لم يكن من السهل محاورة نطفة لم تكتمل كان قد رماها أحدهم في رحم أصيب بالوجع فأنتج هجينا سخيفا مـن مخلوق عكس نشأته في حواري السمسرة العلنية ، وبما أن الولد على سر أبيه ، أمسى مرآة مكبرة لوالديـــن أهملا تربيته وفق ما تربى عليه بنو البشر الأسوياء ، والسبب في ذلك أن الوالد شريب للخمر باحثا عنهــــا برأس دبوس وسط أكوام من القش ، أما الأم فشاردة هاربة من جحيم زوجها الذي لايطاق ، فأدى بها هــذا الحال إلى إدمان (الدياحة) والتسكع في الطرقات باحثة عن أحظان تحيط بخصرها أحاطة حرمت منها لوقت طويل ، أو (زعطوط ) يتولى رعايتها بأموال أبيه التي لاتنفد ، فصارت أشهر من تلك المرأة التي تغزل بها أبو نؤاس وكادت ان تكون سببا في قطع رقبته .. لم تزل المرأة شاردة هائمة على وجهها ، طريق يصدهـا وآخر يردها ، حتى ظهر فتى مراهق تلمع في عينيه نيران الشهوة والشبق .. يتمنى أن يتصيد أمرأة تتمتع بقسط من الجمال ، أو بأخرى قبيحة ، المهم أن لها معلما أنثويا يسد جوعه منها( وبعدين يحلها الحلال ) …. لايهمنا حال هذه المرأة وما فعلته لأن أمرها لايعنيني البتة فهي كسائر النساء اللواتي أصبحن ضحية أزواج كالبغال ، إنما يعنيني أمر إبنها (توم) ، وتوم هذا كبش فداء لأمه الدايحة لم يكن له هدف في الحياة سوى التشهير بمن هو أفضل منه لكنه لم يجد إليه سبيلا ، فماذا يعمل ؟ إنظم الى ثـلة مشاكسة ليتعلم منها ما يسد رمقه الفاضي من كل شئ اللهم سوى العلف ومن ثم الذهاب الى الحمام ! قرر (توم) أن يرتاد سوق الرذيلة لأشباع رغبته و الأنتقام لوالديه ، فرآى شخصا هناك رث الثياب وخم الطلعة ، كريه المنظر ، إقترب منه وقال مسلما ( هاي) انا توم .. أجابه : (هاي) أنا (قبيح) ، تشرفنا سيد هل لك ان تعلمني أصول اللعبة وخذ مني ما تريد ( الماما ) لاتبخل علي بشئ مهما كان غاليا ………… فرح القبيح بهذا العرض وهز رأسه معلنا موافقته على العرض الذي يسيل اللعاب ، قال له : أنت جاهل وأنا أجهل منك دعنا نحتك بمن هو أفضل منا لنتعلم منه ما جهلنا وحين نتعلم نبدأ بمهاجمته بجهلنا وغبائنا ، فكان لهم ما أرادوا ، فأول ضحية وقع بأيدهم هو بائع البطيخ ، أقتربا منه فقالا : ( الحكة بيش ) أجاب الرجل : إنها بدينارين ، قالا: وهل هذا البطيخ محلي أم مستورد ؟ قال الرجل : أنتما تريدان البطيخ لتأكلانه أم لتتعرفا عليه؟! .. أنتفض قبيح وصاح بوجه الرجل : أنت داعشي ناقص، زاد صديقه توم قائلا : أنت بائع بطيخ متخلف يجب علينا أبلاغ نقابة البطيخ ! ، نظر الرجل اليهما فتبسم إبتسامة لاتخلو من دهاء وخبث فقال: ( ولــــك أنت مو إبن ….. صاير فيلسوف براسي دروح أنعل أبوك لابو الخلفك ، وانت الثاني مو إبن ….. النزاح هم جاي تتفلسف براسي يلله إنقلع لاأطيح حظك وحظ ابوك ) هرب الأثنان لايلويان على شئ وفشلا في إستفزاز الرجل ، هاجر توم الى بلاد (الحرية) أما القبيح ظل هناك في ظلمة الجهل يرمي حجارة ثم يهرب.. لماذا ؟ لأنه حمار لايجيد سوى النهيق ، وهو يعلم قبل غيره أن الله سبحانه خلق الحمار وأنكر صوته ، لكنه يجهـــل السبب لنهيق الحمار ، دعني أخبرك يا سيد ( لو سمعت نهيق الحمار فأعلم أنه رآى شيطانا يسمى ……..) أظن الصورة قد أكتملت ، وان أركانها قد أتضحت ، فلم تعد سرا أو شيفرة معقدة تحتاج لحاسوب عملاق كي يفك رموزها ، الملعون معرف ، والباطل مكشوف ، وكلاهما يتقدم الصفوف ، في زمن شنون أبو الصوف وبديله ذو الشعر المنتوف والفم المزروف ، هنيئا لكم هذا التطور في الفساد والسرقات والرشى والميليشيات وأراقة الدم وهجم البيوت وأنتهاك الحرمات وقطع الأرزاق …والما يشتري خل يتفرج علىينا ونحن في ذيل قائمة التقدم ، وفي مقدمتها في التخلف والفساد والرعب ..