رثائية الدكتور عمر الكبيسي في عزاء الفقيد الدكتور شامل السامرائي رحمه الله المقام في عمان في قاعة الفاخوري (17-19 أب 2014 ) .
بسم الله الرحمن الرحيم
( يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي الى ربك راضية مرضية وادخلي في عبادي وادخلي جنتي ).
الأخوة الأفاضل الحضور :
الأخوة عائلة الفقيد ومحبيه :
ونحن في مجلس عزاء فقيدنا الدكتور شامل السامرائي رحمه الله اسمحوا لي ان نستذكر هنا أهم إشعاعاته وتطلعاته وصفاته خلال مسيرته السياسية والمهنية الطويلة لما يقارب قرن من الزمان المليء بالاحداث والتغيرات التي رافقت فترة تشكيل الحكومات والأنظمة العربية الحاكمة وما شهدته من مدٍ قومي فيما بعد الثلاثينيات من القرن المنصرم بعد تقاسم الخارطة العربية بين الحلفاء المنتصرين في الحرب العالمية الآولى على الدولة العثمانية وما اعقبها من معاهدات جائرة ومن ثم بعد الحرب العالمية الثانية وما أعقبها من احتلال ظالم وغاشم لفلسطين الحبيبة والعدوان الثلاثي على مصر الشقيقة وما تلاها من حروب وانقلابات في الوطن العربي لاحقا تنصب جميعا بشعارات توحيد الشعوب العربية المغلوب على أمرها وتحرير فلسطين من الغاصب الصهيوني المحتل .
تعايش الفقيد مع كل هذه الاحداث وذاق مرارة وحلاوة ما أفرزته من نتائج ايجابية وسلبية . وتشير سيرته الذاتية المرفقة لكل ما ناله في حياته من أحداث ومنعطفات . سواء في العراق او سوريا او فلسطين . لقد تمييز الفقيد في سيرته السياسية منها الالتزام الوطني الثابت بنهج مستقل بناء كما تمسك بنهج عروبي قومي وساهم في ارساء علاقات حميمة في الحركات القومية السياسية والانظمة العربية الحاكمة حالما بتحقيق الوحدة العربية وتحرير فلسطين .
أما سيرته الطبية والمهنية فقد تميزت باندفاعه بالالتحاق للتطوع للقتال في فلسطين عام 1947 وعمل في مستشفي ميداني والتحق به عدد من الاطباء العراقيين كالبدري والقصاب وغيرهم وبعد قيام الهدنة عاد الى دراسته في كلية الطب بدمشق ليتخرج منها عام 1952. خدم في الطبابة العسكرية ومستشفى الرشيد العسكري ثم في وزارة الصحة في مستشفى الكاظمية ثم درس في دار المعلمين العالية واستقال بعدها إبان حرب السويس احتجاجا على موقف السلطة وبعد ثورة 14تموز عام 1958 زاول العمل السياسي فاعتقل في المد الشيوعي ثم عين وزيرا للوحدة عام 1963 و وزيرا للصحة عام 1964 وبعدها وزير للداخلية في عهدي المرحومين الراحلين عبد السلام وعبد الرحمن عارف ثم اعتقل عام 1968 وأطلق سراحه عام 1970. غادر بعدها الى لندن ليتخصص من جامعة لندن بالصحة العامة عاد بعدها الى بغداد ليستمر بالعمل في عيادته الخاصة لغاية 2006 بعد احتلال العراق حيث غادر بغداد للمرة الاخيرة الى عمان حتى وفاته .
عرف الفقيد بسلوك طبي مهني قويم وممارسة مهنته بكل اخلاص زمهارة ومتابعة كما شهدت وزارة الصحة في عهده انجازات كبيره في مجال اصلاح القطاع الصحي والطبي .
شهد الفقيد الراحل دخول المحتلين في نيسان 2003 بمرارة وخيبة امل كبيرة لكل تلك المسيرة التي قضاها وهو يصبو الى بناء العراق وتقدمه ونهوضه و ودعنا وهو يقطر دما وكله هموم وآهات ومعاناة على مصير العراق المجهول ومستقبله الغامض . كان رحمه الله خلال رقوده كمريض ومتابعة حالته الصحية يؤكد على ثوابت وطنية وينشد التحرير وإسناد المقاومة الوطنية ومناهضة مشاريع التقسيم والاقاليم والطائفية السياسية ويحث على ضرورة وحدة الصف الوطني و وحدة العراق ارضا وشعبا وأهمية كشف وعزل الفاسدين والعملاء من الساسة الذين نخروا البلاد واستفحلوا بالعباد .
ايها الأخوة : يثير رحيل فقيدنا الدكتور شامل السامرائي رحمه الله ونحن نجتمع هنا في مجلس عزاءه مرحلين ومهجرين في ضيافة القطر الأردني الشقيق كنخبة وطنية وكفاءات علمية ومهنية عراقية , ضرورة التأكيد ان عراقنا اليوم يمر في مخاض وجود او لا وجود ونحن كنخب ينبغي ان نكون على درجة عالية من الثبات والتمسك بوحدة العراق والحفاظ على وحدته والوقوف بالضد من محاولات تقسيمه من خلال وحدة الصف الوطني ونبذ الطائفية ومشاريع التقسيم والأقلمة التي يتبناها الكثير من اتباع العملية السياسية الفاسدة التي وصمنا بتمثيلهم لنا فيه ظلما ومكيدة وتقع على عاتقنا اهمية التوعية الوطنية للتمسك بالمواطنة العراقية الحقّة وحب العراق العظيم والعمل على كتابة المشروع الوطني للتحرير الكامل والسيادة والاستقلال التام وطرد الاحتلال وعملاءه للنهوض بعراق موحد وآمن يسوده الأمن والسلام ويحافظ على هويته وعقيدته و وحدته . وختاما حفظ الله العراق وشعبه وأعادنا الله اليه وهو مستعيد لعافيته وأمنه .
ختاماً أخاطب روح الفقيد الدكتور شامل السامرائي بالقول :
أيها الراحل في الظرف العصيب كنت للعقل منارا وطبيب
سوف يبقى كل ما قمت به يوقد الدرب ضياءً لا يغيب
(شاملٌ) عشت بنهج ثابت رغم ما نلت من الكيد الرهيب
فلك العهد على النهج الذي فيه ما نصبوا الى نصر قريب
رحمك الله يا أبا (أندلس ) وأحسن مثواك ، وألهم أهلك ومحبيك وصحبك الصبر والسلوان وأحسن عزاءهم ، وإنا لله وإنا اليه راجعون .