يتحدث بعض الصحفيين عن رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي بعداء شديد يفوق المعقول ويتعدى حرية التعبير ويتجاوز مدى التشهير ،في المقابل يتحدث البعض عن رئيس الوزراء المكلف حيدر العبادي بانه الفاتح المغوار أو صاحب المصباح السحري الذي سيحول العراق إلى جنة عدن! لكن هذا خطأ، الصحافة مهمتها تعكس الصورة الحقيقة وتنظر بعينين .
ويخطأ الصحفيون الذين يعتقدون أن استخدام الشتم والسب والقذف والتشهير وسيلة مريحة للتشفي والنيل من الاخر اقول هذا الكلام ليس دفاعاً عن أحد بل للحفاظ على عذرية مهنتنا ووظيفتها الاساسية في ايصال المعلومات والاراء الدقيقة.
يقع في هذا الفخ مجموعة كبيرة من الصحفيين الذين نزعوا ثوب الصحافة ولبسوا ثوب السياسية ونسوا أن الصحافة مهنة تشبه إلى حد كبير مهنة القضاء تغيب عندها العاطفة وتترسخ الموضوعية والتوازن، ويتجرد الصحفي من كل ميول الا من الذين يعادون بلدنا ويشنون علينا معارك ابادة لايردونها ان تنتهي الا عندما تجف اخر قطرة دم عراقية.
غاب في زمن المالكي ولاسيما في دورته الثانية (كُتاب التوازن) وبرز كُتاب مسيسون تحركهم مشاعرهم وعواطفهم بنقل المعلومات غير الدقيقة،المهم انتهت المرحلة السابقة وكما يقولون نحن اولاد اليوم ، السؤال في ظل هذا الدعم الدولي والاقليمي للعبادي هل ستتوقف المؤسسات الاعلامية عن تهييج الشارع واشراكه في الازمات وتصدير المصطلحات الطائفية إليه والعمل برؤية مهنية وعميقة في نقل الاحداث والاراء والمعلومات أم أن الامور ستبقى على ماكانت عليه في زمن المالكي.
بعض المشاكل ليست لها علاقة بشخص رئيس الوزراء بقدر علاقتها بالعيوب التأسيسية للعملية السياسية والحاجة إلى إعادة نظر بجميع القضايا المتوارثة من الدورات البرلمانية السابقة بعيدا عن الحوارات المشرروطة والقرارات الجاهزة او الحلول الترقيعية او النصوص الدستورية المفخخة واتمنى أن يكون الترحيب الدولي والاقليمي للمرحلة القادمة وليس لانهاء حكم المالكي ليواجه العبادي ذات المشاكل التي واجهت المالكي في الدورتين السابقتين.
شخصيا متيقن أن بعض الصحفيين الذين باعوا اقلامهم وذممهم للكتل السياسية أو لدول اقليمية سيتحركون وستعود اقلامهم النائمة الان لتسود كل اضاءة بعد أول احتكاك بين العبادي والجهات التي اشترت ذممهم.
العبادي لايحتاج اليوم إلى مدح أو تصفيق أو تبجيل من الصحفيين بقدر حاجته إلى تشخيص الخلل وتوضيح الرؤية ومساعدته في صياغة البرنامج الحكومي والعمل على مصارحة عندما يخطأ وتثمين جهده عندما ينجح واعتماد لغة نقدية الغاية منها تصحيح المسار لاطموحات شخصية.
في المقابل يحتاج رئيس الوزراء المكلف إلى تفهم العمل الاعلامي والتعامل مع الصحفيين بجدية وكسر الحواجز معهم والاستماع إليهم بجلسات متواصلة وعقد اجتماعات مشتركة مع المؤسسات الحكومية على سبيل المثال ان يدعو الصحفيين ويدعو بنفس الوقت المسؤولين في وزارة الداخلية ويتم الحديث بالمكشوف وبلا قيود عن هذه الوزارة ورؤية الصحفيين عنها والمطلوب منها ويستمر على هذا النهج مستندا في ذلك على اطلاعه على وظيفة الاعلام البريطاني بحكم معيشته هناك، الكتابة في زمن العبادي مسؤولية كبيرة ولن يرحم التأريخ الصحفيين الموجهين الذين يمضون “عميان ” خلف ارداة مموليهم … الكتابة في زمن العبادي لاتقل خطورة عن الكتابة في زمن الحكومة المنتهية ولايتهاالتي شاعت فيها الاشاعات والاوهام وتسببت في ارباك الوضع الامني.