يبدوا ان الحكومة العراقية وكابينتها الوزارية ,وجميع ساستها ,وتحديداً الساسة الشيعة ,كانوا بحاجة لصدمة داعش قبل سنوات عديدة وليس في هذا الوقت وذلك لغرض أعادة منهجية العمل بأروقة الحكومة وبناء دولة قوية تأخذ على عاتقها تحمل المسؤولية الإنسانية والوطنية والأمنية والأخلاقية والقانونية الملقاة على عاتقها تجاه مواطنيها وباختلاف مكوناتهم ,فدخول داعش وما حققته في الموصل وبعض المحافظات , ,فالداخلية والدفاع والمخابرات والامن الوطني بيدنا وتلتها المالية وماذا بعد ؟ أوصلت انتكاسة الموصل رسائل عديدة للمجتمع الدولي ,فالأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون وخلال لقاؤه بالسيد السيستاني قال له بصريح العبارة :انتم بحاجة لحكومة قوية ,وحكومة شراكة وطنية حقيقية ,فالسيد استقبل الرسالة بشكل واضح وبعيد المدى والأفق ,فقد طالب السياسيين وعلى لسان معتمده الشيخ عبد المهدي الكربلائي ,عدم التشبث بالمناصب ,وإيجاد حكومة قوية تستطيع مواجهة التحديات والأزمات ,وإعادة الخطاب السياسي للحكومة وللسياسة الخارجية للدولة ,وعلى صعيد المجتمع الداخلي عمقت الخلاف والفجوة بين الحكومة والشعب من جهة ,والقيادة العسكرية من جهة ,وأعطت انطباع ان هذه الحكومة غير قادرة على حماية نفسها ,فكيف تحمي الاخرين , فالرئيس الامريكي اوباما طالب بالإصلاحات السياسية حتى تتمكن الولايات المتحدة من تقديم الدعم للعراقيين للخروج من النفق المظلم الذي اصابهم بعد نوم وسبات عميق لأكثر من (11) عام ,دون الأستفادة من الدروس والعبر والتجارب التي واجهت صناع القرار من السياسيين الشيعة ,فلا خطاب سياسي موحد ,ولا رؤية سياسية واضحة لأدارة ملف الدولة ,أين الاموال التي صرفت على تجهيز المؤسسة العسكرية والأمنية مليارات الدولارات ؟وداعش لاتزال تتحكم بزمام المبادرة في الزمان والمكان الذي تريده ,الكل يغني على ليلاه وليلى لا تقرلهم بذلك,ففي لقاء أجراه الصحفي والكاتب الامريكي توماس فريدمان مع الرئيس باراك أوباما قدم رؤيته للشرق الأوسط ,وقد أخذ الحدث العراقي قسطاً كبيراً منها، حيث تحدث أوباما عن تقييمه للتجربة العراقية، وعن موقفه من التهديدات التي يتعرض لها العراق على يد تنظيم داعش,فأجوبة الرئيس الأميركي كانت مباشرة، لم يستخدم فيها العموميات والعبارات العائمة، وكأنه أراد ان يوصل تقييمه الى القادة
السياسيين في العراق بما لا يقبل إلا قراءة واضحة محددة ,أكثر الأفكار أهمية فيما يتعلق بالعراق، كان امتعاضه من تجربة الحكم الذي تولاها الشيعة، فقد اعتبرها فاشلة في إدارة الدولة، وأنهم حصلوا على فرصة نادرة لكنهم اضاعوها,واستطرد قائلا اللوم لا يقع على طرف شيعي دون آخر، فلقد كانت الكيانات والاحزاب الشيعية مشاركة في العملية السياسية من موقع القرار، فهم الكتلة البرلمانية الأكبر، ومنهم رئيس الوزراء ونائب رئيس الجمهورية ونائب رئيس البرلمان، اضافة الى معظم الوزراء وغير ذلك من مناصب مهمة في الدولة,لقد كان بمقدورهم أن يتخلصوا من عقد الماضي في زمن المعارضة، وأن يتعاملوا بعقلية المصلحة الأكبر، لا بنظرة المصلحة الفئوية والشخصية ـ التي شملت كل القادة والاحزاب والمكونات ـ سواء كانوا في المنصب أو في زعامة الكيانات.
ان تجربة الشيعة لإدارة ملف الدولة في العراق يجب ان تأخذ منحى وإستراتيجية جديدة سواء على الصعيد المحلي وألإقليمي والدولي ’فأحدى عشر سنة كافية من الزمن لتطهير المؤسسة الأمنية والعسكرية ممن القيادات الفاشلة وإعادة رسم صياغتها بما ينسجم مع التحديات والخطط التي يعمل بها الإرهاب , والنظر للملف الخدمي بعين الوقار و التقدير لاحترام كرامة المواطن والحفاظ على إنسانيته ,وخطاب سياسي موحد جامع يتسامى فوق الحزبية والمكونات بعيد عن الطائفية والفئوية الضيقة وهو ذاته الخطاب الذي يتحدث به الإقليم ,حتى نستطيع أقناع المجتمع الدولي بقضيتنا وحربنا مع الإرهاب ,لماذا تسبى النساء ويقتل الصغار والكبار هل هذا ما أردناه وما جنيناه من سقوط النظام الدكتاتوري ؟ الذي أراد ان يلغي فكر المواطن ويحوله لأداة طيعة يفعل بها ما يشاء ,ان تشرد العوائل تحت كل حجر ومدر يسكنون الجوامع والحسينيات والمدارس والناس تتعطف وتتلطف عليهم ؟فأنا ابن (المخدرات )وأنا ابن العفة والطهارة ,هل من الإنصاف ان قدري في العيش والحياة بيد من لا نعرف له حسباً ولا نسباً, وأسفاه على أبي وأمي وخالتي وعمتي وجدي الذين حرصوا على تأديبي وتعليمي وحرصوا علي من الأذى والمكروه هذا هو حالي وحال كل الأحرار في العراق ,صحيح هناك من يضحك ويتلذذ بمصيبتي وأقول له : إِذَا مَا الدَّهْرُ جَرَّ عَلَى أُنَاسٍ حَوَادِثَهُ أَنَاخَ بِآخَرِينَا فَقُلْ لِلشَّامِتِينَ بِنَا أَفِيقُوا سَيَلْقَى الشَّامِتُونَ كَمَا لَقِينَا . .