُ.. باسطًا, في لمعة الفجر, ذراعَيْهِ إلينا…. طافرًا, كالريحِ, نشوانَ يداهُ… سوف تلقانا وتَطْوي رُعْبَنا أنَّى مَشَيْنا*

2-إنه يعدو ويعدو… وهو يجتازُ بلا صوتٍ قُرَانا… ماؤه البنيّ يجتاحُ ولا يَلْويه سَدّ… إنه يتبعُنا لهفانَ أن يَطْوي صبانا… في ذراعَيْهِ ويَسْقينا الحنانا*

3- لم يَزَلْ يتبعُنا مُبْتسمًا بسمةَ حبِّ… قدماهُ الرّطبتانِ…. تركتْ آثارَها الحمراءَ في كلّ مكانِ… إنه قد عاث في شرقٍ وغربِ…. في حنانِ*

5- أين نعدو وهو قد لفّ يدَيهِ؟… حولَ أكتافِ المدينهْ.. إنه يعمَلُ في بطءٍ وحَزْمٍ وسكينهْ…. ساكبًا من شفَتَيْهِ… قُبَلاً طينيّةً غطّتْ مراعيْنا الحزينهْ*

6- أين نعدو وهو قد لفّ يدَيهِ؟… حولَ أكتافِ المدينهْ.. إنه يعمَلُ في بطءٍ وحَزْمٍ وسكينهْ…. ساكبًا من شفَتَيْهِ… قُبَلاً طينيّةً غطّتْ مراعيْنا الحزينهْ *

7- نحن أفرغنا له أكواخنا في جُنْح ليلِ… وسنؤويهِ ونمضي…. إنه يتبعُنا في كل أرضِ…. وله نحنُ نصلّي… وله نُفْرِغُ شكوانا من العيشِ المملِّ*

8- إنه الآن إلهُ… أو لم تَغْسِل مبانينا عليه قَدَمَيْها؟…. إنه يعلو ويُلْقي كنزَهُ بين يَدَيها…. إنه يمنحُنا الطينَ وموتًا لا نراهُ… من لنا الآنَ سواهُ؟

الهيكل اْو التخطيط المعنوي لهذه القصيدة مستمدة من علاقة رمزية وتحويرية بنيوية لكلمات ثلاث:

النهر…الاْنسان…الاْله

وهي تقيم مقارنات فيما بينها,تسند اْدوار واْفعال توافقية وغير توافقية وخيالية الى النهر,وكاْن النهر هو الاْله بعينه,هي الذات الكاسحة للوجود ’ولكن في نفس الوقت فاْن اْلوهية النهر ستظل على توافق بعدم اْلوهية الاْنسان اْوعدم وجود صفات اْلوهية في الاْنسان,وكل قارىْ مبدع لهذا النص يدرك بسرعة اْن الشاعرة اْستخدمت جملة واحدة تمكنت بواسطتها من هدم القيمة المجازية والتشبيهية والرمزية للمعنى,اْلا وهي جملة(اْنه الان اله) ,اْن هذه الجملة توقف وبقوة الاْنفتاح الكبير للنص اْزاء خلق البنى السطحية والاْستدلال الخيالي لبنية النص الخفية,ولكنها ها هي تفشي ما يبحث عنها القارىْ في النص لتتوقف على الفور القيمة المعنوية والدلالية للنص,وما يهمنا هنا اْن التشبيه بين النهر والاْله هوبحد ذاته محاولة اْبداعية لكثرة الجماليات اللغوية التي عبرت عنها,ومهما فتحنا اْبواب التاْويل فاْن دلالات القصيدة تبقى في اْطار التاْثر الكبير بالتراث,الاْله الذي يتمكن من فعل كل شىْ والنهر الذي يتمكن وبقوة محاكاة القدرة الاْلهية,اْي الفعل الاْعجازي,ولكن اْنتهاء القصيدة وعلاقتها بمغزى هذا التشابه غدت جملة تراجيدية ,فاْنهما اْي النهر والاْله يمنحاننا الطين والموت الخفي,وهنا يظهر الاْنقسام والقطيعة الاْساسية بينهما اْي النهر والاْله مع الاْنسان,لاْن الاْنسان محروم من الفعل اْو الردع الاْعجازي,وليكون الاْنسان بعد ذلك وحيدا وغريبا ليس له سوى اْيمانه واْعتقاده بقوة الاْله النهر,ولكننا نساْل النص وبالرغم من اللحظات التي نحس بها من السكينة والطماْنينة,وبالرغم من الاْيمان الكبير بالاْعجاز والرحمة والتفاؤل ,فاْن الاْحساس بالتراجيديا كبنية لا توافقية واْختلافية ستظل هي السائدة في لغة النص ودلالاتها,ولكي نفهم العلاقة بين البنية التوافقية اللاترجيدية والبنية اللاتوافقية التراجيدية سنقوم بمقارنات لغوية في هذا النص

البنية التوافقية اللاتراجيدية

والبنية اللاتوافقية التراجيدية

…………………………

بدت لغة النص وجملها كتعابير لاْحاسيس توافقية لا تتعارض مع التشبيه الذي يقيمه النص بين الاْله والنهر,واْن كثرة الجمل اللاتراجيدية غمرت الدلالات وتدفقت بغزارة,الا اْن وراء هذه التعابير التفاؤلية والمليئة بالحنان والحب والاْيمان تكمن جملا تساؤلية تحمل في باطنها اْي في دلالاتها الخفية جمل تعارضية مخالفة تعبر عن القلق الدفين في ذواتنا وتجسدها,جمل تحمل

تساؤلات كثيرة حول مصير الاْنسان وصيروة حياته وممارسته لها,اْنها جمل اْختلافية لا تتوافق مع اْلفتنا ومعرفتنا واْعتقاداتنا ,جمل تشوبها الشك والمرارة اْي جمل تجسد البعد التراجيدي لوجود الاْنسان وعلاقته بالطبيعة الخلاقة ,ومنها:

1-أين نمضي؟ إنه يعدو إلينا

2- يجتازُ بلا صوتٍ قُرَانا

3- ماؤه البنيّ يجتاحُ ولا يَلْويه سَدّ

4- إنه يتبعُنا لهفانَ أن يَطْوي صبانا

5- … قدماهُ الرّطبتانِ…. تركتْ آثارَها الحمراءَ في كلّ مكانِ

6- أين نعدو وهو قد لفّ يدَيهِ؟… حولَ أكتافِ المدينهْ.. إنه يعمَلُ في بطءٍ وحَزْمٍ وسكينهْ

7- ساكبًا من شفَتَيْهِ… قُبَلاً طينيّةً غطّتْ مراعيْنا الحزينهْ

8- نحن أفرغنا له أكواخنا في جُنْح ليلِ وسنؤويهِ ونمضي

9- إنه يتبعُنا في كل أرضِ…. وله نحنُ نصلّي… وله نُفْرِغُ شكوانا من العيشِ المملِّ

10- إنه يمنحُنا الطينَ وموتًا لا نراهُ… من لنا الآنَ سواهُ؟

من غير الممكن تقبل هذه الجمل الشعرية وكاْنها جمل توافقية ليس فيها اْختلاف في الدلالات ,فهي جمل ذات دلالات باطنية وخفية ,الجانب المهم من اللغة الشعرية لهذه القصيدة هو في قوة تعابيرها الرمزية التي تمكنت من تغليف المعنى التوافقي في معاني غير توافقية واْختلافية,وتمكنت من ترسيخ علاقات دلالية بنائية فيما بينها وهي التي يعرف (بوحدة الموضوع) اْي البنى السطحية التي تعمل لخلق بنية خفية,فهذه العلاقات السطحية في المعنى والتي تنصهر في بوتقة ما ذكرناها سابقا ,اْي علاقة البنية الاْساسية للمعنى مع جمل الشعر,وسنقوم هنا باْرجاع المعاني المنتجة من هذه الجمل اْلى نشاْتها التعبيرية في كتابة الشعر,ماذا يفعل النهر بنا؟

1-اْين نمضي؟ اْنه يعدو اْلينا ……. يبطن الخوف والقلق وعدم الطماْنينة..لاْنه يحمل الموت معه

2-يجتاز بلا صوت قرانا…….يبطن الخوف والدمار,لاْنه لم ينذرنا بمجيئه.

3– ماؤه البنيّ يجتاحُ ولا يَلْويه سَدّ …يبطن الخوف في قوة كاسحة تدمر كل شىْ.

4 – إنه يتبعُنا لهفانَ أن يَطْوي صبانا…يبطن الخوف لاْنه له القوة لسحق صبانا

5- … قدماهُ الرّطبتانِ…. تركتْ آثارَها الحمراءَ في كلّ مكانِ…الحمراء رمز الموت والجرح.

6- أين نعدو وهو قد لفّ يدَيهِ؟… حولَ أكتافِ المدينهْ.. إنه يعمَلُ في بطءٍ وحَزْمٍ وسكينهْ

اْنه يغمرنا بصرامته وحزمه وقوته ولا مفر منه.

7- ساكبًا من شفَتَيْهِ… قُبَلاً طينيّةً غطّتْ مراعيْنا الحزينهْ …مراعينا حزينة و تكبدت خضارها

8- نحن أفرغنا له أكواخنا في جُنْح ليلِ وسنؤويهِ ونمضي..اْنه يشردنا ويخرجنا من اْكواخنا

9- إنه يتبعُنا في كل أرضِ…. وله نحنُ نصلّي… وله نُفْرِغُ شكوانا من العيشِ المملِّ…لا مفر منه اْنه موجود في كل مكان سنفشي له شكوانا واْلمنا

10- إنه يمنحُنا الطينَ وموتًا لا نراهُ… من لنا الآنَ سواهُ…اْنهيحيينا ويميتنا

اْن براعة التعابير والصياغات الشعرية تكمن في سر وقوة اللغة التي تمكنت من تحويل حالة من التوافق والوئام الحسي ,حالة من الشفقة والرحمة والعلاقة الصميمية,الى مفردات تراجيدية تعبر عن حالات(الخوف,الياْس ,فقدان الاْرادة,التسليم,اللاْرتباك النفسي) واْن الشعرية بصفتها كينونة وجودية لقلق الاْنسان غطت الشعر كله فالقارىْ العادي الذي يقراْ القصيدة هذه ويتفحص معانيه السطحية يفهم منها اْنها تعبر عن الاْيمان الراسخ للشاعرة بمصيرها وحياتها وحبها ,ولكن القارىْ المنتج سيفهم اْن القصيدة قد كتبت في حالة من الشك والياْس والاْحباط النفسي فتركت اثار هذه اللغة التي نعتبرها اللغة الثانية للنص بشكل عميق ,لتعبر عن حالة فريدة من الحالات الفكرية والفلسفية المتناقظة,اْن معالجة القصيدة لحالتين متنافرتين من التاْمل والخيال والترميز جعلت من اللغة الشعرية لغة رادعة اْمام التاْويلات الاْيدولوجية لاْنها فتحت من جوانب عديدة في مفاهيمها ولحظاتها حالات من القلق العميق والخوف الدفين,ليظهر الاْنسان على حقيقته ,الاْنسان الذي يتقبل ما يلقاه من تشرد واْلم وعذابات جسدية وحياتية ونفسية ولكن اْيمانه يصور له الحياة بشكل طبيعي وكاْنها حياة لا تشوبها شائبة.

3-اللاتوافقية الوجودية كقيمة شعرية

……………………………..

لقد نوهنا في بداية دراستنا الى التاْثيرات البنيوية للحس الوجودي الظاهراتي على لغة الشعر واْهميتها في تشكيل البنى الشعرية السطحية للنص ودورها في اْنتاج البنية الدلالية اللاتوافقية والاْختلافية,سنركز في هذا المستوى من بحثنا على البنية اللغوية الشعرية كقيمة وجودية ,

للحس الوجودي قابلية غير محدودة على اْنتاج المعنى,ولاْنها تندرج ضمن رؤية وفكر الشاعر,اْي ما يمتلكه الشاعر من معرفة حسية وتاْريخية وحياتية,ومن ثم تمكينه من التعبير عنها,وكلنا نعلم عندما يتعلق الاْمر بالشعر دون اْنواع اْخرى من التعبير فاْن التعبير اللغوي سيتغير من لغة مفتوحة الى لغة اْكثر صرامة وتركيزا ,ولذلك فاْن المعرفة وحدها ودون فهم واقعي وحقيقي بالاْشكال التنوعية للتعبير الشعري ستظل المعرفة كقيمة فكرية لا اْهمية لها في التعبير الشعري,وبالرغم من الاْنفتاح الكبير في حرية التعبير في كتابة وصياغة النمط الشعري,اْذا تتغير المستويات الشعرية في التعبير الشعري من شخص الى اخر بالنسبة للتعبير عن الاْشياء

من حيث الحس الوجودي ومن حيث تكوين اللغة الشعرية,ومن المهم اْن نميز بين نمطين من التعابير اْو الاْشكال الشعرية,اللغة الشعرية في شكلها التنظيمي كاْنفتاح للمعرفة وتعبير للشعرية,والصياغات المسماة بالشعر,ولكنها خالية من الاْفق الشعري في لغتها ,لاْنها اْستفادت من التمويه الشعري الذي يخوله الشعر في اْستخدامه لخلق لغة غير شعرية,فالعلاقة بين المعرفة الحسية والوجودية مع الاْحاسيس السطحية لمعرفة سائدة تتجسد في اْنتاج الشعرية وليس في اْنتاج المعرفة وحدها,لاْن المعرفة الشعرية هي معرفة لغوية تنصهرفيها المعرفة التاْريخية والذاتية لتصبح شذرات من التنور الحسي التراجيدي والفلسفي,

يعني ذلك ان المعرفة الوجودية لدى الاْنسان الشاعر هي معرفة اْو تحسس بالحياة في مفرداتها اليومية اْي ترجمة المعرفة المكتسبة في الحياة اليومية بشكل عفوي ,والذي يهمنا كيفية تحويل هذه اللغة المسماة بالشعر االى جمل ودلالات لا توافقية شعرية بحيث تبتعد عن معرفة تجريدية موسوعية ومن الممكن تصنيف هذه العملية الللغوية بالاْبعاد اللغوية التالية وسنطبقها على قصيدة للشاعر عدنان الصائغ باْسم الظل الثاني:

1-الحدث كقيمة وجودية شعرية ولا توافقية

…………………………………………

لا يرمي الشاعر من وراء السرد الحدثي لحياته اْوتجاربه اْو مغامراته اْستدراج الاْخرين عما حدث,بل وراء السرد الحكائي للحدث هنالك مكابدات ومعاناة وجودية تعبر الحدود ودلالاتها وتهيم بالمفاهيم اليومية لمفردات تحرك الاْنسان وتترجمها الى دلالات ا~نسانية شاملة,بحيث يشترك في ممارستها كنمط للحياة اْفراد من الناس في كل زمان وفي كل المجتمعات,يعني ذلك اْن للسرد الحدثي قيمة دلالية كامنة تستنبط مفرداتها من دلالات لم يعبر عنها النص بل اْراد منا اْن نتخذ من الاْحداث عبرة فكرية وفلسفية و وجودية ,تتجاوز في دلالاتها مفاهيم سائدة للعصر,اْي تفند وتخالف في رؤيتها لمفردات الحياة مع تفكير سائد للمجتمعات التي غرقت في اْحداث السياسة والمال والسلطة ومعايشة الرموز التاْريخية لها,وبما اْن وراء كل حدث اْزمة اْنسانية اْو صراع اْنساني فاْن قيمة الحدث في شعريتها ستكون قيمة اْنسانية مخالفة ولا توافقية,وبما اْن اللغة تتجاوب اْيضا مع التوجه المعين للشاعر في كيفية التعبير عن دلالاتها وعندما يرتبط هذا الاْسلوب المعين مع هذه الكيفية فاْن الجمل سوف لن تكون لها قيمة سردية بل تكون لها قيمة وجودية مخالفة ورادعة,مع نمط معين من التفكير والرؤية,اْي اْن الدلالات التي تجسد سردا حدثيا ليوميات معينة لن تكتفي بدلالات هذا السرد بل تتجاوز هذه الدلالات لتكون دلالات اْخرى ,لنقراْ معا هذه القصيدة للشاعر عدنان الصائغ (الظل الثاني)

الظلُّ الثاني

وقفتُ أمام البنايةِ,مرتبكاً,يتعقبني ظلُّه من وراء الجريدةِ,لفَّ معي الطرقاتِ,وقاسمني مطعماً في ضواحي المدينةِ,والباصَ,,,والمكتباتِ اللصيقةَ,,,حتى انتهينا إلى دورةٍ للمياهِ,,,وقاسمتهُ هلعي في القصيدةِ، منكمشاً,,,أتحسسُّ طياتها من خلالِ التصاقِ القميصِ بنبضي الذي يتسارعُ,,,,والعجلات التي تتسارعُ,,,,والقبلات التي تتسارعُ خلف الغصون,,,,,تحسسَ – حين استدارَ – انتفاخَ مؤخرةِ البنطلونِ,,,فأبصرتُ فوهةً

تترصدني……ولم نفترقْ,,,,قاطعتنا الشوارعُ,,,,أغاني المقاهي التي سيحطُّ الذبابُ على لحنها ويطيرُ إلى قاطعتنا ,,,بالثيابِ القصيرةِ تهبطُ من سلّمِ الباصِ تقرصها النظراتُ الشاي، سيدةٌ,,,,فخذيها.. فتجفلُ، موجُ الزحامِ الذي يتلاطمُ فوق ضفافِ المريبةُ من,,,أخرَ الشهرِ نحو البيوتِ التي ستجففُ أيام المحلاتِ منحسراً,,,,النوافيرُ… ساحةُ بيروت… لمْ نفترقْ………… دلفتُ إلى البارِ,,,,كان ورائي,,,,يمد مخالبَهَ في ظلالي وكانَ الوطنْ,,,,,على بعدِ منفى وكوبٍ من الشاي,,,يقرأُ في صحفِ اليوم آخرَ أخبارِهِ,,,,,,,نافثاً في الزجاجِ المضبّبِ دخانَ سيجارةِ اللفِّ,,,,يبصقُ..,,,حين أصافحهُ، سيمدُّ يداً بترتها الشظايا، يشيرُ… (لصورةِ جلادهِ [ ..

ساخراً تتربعُ أعلى الجريدةِ مزدانةً بالنياشينِ ـ كمْ نفختهُ الجرائدُ ـ,,,,يتبعهُ الدبقُ، الحشدُ والكامراتُ) .. أشيرُ إلى المطرِ المتساقطِ من غيمِ,,,,أجفانِهِ وهو يرنو لجوعِ شوارعهِ والعماراتِ,,,,,تمصُّ دماه وتعلو…,, يرى الحافلاتِ التي تتدافع,,,والخطوات التي تـتـ…,,,,إلى أين يلهثُ هذا القطيعُ ؟ ,,,,,احتسيتُ ـ على قلقٍ ـ نصفَ كوبي,,,فبادلني النظراتِ,,,,التفتُّ,,,,رأيت الذي كان يرقبني,,,,قابعاً خلف نظارتيهِ وظهري,,,,يقرّبُ أذنيهِ من طرفِ الطاولةْ,,,,نحنُ لمْ نتبادلْ سوى جملٍ نصف مبتورةٍ,,,,,فماذا يسجّلُ فأرُ الحكومةِ في أذنِ صاحبِهِ,,,,ويُهيّيءُ- خلفَ التقاريرِ والمعطفِ الجلدِ – طلقتَهَ القاتلةْ

تتوافق اللغة مع نمط سردي وحكائي للحدث ,الظل الثاني هو الشخص الماْجور لقتل اْنسان ,دون معرفة كنه القاتل وكته الشخص,واْسباب محاولة اْغتياله,هذا الجوهر السردي للموضوع يندثر وينقسم في جمل القصيدة ,ولتبدو القصيدة وكاْنها وحدة سردية حكائية متكاملة العناصر كنوع من اْنواع القصص القصيرة,ولها تدرج دلالي سردي متكامل,فكل جملة اْو جملتين تبني بنية دلالية سطحية متكاملة ,الا اْن القصيدة لا تريد اْن تبنى دلالاتها كحدث سردي ,بل تحاول وبقوة الاْستدلال على لغة شعرية ونقل الحدث السردي الى البنية الدلالية الخفية للمعنى وهي في حالات اْنتكاسية وقيم انْسانية اْخرى في حالات المفارقة النفسية والتراجيديا التي تتزامن مع وجود الانسان ككائن غير مطمئن وهو يشعر باْنه مطوق من كل حدب وصوب,,وهذا الطرح هو طرح فكري ووجودي وليست طروحات اْيدولوجية ,رافق جمل الشعر جملة بجملة,ليعطيها الاْنفتاح الدلالي الكامل ويؤهلها لاْن تكون لغة القصيدة لغة تتحمل تاْويلات فوق دلالية اْو فوق سطحية ,وقد تمكن ذلك الشعر من خلق هذه اللغة من خلال التزامن الدلالي اللاتوافقي والاْختلافي الوجودي ,مع مايراه الاْخرون,نعني بالتزامن الدلالي الاْختلافي ,اْنشطار الدلالة من وقعها ودورها كقيمة سردية الى دورها وقوتها في اْنتاج لغة ثانية للنص,لنتاْمل هذه الجمل وتوزيعاتها الدلالية:

1- يتعقبه ظله…و-قاسمه…المطعم,الباص,المكتبات اللصيقة,دورة المياه( والهلع)

2- يتحسسها من خلال (طياتها) ومن نبضات قلبه,العجلات التي تتسارع,القبلات التي تتسارع,

3- اْنه لا يفترق معه… (قاطعتهما) الشوارعُ.. أغاني المقاهي ,,النوافير ساحةُ بيروت البار

4- الاْخرون( القطيع) ,,,عجلاتهم تتسارع,,قبلاتهم تتسارع,,,تتدافع حافلاتهم,,خطواتهم تتدافع..واْخيرا الى اْين يلهث هذا القطيع؟

5-واْخيرا وهو وحيد ,,,,( ظله يُهيّيءُ)- خلفَ التقاريرِ والمعطفِ الجلدِ – طلقتَهَ القاتلةْ

اْنها وحدة سردية تكونت من عناصرها الاْولية والوسطية ولها النهاية التي يريدها القارىْ,تحمل معظم الوحدات السردية للقصة القصيرة ومن الممكن صياغتها من جديد باْسلوب قصصي,ولكن الشىْ المستحيل تحقيقه اْو خلقه في القصة هي الدلالات التوسطية للتعبير,ونعني بها الوجه السردي لبنية الدلالاات التي لا تنتمي الى الاْسلوب السردالحكائي ولا يمكن بواسطتها تكوين وحدات سردية سطحية لاْنها تجرنا الى وحدة سردية دلالية وليست حدثية,تعبر بحزم الاْنتقالات النفسية والمعرفية وعندما ترتبط هذه الوحدات التي كونت كلمات ذات معاني غير سردية,فاْنها ترتبط بشكل عميق مع الوحدات السردية السطحية لبنية المعنى,وسنركز على هذه الكلمات التي تعبر عن حالة الاْنتقال هذا من جمل ذات قيمة سردية الى كلمات خارجة عن النمط السائد للتعبير:

التقسيميات البنيوية للحدث الكلمات ذات قيمة توسطية بنيوية القيمة الوجودية اللاتوافقية

…………………… ……………………………. ………………………..

1- تعقيب الظل …الخ الهلع اْحساس خرافي للذات

2-يتحسسها باْعضائه طياته الاْنسان كصورة سحرية

3-لا يفترقان قاطعتهما الصورة الفنطازية

4-الاخرو يتسارعون القطيع القطيعة الكلية

5-الظل يهيىْ التحول الخرافي

هذه الكلمات (الهلع,طياته,قاطعتهما,القطيع,يهىْ) هي كلمات سطحية عادية المعنى والدلالة ولكن ومن خلال العلاقات الفعلية التي تقوم بربط الجملة الوصفية مع الفعل ,تكون هنالك دائما كلمة تتوسط لتجسد اْوجه جديدة للمعنى,اْنها هذه الكلمات التي تنقلنا من التركيب العادي للمعنى الى تركيبة بنوية محدودة ,اْنها فعل المفارقة التراجيدية في لاتوافق رؤية الاْشياء مع ما اْعتدنا عليها في حياتنا اليومية ,والشاعر هنا يركز بشكل دقيق على هذه الكلمات لاْنها تتمكن من اْداء دور تركيبي للجملة المزدوجة المعاني ,واْن قيمة اللاتوافق الشعري للمعاني المقروءة هي التي قدمت القيمة الشعرية لتجديد اللغة وكتابة الجمل الشعرية واْبدع فيها بعد تنقيته من المؤثرات الاْيدولوجية.

2 – المعرفة التصوفية كبنية , لا توافقية شعرية

…………………………………………

جوهر التصوف هو الخروج عن النص الذي يحدد طاقات الاْنسان في التاْمل الذاتي لوجوده واْيضا محاولة الكشف الوجود, يؤدي ذلك الى التاْمل الذهني والاْطلالة على مفاهيم وجودية جديدة تدفع بالاْنسان الى الرؤية المختلفة للاْشياء والى قراءة النصوص بشكل مغاير,بالاْضافة الى ذلك فاْن التصوف يمتلك في مفاهيمه تعمق رومانسي و وجودي يتوافق مع لحظة الشك وبالاْخص اللحظات التي تناشد مكنوناته خارج قدرته ومناجاته لقوى خارج الوجود الاْنساني و الطبيعة المرئية ومن ثم رد الواقع السائد للوجود والحنين الدائم الى العودة الى اْصل الاْنسان والى اْصل الاْشياء لمعرفة القوى المحركة لها. ما يعنينا هنا البحث عن البعد التصوفي الذاتي الذي يصبح فيما بعد بنية شعرية,ونمطا من علاقات اللغة بالفكر,وليس البحث عن المضامين التصوفية كبعد اْيدولوجي,اْي البحث عن الطاقة الفكرية واللغوية اللتان باْمكانهما اْن يحددا موقع النص ولغتها ومن ثم اْستخراجنا الى موقع مجهول تسند اْدوارها وسرها الى خارج القوة الفكرية في الاْنسان ليبحث عنها فيما بعد في علاقات الاْنسان بالطبيعة والوجود,ما يهمنا هنا الجانب الغيباني لفكر الاْنسان الذي يعبر عن لحظة عيشه ورؤيته للاْشياء عبر فكرة عدم تلاؤم الواقع ومن ثم فكرة الاْسناد ,ونقصد بها الفكرة التي ترى اْن حركة الاْشياء ووجودها مرتبطة فيما بينها بعلاقة فوق اْدراكية واْن وجود الاْحساس بفكرة الوجود هي في الاْساس فكرة اْسنادية حيث تسند علاقات الاْشياء وحركتها ودلالاتها الى بعد غيبانى ,يلهم الاْنسان وينقله الى فضاءات غير القضاءات الواقعية قي حياتنا,اْنها عبارة عن بعث الحياة وصياغتها على اْساس اْسناد دلالات جديدة للاْشياء وللوجودوفي الحالة العكسية فاْن الفكر الواقعي لرؤية الاْشياء هي فكرة ترد هذه الاْحاسيس والاْفكار وتفنده من اْجل اْسناد اْحساسات الاْنسان الى واقعه وليس الى بعده الغيباني,ولكن هاتين الرؤيتين ستظلان تعبران عن صراع وجودي بين رؤية الاْشياء في واقعها ورؤية الاْشياء في غير واقعها ,ومن ثم اْسناد كل رؤية الى اْصلها الاْنساني ,والاْهم بالنسبة لنا مدى تاْثير هذه الرؤية للاْشياء على لغة الشعر,لاْعتقادنا اْن لدى كل شاعر رؤية للاْشياء ومن خلال مفردات ومعاني رؤيته يتكون لديه قوة فهم ياْهله للتعبيرعنه بشكله الذي يريد,وعندما تتعلق ذلك بالشعر فاْنها ستترجم على شكل بنية اْسلوبية ,تجر وراءه الاْختلاف وعدم التوافق,الذي بدوره يجسد فكرة التراجيديا.

يقول حسين مردان

فتهاوت كشعاع ٍ أبيض ٍ فوق كرسي ٍ قديم ٍ مُونق ِ وبدت حلمة ُ ثدي ٍ ناضج ٍ تحت ثوب ٍ من حرير ٍ أزرق ِ فتلوّت ْ في دمائي ثورة ٌ ثورة الفسق على الحب النقي

اْن التفرقة الحسية بين الحس الاْيروتيكي وحس العشق ليس في كيفية التاْثر بجسد المراْة ولا بتوليد المعاني في لحظة معينة,بل اْن هذا الاْحساس هو اْحساس نابع عن رؤيتين مختلفتين في حياة وفكر الاْنسان المتاْمل,ولعل المعني الاْساسي للغة الشعرالذي ترقى الى اْسلوب معين هي رؤية هذا الحس وهو منقسم بين براءة الاْحساس والتخلص من الاْثارات المدانة في العقل الجمعي,الذي يرى اْن الاْنسان يجب اْن يشرع اْحساساته بمقاسات واْعراف اْجتماعية تجيز للفرد ممارستها دون وقوعها تحت طائلة الاْدانات الجمعية للمجتمع الذي يدافع عن حرماته ومقدساته,فرؤية جسد
المراْة وما تثيرها من اْحاسيس هي في الاْصل اْحساس واقعي,واْن تفنيد هذا الاْحساس واْستبعاده من اْجل الحفاظ على النقاء الذاتي التصوفي هي فكرة اْسنادية تخرج عن طورها الواقعي,اْن لهاتين الفكرتين اْساس في اْسلوب الشاعر,الذي بنى عليها اْسلوبه في التعبير لخلق اللاتوافق الدلالي,والوقوف في موقع التمايز,وهي بحد ذاتها عبارة عن لغة شعرية تستخدم رموزها التاْريخية والاْجتماعية في سبيل التعبير عن ما نحس به في حيانا وعلاقاتنا بالاْشياء,وفي هذا المقطع ,هنالك بنيتان من الرؤية المعرفية السائدة,وتشكلان رؤيتان تنتج فكرة التوافق واللاتوافق في الشعر وهي:

الاْثارة :اْحساس لا مكان له في الحب النقي,الا بعد الوصال المشرع.

الاْثارة :اْحساس فردي في واقع الاْنسان وهي لاقوانين لها ولا سنن .

اْن هذه الفكرة التوافقية واللاتوافقية تمكنت من خلق لغة شعرية ,ذات اْسلوب اْسنادي ,حيث تعود جميع دلالاتها الى فكرة نفي نوع من الاْحساس وممارسة نوع اخر ومختلف من الاْحاسيس,ولا يتطابق هذا الاْحساس مع الاْغلبية التي ترى اْن الحب لا يهتم بلاْحاسيس الداخلية للاْنسان لاْن الحب هو علاقة نقية اْهم مرتكزاتها تقديس الجسد وليس التمتع بجمالياته.اذا يرد الشاعر اْحساس نابع من البعد التصوفي للجسد,باْن الجسد والاْحاسيس يجب التحكم بهما من اْجل خلق الطهارة الجسدية واْنتزاع حس التلذذ لاْنها ترشدنا الى الخطيئة الجسدية,وما الحب عند المتصوفين الا وسيلة تصوفية للتخلص من الرذيلة التي تجرنا اليها جماليات الجسد والاْغراءات الجسدية,فجاءت القصيدة وهي تعمل على بنية من المعنى الاْساسي لتكون دلالات مختلفة في باطنها وهي دلالات تصب في نمط معين ومحدد في لغة الكتابة.

ويقول جان دمو

عاش بقلب مفعم بالألغام

طوال حياته

في صيف كلّه أسرار وطلاسم

أكتشفُ

أن تحت مياه الجرح

كنارا.

لا تخبروه بأن في الصحراء سحرا

فقد عرف ذلك

بعد طفولته.

قولو له أن السراب والموت

واحدٌ وأن الحياة ليست ولن يكون لها

أكثر من وجهين: وجهين أصفرين بائسين

من الواضح اْن الشاعر يقبل بفكرة اْن الحياة ليست الا مسيرة موحدة تضم الموت والولادة اْي الحياة نفسها,واْن خارج هذه المقولة ستبقى الاْشياء مجرد سراب نعيش معها,اْنها لغة توافقية مع النظرة التصوفية التي لا تتوافق باْن كل حكايات الاْنسان ماهي الا تاْجيل للحقيقة الكبرى,التي تقول بسرابية الحياة ووجود الكائنات في الحياة,اْنها توافقية في رؤيتها باْن الوجود هو وهم نعيش معه

واْن الحقيقة القصوى في هذه المعيشة هي حقيقة الحياة والموت,فهما وجهان لحقيقة واحدة تنتج الوهم الدائم لدى الاْنسان,وتوافقية مرة اْخرى مع البعد التاْملي للتصوف باْن الحياة توهمنا وتدعونا الى اْمل كبير والى تفاؤل كبير,ولكنها غير توافقية مع فكرة وجود حقيقة اْخرى خارج هذه الدعوة الوجودية للاْنسان وباْنه في اْخر المطاف سيجد ما يشفي جرحه النازف ويكون كائنا مشاركا في اْسرار الكون والوجود.اْنه الشاعر الذي ينفي الاْمل والمخرج للاْنسان في وجوده وفي مستقبله,اْذا هنالك بنيتان للمعنى في لغة النص,البنية اللغوية التي تحتوي على تقبل الحياة كواقع مكتملة للعيش فيه,والاْمل في الخلاص,والبنية التي ترى,اْنه لا اْمل في الحياة وما بعده,وتكون الموت الحقيقة النهائية للوجود.فجاءت اللغة متشتة بين نوعان من البنية اللغوية,البعد التوافقي والبعد اللاتوافقي,الذي هيمنا على المعنى والدلالات,

ويقول خزعل الماجدي في قصيدة في اْنتظار الوهم

سأترك كلَّ المدن

تلك التي رأيتها والتي لم أرها

سأترك النساء والخمور والأصدقاء

وسأمتطي حماري لوحدي

وأذهب في هذا الطريق الرفيع

سأقتفي آثار الغبار

وستتساقط من أكتافي الحقائب

ومن أقدامي الأحذية

ومن فمي الحكايات

ومن عيوني الأحلام

ستسقط كتبي، كلّها، تباعاً في الطريق

وستسقطُ الدمى التي صنعتها من الورق

سيسقطُ النهار.. ولن يكون سوى ليل

سيسقط الورد.. ولن يكون سوى الخوف

لماذا جعلتُ هذا الرحيل محتوماً؟

ما اْشبه حالة هذا الاْنسان بالاْنسان الذي يعتزل الدنيا وما قيها؟ما اْشبه ريبته وخوفه ووجله من الوجود كله,اْنه اْنسان مسافر في المعاني باحثا عن وجهه السرابي الغير مقنع,الهروب من معاني الكتب ودلالاته الكبيرة,الهروب من الجنة الموعودة فيها,الهروب من الاخرين,الهروب من كل ما يمثل علاقة الاْنسان بوجوده,الاْنسان الذي يشك في العزلة والرحيل معا,بعد اْن تجرد نفسه من كل ما يربطه بالزمان والمكان للعلاقات الاْجتماعية والوجدانية والوجودية,اذا اْنه اعتزال مطبق ,وبالتالي اْنه اْعتزال لا توافقي, في بنيته الزمنية و المكانية والاْهم في كل ذلك عدم توافقه مع نمط من الحياة والتفكير ونمط من الثقافة والتراث البشري,اْنه الياْس من الحياة لاْنها لا تتوافق مع ما تنتج من معاني كبيرة واْن الاْنسان المؤمن اْو الاْنسان الذي يدعي ويطبق ما يدعيه غير موجود.فالاْنسان موبوء بالاْزدواجية المحتومة,بالتوافق الكاذب واللاتوافق الوهمي.

المبحث الثالث

التسلسل التركيبي لبنية لغة اللاتوافق

………………………………..

المعنى وتركيبة البنية الاْسلوبية اللاتوافقية

……………………………………

العلاقة بين الاْسلوب والمعنى,هي علاقة اللغة بالحياة,من زاوية كيفية التعبير,وبالنسبة الشخص الذي يفكر ومن ثم يبداْ بالتساؤل حول اْمكانية تحويل فكرته الى نص فني,هو شخص لغوي وليس شخص معنوي,لانه وفي النهاية سيصطدم برادع اللغة كوسيلة لبناء بنية اْسلوبية تمكن الكاتب من توزيع دلالات المعني على جمل اللغة ومعانيه واْضافة اْدوارها الى مفردات اللغة ,هذا التحول الغريب من الفهم المعنوي الى الفهم اللغوي هو تحول معرفي واْسلوبي وفني,لاْن الشخص الذي لا يملك قدرة على الفهم وقدرة على التخزين اللغوي لا يتمكن من اْنتاج نص فني,بل سيعبر عن فكره كيفما شاء ,ولكن صفة الشعرية ستحول دون وصول الاْسلوب الكتابي الى بنية الشعر.

في هذا الفصل سنحلل التعبيرات والصياغات الاْسلوبية البنيوية لكيفية بناء فكرة اللاتوافق الشعري التراجيدي فى بنية لغوية,وما يهمنا هنا الديناميكية اللغوية التي تعمل في ذهن الشاعر في تعامله مع اللغة والمعنى كطريقة تعبيرية شعرية وكوحدات فعلية مترابطة من حيث التركيب اللغوي دون اْن تغير مسار اللغة خارج هذه العلاقات الفوق لغوية,اْي الحالة الذهنية التي تتعامل فقط مع هذه الديناميكية اللغوية دون الاْستنجاد بمعاني اْو تراكيب موضوعية من الممكن اْن تساعد في خروج الشاعر من البنية الاْساسية للغة نصه ضمن دلالات معينة,

1- التسلسل التركيبي للبنية الشعرية

……………………………….

ما الذي يوجه معاني النص ودلالاته,اْهي اللغة اْو الحالة الذهنية لفكر الاْنسان؟ اْو تشابكهما؟ من الصعب العمل على تحديدات معينة للتعبير,لاْن التعبير ما هو الا صياغة للبنية الجامعة التي

تتمكن من اْحتواء كافة الاْفعال اللغوية التي تبني المعنى,والحالة هذه فاْننا ودون خيارات كثيرة في كيفية معالجة هذه المساْلة ,سنتناول ديناميكية هذه الاْفعال,ودورها في اْنشاء تركيبة البنية اللغوية وعلاقاتها مع فكرة اللاتوافق .

الميزة الاْساسية للاْسلوب الشعري اْلحديث ونعني بالحديث اْستخدام الاْسلوب النثري في التعبير هي العلاقات التشابكية والفوضوية بين التعبير والمعني وبشكل اْوسع بين البنية الشعرية والدلالات الشعرية,فاْذا ماكان الهم الكبيرهو صياغة الشعرية والحفاظ على وجهة معينة للتعبير كوحدة معنوية فاْنها بالتالي عليها الحفاظ على الوحدات اللغوية التي تشكل بنية للمعنى,يعني ذلك اْن كل نص اْدبي لا يتمكن من اْنشاء بعد معنوي الا بواسطة الحفاظ على ميزة وحدة المعاني ضمن الفكرة الجوهرية التي تعطي ديناميكية فوق اْدراكية لشكل اللغة,اْي اْضفاء ميزة شكلانية للبنية تمثل بعد كل شىْ الكيفية في التعبير,هل الديناميكية اللغوية هي ديناميكية مستقلة اْم متشابكة ومترابطة مع تركيبات المعني ومفردات اللغة؟

من غير الممكن الحديث عن ديناميكية لغوية لتركيب المعنى دون تحليل الفكرة الجوهرية لاْصل المعنى,اْي القوة المعنوية التي تقف وراء التعبير اللغوي,ودون تاْمل كبير ندرك اْن الفكرة الجوهرية للتعبير اللغوي هي التي تحرك اللغة وتعطيها اْستمرارية تجسيدية وموضوعية ولكن وفي نفس الوقت علينا اْن نعير اْهتماما اْكبر بالصياغات والاْشكال البنيوية التي تشارك في اْستخداماتها المتعددة شعراء كثيرون,اْنها تعبر عن اْشكال للفعل اللغوي ,تبقى نظامها اللغوي ثابتة في الصياغات اللغوية وهي تغير من جوهر المعنى ومن الهدف المعنوي,من اْجل تركيب اْفعال لغوية تختلف في مضامينها مع الاْشكال السابقة التي كانت موجودة من قبل,ومن خلال هذه الحقائق يجوز لنا القول بثوابت لغوية دون اْن ترتقي الى قوانين اْو اْنظمة لغوية تمثل صياغة بنيوية غير متغيرة بالرغم من صفة ثبوتها في اللغة,اْي اْنها تستمد قوة تغيرها من كيفية التعبير وليس من قوانين اللغة وقواعدها.ونستدل من ذلك :

1- اْن التسلسل التركيبي للمعنى هو تسلسل ذهني قبل اْن تكون تسلسلا لغويا.

2- اْن نضوج المعنى لا يتحقق الا بعد اْكتسابها للبنية الدلالية.

من الضروري ربط تلك العمليات الذهنية اللغوية مع التحديث على المستويين المعنوي والدلالالي ومع كيفية اْستخداماتها التي تنفتح بوجه خيارات لا حدود لها في التعبير,ومن المهم معرفة ذلك وكيفية عملها في التجارب الشعرية.

يقول السياب في قصيدته في ليالي الخريف:

في ليالي الخريف الحزين 1- حين يطغى علي الحنين

كالضباب الثقيل

في زوايا الطريق في زوايا الطريق الطويل حين أخلو و هذا السكون العميق

توقد الذكريات بابتساماتك الشاحبات كل أضواء ذاك الطريق البعيد حيث كان اللقاء في سكون المساء هل يعود الهوى من جديد ؟ عاهديني إذا عاد .. يا للعذاب عاهديني و مرت بقايا رياح بالوريقات في حيرة و اكتئاب ثم تهوي حيال السراج الحزين انتهينا.. أما تذكرين؟ انتهينا.. و جاء الصباح يسكب النور فوق ارتخاء الشفاه و انحلال العناق الطويل أين آلام يوم الرحيل؟ أين لا لست أنساك و احسرتاه؟ ** 2- في ليالي الخريف حين أصغي و لا شيء غير الحفيف ناحلاً كانتحاب السجين خاف أن يوقظ النائمين فانتحى في الظلام يرقب الأنم النائيات حجبتها بقايا غمام فاستبدت به الذكريات الغناء البعيد البعيد في ليالي الحصاد أوجه النسوة الجائعات ثم يعلو رنين الحديد يسلب البائس الرقاد ! في ليالي الخريف حين أصغي و قد مات حتى الحفيف و الهواء – تعزف الأمسيات البعاد في اكتئاب يثير البكاء شهرزاد في خيالي فيطغى علي الحنين أين كنا؟! أما تذكرين أين كنا ؟! أما تذكرين المساء؟!

**

3- في ليالي الخريف الطوال آه لو تعلمين كيف يطغى علي الأسى و الملال؟! في ضلوعي ظلام القبور السجين في ضلوعي يصبح الردى بالتراب الذي كان أمي: غدا سوف يأتي فلا تقلقي بالنحيب عالم الموت حيث السكون الرهيب! سوف أمضي كما جئت واحسرتاه سوف أمضي و ما زال تحت السماء مستبدون يستنزفون الدماء سوف أمضي و تبقى عيون الطغاة تستمد البريق من جذى كل بيت حريق و التماع الحراب – في الصحارى و من أعين الجائعين سوف أمضي و تبقى فيا للعذاب! سوف تحيين بعدي ، و تستمتعين بالهوى من جديد سوف أنسى و تنسين إلاّ صدى من نشيد في شفاه الضحايا -وإلا الردى .

هنالك وحدة بنوية تركيبية بين اْفعال اللغة تعود الى العوامل الاْولية لبدء الكتابة,الكتابة الاْولى اْي الكتابة الذهنية هي التي مهدت للشاعراْن يهىْ ملكته الشعرية واللغوية للكتابة الثانية,اْي البدء بكتابة هاتين البعدين ,والتركيبة الاْساسية التي شرعت اْو نظمت كافة التحولات اللغوية هي:

1-علاقة الخريف بالموت ولحظات الموت.

2-علاقة العزلة والوحدة القاتلة مع لحظة الموت.

هاتان العلاقتان تمثلان البنية الذهنية للمعنى اللغوي الموضوعي قبل اْن تكتسب بنية كاملة في اللغة,وقبل اْن تكون هذه العلاقة واضحة لدى الشاعر ماهيتها واْستقرارالمعني بعد المباشرة بالكتابة الثانية,فكل شىْ مبهم وغير واضح الا التفكير في الملكة اللغوية لديه في كيفية خلق بنى دلالية لبنيته الجوهرية والاْساسية, البحث عن ديناميكية لغوية تمكنه من ترجمة هذه البنية الاْولية الذهنية الى بنية لغوية مجسدة ,ولكن هاتان العلاقتان وقوة اْنفتاحهما على التشابك اللغوي اْي تصادم المعنى مع الكلمات والجمل من الممكن رصد ورسم حركتها,بعبارة اْخرى رسم النطام

البنيوي لكيفية تكوين المعاني على شكلها اللاتوافقي التراجيدي,وهو الاْسلوب اللغوي لتكوين لغة الشعر , فالخريف في هذه القصيدة الرمزية والمجازية اْضفي جملة من الدلالات المتفرقة على لغة النص واْكتسح الاْسلوب واْعطى لفعل اْنشاء الجملة الشعرية اْنفتاحا واسعا ,فكانت بنية الاْفعال اللاتوافقية تستمد تركيبها الدلالي من مقارنات دلالية بين الخريف والموت والتي اْضفت بعدا تراجيديا عميقا,واْحساسا عميقا بالغربة,ما يهمنا تصنيف هذه الدلالات ضمن كلمة الخريف وعلاقتها بالموت وهي كالاتي:

المقطع الاْول:

يتوافق الخريف مع : الحنين.. طريق طويل..الخلاء..السكون العميق..الذكريات..اْبتسامة شاحبة..لن يعود الحب اليه بل اليها..العذاب..الام الرحيل..هي اْصبحت من الماضي.

الموت وسكراته متوافقة مع حنين الاْنسان للعودة الى الماضي..الموت عزلة وخلاء..سكون وشحوبة وعذاب ..ورحيل للحياة وذكرياتها,

اْذا اْنها صنعة شعرية بنيوية,تسخر كلمة الخريف وتغطيها باْجواء رومانسية واْحساسات بالغربة,لتتوافق التعابير مع اللحظات الاْخيرة للاْنسان,واْن هذا التوافق بين الخريف ولحظات الموت ,هي البنية الشعرية التي خلفت تاْثيرات دلالية دون اْن يركز في قصيدته على ذكر هذه اللحظات بل تسترعليها باْشارات رمزية وبلاغية .ومن الممكن تاخيصها ببنية اْساسية للتعبير الشعري :

الخريف والموت متشابكتان في اْحاسيس الاْنسان لتوليد التوافق الذي يخلق لا توافقا اْنسانيا في رؤية الحياة والاْشياء ,الزمن والفصول والاْحاسيس ..اْلخ اذا :

الخريف..لها دلالات تشابكية توافقية وتراجيدية مع الموت,,,

الخريف ..هي صورة من صور الموت في الاْنسان والطبيعة.ولذلك اْصبحت لغة الشعر في توافق متدفق مع الكلمات والجمل المختارة التي تصب في خلق التراجيديا الذي يداهم قراءتنا وفي الاْحساس بالموت والوحدة والاْنتهاء والزوال,

المقطع الثاني:

في هذا المقطع يجسد الشاعر في لغته الشعرية الكلمات التي تعبر عن حكائية الوحدة والعزلة عبر تجسيدهما ومعايشتهما,ومن ثم تشابك هذا الاْحساس مع فكرة اْنتهاء الزمن المعاش ,الاْحساس بوصول الاْنسان الى لحظة زمنية تعبر عن اْنتهاء عالم جميل عاشه الشاعر ولم يحس باْن الزمن هو الخريف الذي يصبح فيما بعد زمن الجلاء والجفاء,زمن اْنتهاء الحياة التي اْسدلت الستارة على اْنفتاح واْنشراح الاْحاسيس.

بنية الدلالات التوافقية

في ليالي الخريف………يصغي ولا يسمع شيئا الا الحفيف.

في ليالي الخريف…… الحفيف يشبه اْنتحاب السجين…..اْنتحى في الظلام…

في ليالي الخريف…..الغناء بعيد بعيد…اوجه النسوة جائعات….رنين الحديد يسلب البائس الرقاد.

بنية الدلالات اللا توافقية

في ليالي الخريف….مات حتى الحفيف… تعزف الأمسيات البعاد في اكتئاب يثير البكاء.

في ليالي الخريف……شهرزاد يطغى على الحنين…اْين كنا؟ اْلا تذكر السماء.

هنالك تشابك دلالي لبنية المعنى في لغة النص,ففي الجمل التوافقية هنالك تشابك توافقي بين دلالات الخريف كمحاكاة للاْحساس بالموت,اْي هنالك توافق وتناغم بين الاْحساسين ,ولكن في الجمل اللاتوافقية ينقطع هذا الاْحساس نهائيا,الاْحساس بالزمن والمكان حتى الذكريات,اْنه اْنقطاع تام عن الوجود ,فاْصبحت لغة الشعر محصورة ومطوقة وتقف من الاْنفتاح ,نلاحظ في ذلك تقنية شعرية متميزة,فلغة الشعر وعبر جمل توافقية وغير توافقية تنقلنا من زمن الى اخر وبشكل مستمر ,الذهاب عبر الزمن والعودة منها,الاْنطلاق عبر الزمن والتوقف عن الحركة في الزمن.اْنها تقنية شعرية اْبداعية تجسد قدرة النص على خلق الزمن الشعري,وبعد ذلك الاْستحضار الدلالي,عبر تشابك بنية الدلالات بين الاْحاسيس التوافقية والغير توافقية.

المقطع الثالث

……………..

في هذا المقطع نتلمس لغة تراجعية للدلالات التي اْنتجه الشاعر في المقطع الاْول والثاني,ويصل التواصل الدلالي في هذا التشابك الذي يتصف بالرجعة الدلالية للجمل والكلمات السابقة,الى درجة عالية من الكمال ,فاْصبحت البنية الدلالية بنية تشابكية ذات صفة دائرية في الاْسلوب الشعري,عاد الشاعر الى مراجعة كلماته الجوهرية السابقة وجملها التركيبية ,ومن الضروري الاْشارة الى التغيرات التي طراْت على الكلمات السابقة وجملها ,ومن اْكثر السمات الدلالية التي اْستوعبت هذه التحولات في السمة التراجيدية والتشابكية هو الاْحساس الحقيقي والقريب من الموت ,وكاْنه مهد في المقطعين الاْولين السبيل الى اْضافات دلالية على الكلمات الاساسية في بنية المقطعين الاْول وذلك بواسطة اْساليب تعبيرية بنوية ,اْنها اْفعال لغوية تجسد مفارقات تشابكية تنقلنا من لحظات اْقل اْثارة في الاْحساس بالموت الى لحظات نتعايش مع الموت كالاتي:_

الفعل التراجيدي التحولات التشابكية البنيوية

…………… ………………………

في ليالي الخريف يطغى على الحنين يطغى على الاْسى والملال

في ليلي الخريف لا يسمع الا الحفيف لايسمع شيئا بل يحس

في ليالي الخريف يسمع حفيفا كبكاء السجين في ضلوعه ظلام القبور السجين

في ليالي الخريف يخلو و هذا السكون العميق عالم الموت حيث السكون الرهيب!

في ليالي الخريف كل أضواء ذاك الطريق سوف يمضي كما جاء واحسرتاه

البعيد حيث كان اللقاء ……………………………………………………

في ليالي الخريف حيث كان اللقاء سوف يمضي و تبقى هي فيا للعذاب!

في ليالي الخريف ربما يعود الحب ؟ سوف تحب بعده ، و تستمتع

في ليالي الخريف يسكب النور فوق ارتخاء في ضلوعه يصبح الردى

الشفاه و انحلال العناق الطويل سوف يأتي فلا تقلقي بالنحيب

التصعيد الدرامي والتراجيدي للجمل في المقطعين الاْول والثاني تمثل تسلسلا تركيبيا لبنية اللغة والاْسلوب الشعري,وكاْن الشاعر قد قام بصنعة شعرية متمازجة مع عفوية الاْحاسيس الحقيقية والمعاشة لحياته وموته وذكرياته ,اْنه نمط من التنظيم اللغوي والبنيوي المتسلسل, اْنها مفارقات لغوية تنتج اللاتوافق اللغوي,وتفرز بنى دلالية ليست موجودة في البنى السطحية نذكر منها:

1- الاْحساس الكوني بالعدم والفناء .مقابل الاْحساس بسرمدية الحياة

2-غربة قاتلة اْنتجتها الموت والاْحساس بالموت.

3-كل الامال البشرية لا معنى لها اْمام الاْحساس بالموت.

هذه الدلالات لها بنية واحدة في الاْسلوب الشعري,لاْنها مترابطة ومتشابكة الى اْقصى حد.فنشعر باْن القصيدة مكتملة من جوانب عديدة,واْنها تعاملت مع الجمل والمعنى بتناغم وتسلسل دلالي عميق.

التركيبة الحكائية للغة السرد الوصفي اللاتوافقى

…………………………………………………..

لقد اْوضحنا سابقا القيمة السردية والحكائية في الاْسلوب الشعري سنحلل في هذه الدراسة البنية السردية الوصفية في لغة النص وتاْثيراتها اللاتوافقية في البنية الخفية.

لكل بنية شعرية ,خاصية اْسلوبية تحاكي في نظامها اللغوي الاْسلوب الحكائي السردي,لماذا يظل الشعر بحاجة الى الاْسلوب الحكائي السردي؟

اذا ما اْعتبرنا الشعر بنية لغوية تتاْلف من بنى سطحية للمعنى,فمن المؤكد اْن هذه البنية اللغوية لها علاقة باْسلوب الفهم والقدرة الذهنية لدى الشاعر كتجربة حياتية قبل اْن تتحول الى تجربة فنية ولغوية,يتعلق السرد فيها دائما بالاْنماط المؤثرة لحياة الاْنسان,وما خلفتها من محطات حياتية لا يمكن التغاضي عنها لاْنها اْصبحت جزءا متلازما من وجوده كاْنسان له علاقات واسعة بالاخرين,فبالرغم من الدوافع والخصوصيات الذاتية المجردة للاْنسان ,يظل كائنا له صراعات اْبدية مع الاْشياء ومع الاخرين.

للسرد الحكائي بنية دلالية تختلف عن الاْنماط الاْخرى للاْسلوب الشعري,حيث نجد وحدة اْسلوبية متكاملة تستوعب الاْنسيابية الدلالية وتعطيها اْدوارها الشعرية,وبالرغم من تشعب هذه البنى,فاْن البنية الصورية الحدثية القصيرة والمركزة,الجمل التركيزية الخاطفة,التحول السريع في الزمان والمكان,اْمتداد الجملة ,هي مميزات سطحية لتكوين المعنى,ولكن الصفة الاْساسية التي تهيمن على اللغة تتواجد في تحويل الجملة السردية الى جملة شعرية,التكنيك الشعري الذي يظل بحاجة الى تاْملات كثيرة ,حيث يواجه الشاعر صعوبات بالغة في كيفية صياغة جمل لها مهام في سرد الحدث والوصف بلغة شعرية,تحافظ على مؤثراتها العاطفية والاْنسانية والفكرية والجمالية,وكلنا نعلم اْن معظم المحاولات الشعرية التي اْستخدمت هذا النوع من الاْسلوب الشعري ,فشلت لاْنها تجر الشاعر دائما الى بركة الاْيدولوجيا والتاْريخ,والى صعوبة معالجة هيمنة السرد الواقعي على السرد الشعري,فكلما ظهرت في لغة الشعرالسرد الاْيدولوجي والتاْريخي ,تتراجع الشعرية بقدر اْكبر,بسبب حاجة اللغة الى الحفاظ على ترتيب وتنسيق الحدث,كوحدات طارئة وضرورية للصياغة الحكائية,فكل التحولات السردية في الاْسلوب الحكائي اْنما توجدها ضرورات, كضرورة اْبقاء وتيرة الاْحداث التي لها تسلسل معنوي ومكاني وفي كثير من الاْحيان التسلسل الزمني اْيضا,ولذلك يمثل جانب من السرد الحدثي التوقف في اْنتاج الشعرية,اْو على شكل وحدات تستقل في وظيفتها اللاشعرية لضمان اْنهاء الحدث واْيصاله الى نهاياتها التي تحتاجها النص واْنتظار القراءة لمعرفة ما سيؤل اليه الحدث,والاْهم في السرد الشعري اْن يكون وظيفة الراوي وبصفته شاعرا الحغاظ على الشعرية شرط اْن لا تخرج القصيدة من الشعرية ,لاِنها كلما توغلت في الحدث السردي ستفقد قيمة من قيم الشعرية,سنطبق طروحاتنا على قصيدة للشاعر فاضل العزاوي ((حياة مع الجرذان),لتحليل الوقع الشعري واللاشعري في علاقة السرد بالشعرية.

هنالك تسلسل حدثي متعلق باْنتاج دلالات شعرية ودلالات اْستنتاجية تتولد جراء القراءة الحاذقة,اْنه تسلسل حدثي لا زمني

حياة مع الجرذان

مقرفصين في الظلام

نأكل من ماعون فوق جريدة مفروشة على الارض

كانت الجرذان تثب وتطف الطعام من بين اصابعنا

ثم تقف امام جحورها

متأهبة لغارة جديدة.

وفي الليالي الباردة

كانت تندس بين افخاذنا

فنرى جرذا عملاقا في غابة

يجر وراءه فتاة باكية

مربوطة من عنقها بحبل
في الصباحات , سامعين البلبل يغرد فوق الشجرة

كنا نحمل براميل بولنا

وندلقها في الساقية امام المخفر

عائدين بالفطور الذي اعدته لنا امرأة شرطي

ضاجعناها الف مرة في احلامنا

واذا ما حل المساء

كانوا ينادون علينا واحدا بعد الاخر

ويعلقوننا من اكتافنا بالمراوح

فتتساقط الجرذان

من طيات ثيابنا و

معولة تحت السياط .

بعد سنين او ربما بعد قرون

التقيت ثانية ذاك الذي خلفته ورائي في غابة الحب:

كان لا يزال صبيا يافعا يرتدي بيجامته كالعادة.

رفع راسه وحدق في طويلا

ثم مضى مسرعا في طريقه.

اعتقد انه كان قد نسيني في زحمة الحياة.

قصيدة حياة مع الجرذان تستند على اْحداث متتالية ومتسلسلة التركيب,من الممكن تجزئة هذه الاْحداث من الناحية الزمنية واْيضا من ناحية القيمة الموضوعية اْي محتوى الشعر,وبعد ذلك نبين البنية اللغوية الجمالية التي حافظت على اللغة وساعدت على اْن تكون النثر شعرا,والاْجزاء الحدثية هي كما نبيتها:

1- الحدث الاْول التواجد في زنزانة ما.

2- الحدث الثاني: وجود الجرذان وعلاقتها بالسجناء,

3- الحدث الثالث:الحياة مع الجرذان.

4- الحدث الرابع: خروجه من السجن ولقائه (بابنه) .

5- الحدث الذي يفجر كل طاقات النص الشعرية عدم تعرف صبيه عليه.اْو تجاهله له.ْ

اْن هذه التجزئة الحدثية هي تجزئة زمنية ومكانية ونفسية,ولكنها لا توقع اْشكالات في دلالاتها ولا في زمنها .بل جاءت كاْحداث مجردة من التساؤلات والتاْملات,واْن لها قيمة سردية سطحية تتعامل مع البنية التوافقية لحياة كل اْنسان,ومن ثم تجرد الشعر من كل الحساسيات الشعرية لدى القارىْ,ولكن وبالرغم من ذلك قطع الشاعر الطريق اْمام هيمنة السرد السطحي فكيف فعل ذلك.لقد استنجد الشاعر بالطاقة الشعرية في اْنشاء الجمل ,وبعد ذلك حول السرد السطحي الى سرد دلالي محملة برموز وصور وحساسيات اْنسانية ونفسية ,تضغط علينا ودون اْرادة منا الى التوقف والتاْمل الملي.ندرجها كالاتي:

1-الحدث الاْول: تواجد الشاعر في الزنزانة يعني تواجد سياسي واْنساني ,كشهادة لوجود سلطة قمعية,

2- الحدث الثاني: الجرذ يعيش على طعامه ويشاركه الفراش والملبس يشاركه في التعذيب,

3-الحدث الثالث فقط السلطات القمعية تتعامل مع الاْنسان بالسياط.

الحدث الرابع: الكبت العميق للاْنسان المسلوب ارادته فالسجين يحرم حتى من غرائزه وحسه ولذته..الخ

4-الحدث الرابع: اْبنه اْما لايعرفه واْما يعرفه ويتجاهله.

ليس من المستغرب اْن هذه التجزئة اللغوية لتكنيك السرد لا تمدنا بالدلالات الغير متواجدة في لغة النص,ولكنها تؤشر وبقوة الى دلالات اْستنتاجية اْخرى ليس لها وجود ضمن هذه البنى السطحية والوسطية ,ومكانها بين البنية السطحية والبنية الخفية,فهي تبقى تحافظ على بنيتها السردية السطحية بالرغم من اْشاراتها ورموزها,وبالرغم من كل هذا التسلسل الموضوعي والاْشاري ,هنالك تسلسل مفقود للبنية السردية والتي تحمل الدلالات التي نريدها من النص.ومن الممكن الاْشارة اْلى هذه الدلالات :

هنالك تسلسل حدثي متعلق باْنتاج دلالات شعرية ودلالات اْستنتاجية تتولد بعد القراءة الحاذقة,اْنه تسلسل حدثي لا زمني ,توحد جميع الدلالات والبنى المعنونية السابقة لموضوع الشعر,ولكن السمة المهمة لهذا التسلسل هو اْنتاج البنية اللاتوافقية للمعنى في لغة الشعر,هذا التطور السيمانتيكى للغة الشعر تنتج قيمة شعرية ,القيمة التي هي بمثابتة بنية لاتوافقية في الاْفعال اللغوية الاْخرى اْيضا,فنحن حين نصل الى هذا المستوى من المعنى سنستغني وبقوة عن لغة النص وعن دلالاتها السطحية التي اْنتجتها القصيدة, وهي كما يلي:

1-الحدث البنيوي الشعري الاْول: لا فرق بين الجرذ والاْنسان في مكان تسمى الزنزانة.

2-الحدث البنيوي الثاني: يفقد الاْنسان اْنسانيته في السجن.

3-الحدث البنيوي الثالث: مادام الاْنسان قد اْصبح جرذا لن يعيد اْنسانيته وماضيه

التقسيمات الاْولى والثانية هي تقسيمات تمهيدية للتحول من لغة الوصف السطحي,اْي البنى المعنوية السطحية الى اللغة الخفية في التقسيم الثالث لبنية السرد ,التقسيم الثالث ينهي اْدوارهما ووظائفها بعدما يفرغ جميع الدلالات من ثقلها المعنوي,وبعد هذه المفارقات التشابكية البنوية تتكون في قراءاتنا اْستنتاجات دلالية لاْستيعاب البنية اللاتوافقية الخفية التي تمكننا من تقسيمات اْكثر تركيزا واْكثر اْنغلاقا ازاء المعنى كقولنا:

ماذا سيكون الاْنسان اذا ما اْصبح جرذا.

كل هذه التقسيمات لمستويات الدلالة في هذه القصيدة المتشابكة البنى, كانت من اْجل التعرف على حركة الفعل اللغوي لاْحاطتها ورسمها ,ولم يكن مسعانا من اْجل تحليل المستويات الدلالية,بل التمهيد لمعرفة هذه الحركة الديناميكية للغة النص,من وجهة نظر حكائية السرد واْحتمالات توافقية لغته وعدم توافقيته اْيضا,حيث هنالك كلمات جوهرية في النص وكاْنها القاعدة الاْساسية التي بنى عليها الشاعرجميع معاني ودلالات شعره ومن ثم الاْسلوب الشكلاني السردي اللاتوافقي وهي تنتج شعرا وليس حكاية اْو سردا سطحيا,مثل :الاْنسان والجرذ يتوسطهما الزنزانة,ومن ثم الماضي,وحيث يعتمد السرد على تقسيم وظائف الكلمات وهي كما يلي:

سردية المقارنة الوصفية………………………..بين الاْنسان والجرذ

حكائية المقارنة الحدثية…………………………بين الاْنسان والجرذ

ونبين وظائفها اللاتوافقية في هذه التشابكات السردية:

الاْنسان يريد العودة لاْنسانيته…………………….ويبقى الجرذ والزانة لكل الناس,

هذه اْنغلاقة دلالية شاملة ومتكاملة البنية,فمنها تستمد الجملة الشعرية كافة التحولات السردية والحكائية لموضوع النص ودلالاته.وبعد اْنجاز هذه البنية السردية اللاتوافقية ,تخرج الثصيدة من هيمنة وسلطة الحكائية كسرد حدثي,بعد اْن تمكن الشاعر من تحويل السرد الحدثي الى سرد وصفي

وبذلك تمكن وبجدارة اْنتاج الجملة الشعرية المتكاملة.مستخدما الاْسلوب التراجيدي العميق لانه ضروري جدا لهذه القدرة الشعرية الوصفية.